• 28 كانون أول 2018
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : فراس الراعي 

 

يقول محمود درويش:
" قلت له مرة غاضباً : كيف تحيا غداً ؟
قال: لا شأن لي بغدي .. إنه فكرة
لا تراودني.
وأنا هكذا هكذا لن يغيرني أي شيء
كما لم أغير أنا أي شيء ..."

في الأيام الأخيرة من شهر كانون الأول (ديسمبر)، قد يصل بعضنا إلى الحال الذي وصفه محمود درويش في شعره وهو من أسوأ الأحول، أو ما يحصل مع معظمنا هو أننا نضع أنفسنا في حالة مزاجية معاكسة، كيف؟
بعض الأسئلة التي تلح علينا مثل: كيف مضى هذا العام؟  وهل حققت أفضل النتائج المرجوة منه ؟ وهل سأستطيع تحقيق نتائج أفضل في العام المقبل؟
هذه الحالة المزاجية المعاكسة بطرح الأسئلة يجب أن نستخدمها على أكمل وجه.

 نحن نسير بسهولة في السنة، ثم يبدأ الزخم في آخر العام وكأننا نصحو من النوم نقول لأنفسنا: هل مضى 12 شهراً بحق؟!
 وماذا فعلت في كل تلك الأيام التي مضت؟! ولهذا السبب يجب أن تستثمر بضع ساعات في نهاية العام لتتأمل في كل ما عايشته وحققته واكتشفته خلال 12شهراً الأخيرة حتى تتمكن من الإغلاق الكامل للسنة الماضية.


قد تكون هذه الساعات أكثر الساعات قيمةً لك في عام 2018، لأنك ستتخلص من "حالة المعاكسة" في داخلك كما أسميها، لتحصل بعد ذلك على اتجاه مثالي حول ما يجب تحسينه في عامك القادم.
 وأنا هنا لا أنظّر عليكم بصفتي محللاً نفسياً أو مختصاً بالتنمية البشرية بقدر ما أشارككم تفكيري وتجربتي لعلي أساعدكم وتساعدوني.
يقول أحمد شوقي:
"لا ريب في أن الحياة ثمينة
 لكن نفسك من حياتك أثمن".

اقترح عليك قبل رأس السنة بيوم أو يومين مثلاً أن تبقى في المنزل أو تذهب إلى مكان هادئ. في الحالتين الغاية هي أنه يجب أن تكون مع نفسك، تحتسي مشروبك المفضل، وتأتي بورقة بيضاء أو أكثر من ورقة، وتستمع إلى موسيقى هادئة، ثم تفكر في الأسئلة أدناه التي سأطرحها عليك، والتي أتمنى أن تكتبها وتجيب عنها على الورقة أمامك في ذلك الوقت.

وسؤالي الأول لك إذا كان عليك وصف هذه الأشهر الـ 12 السابقة من عام 2108 في جملة، بماذا تصفها؟
جوابك مبدأياً على هذا السؤال قد يكون رد فعل أولي يمكن أن يكون حقيقياً أو ليس حقيقياً من المهم أن تعرف ذلك، لأنه سيساعك لاحقاً على اكتشاف مدى مبالغتك أو موضوعيتك، بكل الأحوال إجابتك عن الأسئلة القادمة قد تمكنك من تعديل إجابتك عن هذا السؤال إذا لزم الأمر.

ضع قائمة على الورقة بكل ما يمكنك تذكره من الأحداث الهامة التي حصلت لك، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ليست هناك حاجة لكتابة هذه الأحداث بشكل منظم، المهم أن تستمر في الكتابة.

ربما يكون هناك أمور قد عالجتها خلال العام، ولكن ربما بعضها بقي عالقاً. أنصحك أن لا تترك شيئاً معلقاً إذا أردت أن تشعر بالتحسن الداخلي وإذا ما كتبت هذا الأمر العالق أمامك سيساعدك ذلك على مواجهته لتجد حلاً له في المستقبل.

سؤال آخر ما هو الفوز الذي حققته في السنة الماضية؟
النجاح يعني بذل قصارى جهدنا مع ما لدينا من إمكانيات وهو معيار شخصي، يصل إلى أعلى ما هو فينا، ليصبح كل ما يمكن أن نكونه.
إذا حددت أهدافاً في وقت ما من السنة الماضية، فهذا هو الوقت المناسب لمعرفة ماذا أنجزت.
في الوقت الحالي أكتب ما أنجزته ولا تركز على الأشياء التي لم تفعلها، وعلاوة على ذلك أسأل نفسك ما هو الإنجاز الأكبر الذي تفخر به؟ لماذا؟
أرسم إطاراً حول الإنجاز الذي كتبته لتمايزه عن باقي أعمالك فمن الجميل أن تشعر بفخرك واعتزازك بما أنجزت.
يقول عنترة بن شداد:
"هلا سألت الخيل يا ابنة مالك   إِن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقيعة أنني   أغشى الوغى، وأعف عند المغنم"

ما هي الأخبار الرائعة والمجاملات التي حدثت معكم هذا العام؟
يمكن أن يكون أي شيء من العلاقات ، الأسرة ، العمل ، المال ، الصحة ، حاول أن تتخيل كل واحد منها وتكتبها بالتفصيل.
لاحظ كيف أن التفكير بها يبرز الابتسامة على وجهك تذكُر تلك المواقف يشعرنا بالسرور.


من هم الناس الذين اهتموا بك؟
فكر في الأشخاص الذين لعبوا دوراً مهماً في حياتك هذا العام. لا تحد نفسك إلى مقدار الوقت الذي أمضيته معهم، أو مدى قربه.
ربما تكون قد أجريت محادثة رائعة مع شخص غريب أعطتك إحساساً رائعاً، أو ساعدك شخص ما عند الحاجة إليه.
ربما تفاوتت درجة الاهتمام بك من قبل الناس خلال العام الماضي ولكن لابد أنك شعرت بأن هناك شخص أول يعتمد عليه دائماً فمن هو؟
بمجرد إجابتك عن هذا السؤال هذا الشيء سيحفزك لكي تتحسن علاقاتك بشكل كبير مع هذا الشخص وأي شخص آخر في حياتك. لأنك ستكون شاكراً، وسوف ينعكس على علاقتك معه.



يقال: "فقط أولئك الذين يجرؤون على الفشل إلى حد كبير يمكن أن يحققوا الكثير من أي وقت مضى."
سأسألكم أيضاً  أسئلة ليست ممتعة مثل الأسئلة السابقة، لكن من المهم أن تكون على بينة بأكبر التحديات والأخطاء التي واجهتها هذا العام.
ما هي الأفكار أو الأهداف التي لديك والتي لم تحدث؟ لماذا؟
ما هي أكبر ثلاثة أو أربعة تحديات واجهتها، سواء في الحياة الشخصية أو المهنية؟
هل منعك شيء ما أو استخدمت "الأعذار" أكثر من اللازم؟
هذه الأسئلة ستساعدك في الحصول على الصورة الكبيرة التي أريدك أن تراها من خلال مجموع الأسئلة التي أطرحها عليك.


لننتقل الآن بالأسئلة إلى الأمام قليلاً.
ما هي الدروس التي تعلمتها هذا العام؟
في هذه المرحلة ليس فقط يجب أن تكون لديك استنتاجات حول الأشياء التي سارت بشكل رائع، ولكنك سترى أيضاً بشكل موضوعي تلك التي لم تكن جيدة.
يقول أحدهم " كنت أبكي لأنني أمشي بدون حذاء، و لكنني توقفت عن البكاء، عندما رأيت رجلاً بلا قدمين لذا دائما قل: الحمد لله على كل شيء."

 

ما الذي يمكنك أن تنقله معك من 2018 لعام 2019؟
لا يجب أن تفصل ماضيك عن حاضرك ومستقبلك، ولكن احرص على نقل الأشياء المثيرة والتي تساعدك على الابتهاج، أو التي توطد الحب لديك مع احدهم، أو تشعرك بالحماسة تجاه مشروع ما بدأته وتريد أن تكمله في العام القادم.
يقول طه حسين مخاطباً زوجته سوزان: "إننا سوف نسير من جديد، أقوياء بهذا الحب نحو المستقبل، الذي ربما سيشبه الماضي، أو لعله سيكون أفضل منه أو ربما سيكون أسوء منه، ولكن ما همنا؟! سوزان، لنتابع المسير، أعطني يدك."

بعد أن عدت مع نفسك إلى تلك اللحظات المتغيرة من العام الماضي أظن أنه باستطاعتك أن تكتب سيرة ذاتية قصيرة عن نفسك الآن ماذا سوف تقول؟
كيف تصف نفسك؟ ما أفضل شيء عنك؟
فكر في ذلك !
حتى لو كانت السنة الماضية سنة صعبة ومع ذلك أعرف أنه يمكنك العثور على شيء واحد على الأقل جيد أذكره.
ما الذي أنت ممتن من أجله؟
لهذا السبب من حين لآخر تحتاج إلى التوقف وتذكير نفسك بكل ما تشعر بالامتنان تجاهه.
يقول أنيس منصور: "ليس كل ما تواجهه يمكن تغييره، ولكن لا تغيير بلا مواجهة". 

 

بعد هذه المرحلة ستكون قد أجبت عن الكثير من الأسئلة وربما الإجابات اتسعت في ورقة أو أكثر، ستشعر على الأرجح بالإرهاق بعد ذلك، وهذا أمر طبيعي.
اقتراحي النهائي هو أن تترك هذه الورقة لبعد رأس السنة بيومين أو ثلاثة  ثم تعيد قراءتها حتى يمكن استيعابها بشكل أفضل بعدها على الفور ضع قرارات العام الجديدة.
 وإذا أحببتم صوروا الورقة بهواتفكم المحمولة بعد أن كتبتم عليها الإجابات عن الأسئلة التي طرحتها عليكم، وشاركوها على صفحاتكم مع رابط هذا المقال، وتمتعوا بتفاعل أصدقائكم معكم لعلكم تتشاركوا وإياهم أفضل التجارب من أجل عام جديد تتحقق فيه كل أمانيكم، وكل عام وأنتم سعداء مع أنفسكم ومع الآخرين.