• 24 شباط 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم القاضي المقدسي: فواز ابراهيم نزار عطية 

 

ليس من قبيل الصدفة أن تقف وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية السيدة رولا معايعة بحضرة والدي السيد ابراهيم نزار عطية في نهاية عام 2017 في مدينة بيت لحم، وتُقدم له درع التكريم لإنجازاته في الصناعة السياحية في فلسطين منذ عام 1946.

كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن تقوم نقابة الادلاء السياحيين الفلسطينية بتنظيم حفل وتوزيع الدروع على من ساهم في هذه الصناعة من خلال تلك الوزارة، بل ليس من قبيل الصدفة أن يكون التكريم وآلية تنظيمه في تلك الفترة وبإصرار من القائمين عليه وعلى رأسهم السيد داوود مناريوس الدليل والمرشد السياحي الشاب المسيحي القبطي من ابناء البلدة القديمة من القدس، الذي كان له هدف سام ووحيد يتمثل في أن فلسطين كانت وما زالت على البال وأن السياحة العربية الفلسطينية وتنظيم قطاعها كان منذ زمن بعيد، زمن قبل قيام دولة اسرائيل والشاهد على ذلك احد روادها الحاج ابراهيم عطية.

الحاج ابراهيم نزار ابراهيم عطية من مواليد القدس في شهر حزيران من عام 1929، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة الفرير بالقدس- باب الجديد- واتقن اللغتين الانكليزية والفرنسية بالاضافة للغة الام وهي العربية، وتتلمذ على يدي والده المرحوم الشيخ نزار ابراهيم عطية الذي كان الاخير احد طلاب مدرسة الفرير الثانونية وتخرج منها عام 1926، حيث عمل الشيخ نزار في السياحة منذ عام 1926 وكان دليلا سياحيا منذ ذلك التاريخ- ابان الانتداب البريطاني- ثم افتتح اول محل سنتواري في القدس في حي الطالبية القريب من المعسكر الانكليزي عام 1933، بحيث كان أول مسلم عربي يعمل في مجال التجارة والصناعة السياحية، وبعد ذلك افتتح محل سنتواري عام 1945 بجانب كنيسة القيامة – من جهة سوق الدباغة-  وتوسع في تجارته إلى أن اصبح يملك اربعة محلات تجارية في سوق افتيموس بجانب كنيسة القيامة، حيث عمل بعض من ابنائه معه والبعض الاخر ترك هذا المجال في سبيل الالتحاق بالعلم، ومكث الحاج ابراهيم واستقر في احدى المحلات الاربعة في عهد ابيه ومن بعده حتى منتصف العام 2016.

الحاج ابراهيم عطية حمل لواء السياحة العربية الفلسطينية منذ نعومة اظافره لحبه للقدس واهلها، واستمر في حمل هذا اللواء تتويجا لرحلة بدأت منذ عهد والده الشيخ نزار، وسار على هذا النهج احد ابنائه ويدعى السيد عمار بن ابراهيم عطية الذي تلقى لواء السياحة أبّا عن جد، وهو مازال على هذا النهج، نهج الآباء والاجداد يعمل كمرشد سياحي وصاحب محل تجاري بجانب كنيسة القيامة.

في الختام، ارى أنه من باب الامانة العلمية أن أنقل ما شاهدته بعيني في العام 1999 عندما زار الرئيس الامريكي بيل كلينتون القدس وعلى وجه التخصيص كنيسة القيامة والوفد المرافق له من مسؤولين وحراس، بحيث وقف الرئيس الامريكي للسلام على والدي بعد أن عرّف عليه أحد الادلاء السياحيين الاسرائيلين، وقدم والدي على أنه أقدم دليل سياحي عربي في القدس، وما كان من احد الحراس إلا أن حاول منع التصافح، الامر الذي جعل والدي أن يقول للرئيس بيل كلينتون بلكنته الامريكية " أنه على حارسك أن يتعلم اصول الحراسة وأن يدرس تاريخ عمر بن الخطاب عندما جاء فاتحا للقدس عام 637 ميلادي، حيث استقبله بطريرك القدس، وحضر عمر بن الخطاب ماشيا وخادمه راكبا على البعير تواضعا ورأفة بخادمه، مما جعل من استقبال بطريرك القدس للراكب وليس للماشي ظنا منه أن الراكب هو عمر بن الخطاب، وعندما علم البطريرك أن الراكب هو الخادم والمخدوم الماشي هو عمر، ايقن البطريرك سبب نصر المسلمين فسلّم المدينة وهو مطمأن. الامر الذي جعل الرئيس وحاشيته يصفقون لوالدي وتقدم الرئيس الامريكي معتذرا عن تصرف حارسه.

والأمر الثاني أن بعض المسؤولين في وزارة السياحة الاسرائيلية، اصروا على تقديم بطاقة دليل سياحي ذهبية لوالدي بداية عام 2018 دون أن يكون لها تاريخ انتهاء، اعترافا وعرفانا منهم: بأن والدي عمل في قطاع السياحة في فلسطين منذ عام 1946،  واستمر والدي في ذلك القطاع حتى نهاية شهر كانون ثان من عام 2019، حيث توفاه الله في بداية شهر شباط من عام 2019، وبارك الله في شقيقي عمار الذي تسلّم ذات اللواء أبّا عن جد.