• 27 نيسان 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم القاضي المقدسي : فواز ابراهيم نزار عطية

 

وجدت من المناسب بزمان أن اضع اسمي بصورة كاملة (فواز ابراهيم نزار عطية الشهير زريق السافوطي من اولاد دبوس)  في هذا المقال وفق ما هو ثابت في سجلات المحكمة الشرعية إبان الدولة العثمانية العريقة التي حكمت البلاد ما يزيد على اربعة قرون، ذلك الاسم المحفوظ في سجلات المحكمة الشرعية حتى اللحظة، للبدء في كتابة مقالتي هذه حول الموضوع اعلاه، لأبين للقارئ الكريم، مدى حاجتنا جميعا للتركيز على الواقع الثابت في سجلات المحكمة الشرعية.

تلك السجلات الزاخرة بالمعلومات الحقيقية الغائبة عن كثير منا، سببها شُح المصادر وتعقيدات الحصول على المعلومة من بعض المسؤولين، جعل بعض الصحفيين وكذلك اهل البلد من الجيل الجديد يقع بين الغلط والخلط في تسمية المواقع الاثرية بالقدس الشريف.

ومن هذا المنطلق تم الكشف قبل يومين من خلال تقرير إسرائيلي عن مشروع لترميم بركة البطرك كما ورد من المصدر الاسرائيلي، علما أن الصورة التوضيحية محل مشروع الترميم  لا علاقة لها ببركة البطرك.

حيث أن الصورة التوضيحية محل مشروع الترميم، هي بركة مائية تقع ضمن وقف صلاح الدين الايوبي رحمه الله، أي ضمن اوقاف الصلاحية، وحاليا تعرف باسم بركة خان الاقباط وهي واحدة من أكبر وأقدم البرك بالقدس داخل أسوار البلدة القديمة تقع على مساحة ثلاثة دونمات من الجهة الغربية  لحارة النصارى في مدينة القدس المحتلة.

كما أن بعض الصحف الإلكترونية المحلية أشارت لخبر ترميم البركة تحت مسمى "مشروع ترميم بركة السلطان".

الخلط في تحديد المواقع بين بركة السلطان وبركة البطرك والبركة الصلاحية محل مشروع الترميم، دفعني لخط مقالتي بالاسم الوارد اعلاه للتأكيد على أن الجيل الجديد من اهل القدس و للأسف مُغيب عن أمرين: التاريخ وتحديد المواقع.

إن البرك جميعا كانت سابقا تهدف لتوفير المياه لسكان البلدة القديمة، لكن مواقع كل بركة وفق ما هو ثابت في سجلات المحكمة الشرعية مختلف عن الآخر، فموقع بركة السلطان حاليا يقع على الجانب الغربي لسور القدس اسفل مدخل باب الخليل ب 500 متر تقريبا، يحدها جورة العناب من الجهة الشمالية، أما بركة البطرك وفق ما هو ثابت في سجلات المحكمة الشرعية تقع عند مقر دير الروم الكاثوليك الملكيين بجانب مدرسة مار متري وكانت المنطقة سابقا تُسمى رحبة ( الارض الواسعة) ابن عز الدين التي يقع فيها الاوقاف الذُرية لأجدادي منهم وقف ناصر الدين محمد بن دبوس الحارثي الثابت في السجل رقم 30 ص 59 سنة 962هجري.

بينما بركة الصلاحية أو ما اشتهر على تسميتها من بعض ابناء البلد ببركة خان الاقباط، بالنظر لاحاطتها ببعض العقارات التي تخص اوقاف طائفة الاقباط المسيحية المصرية، فهي أكبر البرك الموجودة في البلدة القديمة في القدس واكثر المعالم التاريخية والاثرية التي بحاجة للترميم والتنظيف، وبما أنني لست بصدد الحديث عن سبب اهمال تلك البركة لسنوات عديدة التي اعرفها حق المعرفة منذ صغري، لكن توقيت الترميم  والمساهمين فيه وفق تقرير القناة 13 العبرية  يضع ألف علامة استفهام على كل من ينوي المشاركة في الترميم مع سلطات الاحتلال، بل يجب على ادارة الوقف الاسلامي ومتولي وقف الصلاحية وكل من له حقوق ادارة على تلك البركة وفق صحيح واقع سجلات المحكمة الشرعية، أن يعمل بجد واجتهاد لإنقاذ هذا المعلم الاثري والتاريخي، ليكون التعاون مسيحيا اسلاميا فقط  من خلال دير الاقباط والوقف الاسلامي ومسؤول ادارة الوقف الصلاحي، وإلا فإن التاريخ لا يرحم.

في الختام أكرر ندائي لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية من خلال مكاتبها في القدس وكذلك مسؤولي المحكمة الشرعية، ليتم تخصيص فقرات تعليمية خاصة لطلاب القدس تحت مسمى واقع سجلات المحكمة الشرعية في تبيث تاريخ المدينة المقدسة، ولتكون هذه الفقرات ضمن أُسس ومنهاج الانجاز"التوجيهي الفلسطيني"، ومنح الطلاب فرصة التعرف على واقع تلك السجلات وحثهم لعمل ابحاث ومطابقتها بالواقع مع المتخصصين في علم التاريخ والآثار والسياحة، وعلى أن تفتح المحكمة الشرعية سجلاتها للطلبة ولكل باحث في سبيل الحفاظ على التراث والوقف المقدسي.