• 30 نيسان 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : د . مهند مبيضين  


رحل الشيخ المناضل زكي الغول رحمه الله في عمان اول أمس، بعد سيرة وطنية كبيرة، قضاها في عمل الخير والبر والإحسان، شاباً ومبتدئاً حياته في القدس، التي ولد على مقربة منها في قرية سلوان عام 1926. معنى هذا أن طفولته ووعية تشكّلا في زمن الثورة الفلسطينية، وكان شاهداً على زمنين حرجين هما النكبة والنكسة.

عاش الغول كلّ الإخفاقات في مسيرة التحرير الوطني، وبعض الانتصارات في  مسارات القضية الفلسطينية، ووعى جيداً خيبات العرب ووعودهم وسعيهم الحثيث للتسويات المجحفة للتاريخ، وظلّ ممثلاً لامانة القدس في اللقاءت والمنتديات العالمية الخاصة بالبلديات، فأمانة القدس التي تولاها هي مؤسسة مجتمعية فلسطينية لها مجلس تمّ انتخابه العام 1963 وبقي على ممارسة مهامه الوطنية والعربية بعد الاحتلال.

وفي زمن ما بعد الاحتلال، أبعد الأمين الأول للمجلس المرحوم روحي الخطيب، في أذار 1968، بأمر من موشي دايان، ولاحقا جرى مصادرة ومباشرة الأراضي والعقارات العربية داخل القدس وما حولها، وبقي روحي الخطيب ورفاقه ينافحون من اجل مدينتهم، وكان الرفاق الأربعة في مجلس الأمانة مع الاستاذ روحي الخطيب بعضهم بقي داخل فلسطين والآخر خارجها، منهم إثنان في عمان هما المرحوم الحاج زكي الغول، والشخصية الثانية الدكتور صبحي سعد الدين غوشة الذي بقي يعمل الكثير وما زال لاجل القدس، وكان يقيم ندوة سنوية لمنتدى بيت المقدس، وقد عملنا معه في المدارس العصرية بين عامي 2001 و2003 على مسابقات لاجل تثبيت القدس في ذاكرة الناشئة.

كان الراحل الحاج زكي الغول، رجل القدس الفاعل في الأعمال الخيرية والمنتديات العربية والعالمية، وهو خير ممثل لها، ولذلك عينته منظمة التحرير أمينا للقدس في الأردن، وكان الأمانة مرتبطة به، وبسيطة وغير متكلفة ولا تحشد المال على اكتاف القضية، بل إن الحاج زكي كان ينفق ويدفع من جيبه لاجلها ولاجل تمثيلها.

عاش الحاج زكي الغول المشهد الوطني الاردني أيضا، واسهم به كرجل اعمال واقتصاد وطني ونزيه وبعيد كل البعد عن شبهات الفساد في الاقتصاد، وأسس مجموعة اقتصادية شامخة، وهو مهتم ومولع في التاريخ والبحث في التراث.

 اصدر كتابه الموسوم بـ»كولومبس المخادع: العرب كانوا هناك» وأكد فيه على أن العرب سبقوا بقية شعوب العالم في اكتشاف القارة الاميركية ولا صحة للمزاعم الغربية من ان البحار الاسباني كريستوفر كولومبوس هو اول من وصل البحر الكاريبي قرب اميركا.

رحم الله الفقيد الكبير، فقد كان رجل مهمات مقدسية بامتياز، صاحب دماثة وخلق، ورجل إحسان ومبرات، له الرحمة والمغفرة باذن الله.

عن الدستور