• 14 آيار 2019
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم القاضي المقدسي :  فواز ابراهيم نزار عطية

 

استهل حديثي بما لفت انتباهي في الخبر الاول في احدى الصحف الاكترونية فجرهذا اليوم منقولا عن روسيا اليوم، يتعلق بالإعلان الذي وضعته منظمة "كسر الصمت" غير الحكومية الإسرائيلية المناهضة للاحتلال على لوحة إعلانية ضخمة بجانب أحد الطرق الأكثر ازدحاما في تل الربيع التي يطلق عليها اليوم تل ابيب. هذا الاعلان يشيرإلى استضافة إسرائيل لمسابقة "يوروفيجن للأغاني لعام 2019 "، ويدعو الاعلان لتقديم جولات سياحية للزوار الأجانب، لإطلاعهم على واقع الحكم العسكري الاسرائيلي الذي يخضع له الفلسطينيون في القدس و الضفة الغربية.

حيث تدعو اللوحة الزوار لمشاهدة الصورة الحقيقية والكاملة ابتداء من اليوم (14/5/2019) من خلال جولات يومية للضفة الغربية  للوقوف على الوضع الحقيقي لمعيشة الفلسطينيين وكارثة الجدار العنصري المقام عليه ابراج مراقبة وعدد من الحواجز العسكرية الفاصل ما بين الضفة الغربية والقدس ومناطق عام 1948.

وما زاد من شدة انتباهي العبارة الموجه لكل زائر" نحن سعداء لأنك جئت للإحتفال معنا... استمتع بالشواطئ والشمس والحياة الليلية المثيرة، لكن هناك وعلى بعد ساعة من مكان الفندق الذي تقيم فيه أراض محتلة يعيش فيها ملايين الفلسطينيين وتدار تحت حكمنا العسكري".

هذا الاعلان وإن جاء متأخرا بحيث قد يكون له تأثيرعلى الناخب الاسرائيلي فيما لو وضع في بدايات شهر نيسان المنصرم، لكن علينا كفلسطينين وبالذات الحكومة الفلسطينية استغلاله محليا في الشارع الاسرائيلي ودوليا للتأكيد على أن هناك ما زالت طائفة من الاسرائيلين تشعر ببعض آلام الفلسطينيين وأنه لا مناص من ارجاع الحق للفلسطينين.

في الوقت ذاته - وكنتيجة  لرغد العيش الذي يعيشه الاسرائيلي سواء في مناطق عام 1948 أو في القدس المحتلة او في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية اوعلى هضبة الجولان السورية المحتلة- هناك الفلسطيني الصامد والمرابط من ابناء الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يعيش حالة من التقشف العميق نتيجة ظروف سياسية ومالية فرضت عليه من الجانب المحتل تتعلق بشروط دخول القدس من حيث الجنس والعمر والوقت وجميعها مربوطة ارتباطا وثيقا بما يسمى الشرط الأمني" المانع الامني" ليتم منح تصريح دخول للقدس، واستثناء من بعض تلك الشروط فيسمح بدخول القدس من سن 40 فأعلى للنساء دون تصريح في اوقات محددة من السنة تتمثل بأيام الجمع خلال شهر رمضان المبارك وعددها اربعة أيام فقط في السنة، كما ويسمح للرجال فوق سن 45 بدخول القدس في ذات الايام المذكورة، اما باقي ايام رمضان فيسمح بدخول القدس تحت شروط سبق ذكرها لهدفين: دعائي أمام الرأي العام العالمي وآخر مالي لينفق بعض ميسوري الحال من الشعب الفلسطيني اموالهم في الأسواق.

فإذا كانت الحياة لدى الجانب الاسرائيلي على قدر كبير من الصخب والاثارة في الليل، لماذا يُحرم الفسلطيني سواء أكان من اهل القدس أو ممن أتى اليها زائرا من مسلمي تركيا أو اندونيسا أو حتى ابن قطاع غزة أو ابن الضفة الغربية  للتعبد والاعتكاف في المسجد الاقصى في ليلة تتسم بالسكينة والهدوء؟ فهل في عبادة الاله الواحد الاحد والتضرع اليه في جوف الليل تحمل في طياتها ازعاجا وصخبا مثلما ما تحمله الآلات الموسيقية بمكبرات صوتية ذات فولتج عال جدا والتسكع في الشواع والترنح بها وما تحمله من اعتداء على حرية التنعم بالهدوء ؟ أم أن ارادة الادارة المحتلة فوق ارادة الله ثم فوق ارادة ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي نص على حرية العبادة وحرية المعتقد.

لا يسعني في هذا المقام إلا أن أذكر ما يثلج الصدور عندما نشاهد بعض من ابنائنا من الضفة الغربية يشق عليه الوصول للقدس، فيخاطر بحياته ويتصلق جدارا ارتفاعه 9 امتار لينافس في شد الرحال إلى القدس ولينال بعض الركعات بين يدي ربه في الصفوف الاولى ، متسلقا عبق الحرية فكريا وجسديا لا يخاف مشقة الصعود وهول النزول من جدار سيزول مهما طال نصبه على حواف المدينة المقدسة، فهذا يدل على حجم وعِظم مكانة القدس في عقول وافئدة ابنائنا وإن كانت عُسرة الحياة ومشاكلها وشح الموارد المالية للغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني، وليس ادل من ذلك هو عدد المصلين الذين وصلوا لرحاب المسجد الاقصى في الجمعة الاوى من رمضان 1440 هجري شارف على 200الف مصلي فكيف سيكون الامر في الجمعة القادمة والتي ستليها؟

واخيرا اذكر الادارة المحتلة بالآية الكريمة " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (البقرة:114.