• 25 آيار 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم القاضي المقدسي :  فواز ابراهيم نزار عطية

 

استهل حديثي بالدعاء الطيب وفق ما ورد في الأثر "اللهم اجعل أول رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار"، فما أجمل هذا الدعاء وما أجمل تطبيقه على أرض الواقع بدعم القدس وأهلها ولو بزيارة خاطفة والصلاة فيها.

في هذه الأيام يتزاحم عدد كبير من ابنائنا واخوننا في الضفة الغربية للتوجه للديار المقدسة في بلاد الحجاز لأداء مناسك العمرة، وكما هو معلوم في هذه الايام الأسعار خيالية، ناهيك على مشقة السفر وقطع مئات الاميال للوصول للديار الحجازية بعد قطع الحدود الفلسطينية التي بحد ذاتها قصة مستقلة في المشقة والتعب بسبب اجراءات سلطات الاحتلال على المعابر الدولية.

ندائي في هذا المقام موجه لإخواننا المعتمرين من ابناء الضفة الغربية وكذلك ابنائنا من قطاع غزة ممن يستطيع سبيلا بضرورة تحويل بوصلة بلاد الحجاز إلى القدس، سيما أن الغالبية من المعتمرين أدوا مناسك العمرة سابقا.

فكما هو معلوم المسافة ما بين اقصى في مدينة الضفة الغربية والقدس لا تتجاوز 115 كيلو متر والمسافة ما بين القدس وجنوب الضفة الغربية لا تتجاوز 50 كيلو متر والمسافة ما بين القدس ورفح لا تتجاوز 128 كيلو متر، أي أن الفترة الزمنية  للوصول للقدس في اقصى حد لأطول مسافة لا تستغرق الساعتين، وبالنسبة لفضل الصلاة في بيت المقدس فالمشهور لدى أهل العلم أنّ فضل الصّلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وذلك لما رواه الطّبرانيّ والبزّار بإسناد جيّد عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، "فَضْلُ الصًّلاَةِ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ المَقْدِسِ خَمْسُمِائَةِ صَلاَةِ".

لذلك على وزارة الاوقاف الفلسطينية والقائمين عليها ودوائر الوعظ والارشاد أخذ زمام المبادرة وتوجيه المعتمرين بما يحقق السياحة الدينية في القدس من باب القياس الأولى فالأولى، لأن مناسك العمرة ليست من أركان الاسلام، فضلا على توفير المال والوقت والجهد، وبذات الوقت التوجه للقدس بحد ذاته رباط ودعم لأهلها، وكي لا اطيل فمن الناحية الاقتصادية اوفر بكثير وأن كانت هناك نية للمبيت في القدس لمدة يومين فالتكلفة المادية لن تتجاوز 140دينار لمن يرغب في الاقامة بالقدس لمدة يومين شاملا لجميع الوجبات الغذائية وقتي السحور والافطار.

الامر الذي يجعل من هذا التوجه تحقيقا للتعاضد بين ابناء الوطن الواحد من الناحية المعنوية واقل تكلفة بمئات الدنانير وحفظ الاموال داخل البلد ومشقة لا تذكر، فلو انفق كل من زار  القدس 10 دنانير فقط بمعدل 5000 زائر يوميا خلال العشر الأواخر من هذا الموسم، لأدخل البهجة والسرور للتجار المرابطين في القدس، وساهم في عمارة المسجد الاقصى بالصلاة والدعاء تقربا للرب، الأمر الذي سيحقق رضا الله ثم رضا العباد بتعزيز صمودهم.

في الختام اتوجه لمسؤولي الاوقاف بالقدس بضرورة ضبط الامور في المسجد الاقصى لمن يلقي الدروس بين الصلاوات وعدم السماح لمن هب ودب بإلقاء مواعظ ودروس لأن الدخلاء كُثر، وكما حدثني احد اصدقائي الاعزاء من مدينة نابلس، أن استمع قبل عدة أيام وأهل بيته  لدرس ديني في مسجد باب الرحمة من المسجد الاقصى وكان الواعظ مُنفّرا فظا غليظ القلب، وكأن الله خلق النار فقط لمعاقبة الناس دون رحمة، وهذا بحد ذاته افتراء على الله وتنفير للدين، الامر الذي يستدعي مراقبة هؤلاء لأنهم يشوهون الدين ويسيئون له.

والله من وراء القصد.