• 17 آب 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : داود كُتّاب

 

في لقاء خاص مع الإعلامية كريستيان امانبور في شبكة الكوابل الامريكية ْCNN قال سفير الولايات المتحدة لإسرائيل ديفيد فريدمان ان موضوع حل الدولتين لن يتم ذكره في الرؤية الامريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ورغم الكتمان غير المعهود لحكومة ترمب الا ان هناك غياب لما هي الخطة السياسية التي سيتم الإعلان عنها في الأشهر القادمة لما أصبح يطلق عليه صفقة القرن.

في المقابلة أشار فريدمان وهو محامي امريكي صهيوني بان ما قد يشمله الإعلان الأمريكي هو مبدأ الاوتونوميا او الحكم الذاتي. والمعروف ان رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن كان قد تحدث عن الاوتونوميا خلال مفاوضات كامب ديفيد الإسرائيلية المصرية الامريكية.

ولكن ما قد يجهله المحامي المختص بقضايا الإفلاس ان مبدأ الاوتونوميا هو قيمة مضافة ل أي حل وليس بديل للمضوع الحقوق السياسية وهي أساس أي حل قومي بين طرفان متنازعان على الأرض والحدود.

وللتوضيح فمن المعروف ان الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع يتمتع الان باتونوميا معينة او حكم ذاتي. فمثلا ينص جواز السفر الفلسطيني الصادر عن السلطة الفلسطينية ان هذا الجواز/وثيقة السفر صادر بموجب اتفاق الحكم الذاتي المنبثق عن اتفاقيات أوسلو.

والمعروف انه كما كان مقترحا في مداولات كامب ديفيد المصري الإسرائيلي وكما جاء في اتفاقية المبادء التي تسمى باتفاقية اوسلوا ان موضوع الحكم الذاتي هو فترة انتقالية أقصاها خمس سنوات يتم خلالها الاتفاق على الحل الدائم. طبعا الفترة الانتقالية تضاعفت خمس مرات ولانزال في الفترة الانتقالية والتي تم خلالها الحكم الذاتي الفلسطيني والمطلوب الان هو الحل الدائم والمبني على مبداء الحقوق السياسية.

وفي مثال اخر للتوضيح فان المواطن الكردي في العراق يتمتع الان بحكم ذاتي داخل الدولة العراقية. أي انه مواطن كامل الصلاحية يحق له ممارسة حقه السياسي بانتخاب ممثله في البرلمان العراقي وفي نفس الوقت يتمتع داخل إقليم كردستان الى حكم ذاتي كردي يستطيع خلاله استخدامه لغته وثقافته وبرلمانه الخاص لتسيير اموره اليومية دون ان يكون ذلك على حساب الدولة العراقية وسياستها الوطنية والخارجية وعملتها الوطنية وغير ذلك.

إذا فموضوع الاوتونوميا ليست اخر المطاف بل امر مساعد ممكن الاستفادة منه في فترة انتقالية او خلال حل دائم ولكنه ليس حل نهائي. فالحل النهائي يجب ان يوفر الحقوق السياسية  للشعب الفلسطيني في واحد من خياران: اما من خلال دولة مستقلة ذات سيادة او من خلال حقوق سياسية متساوية ضمن الدولة الإسرائيلية.  أي حل اخر بما فيه الاستمرار في الوضع القائم سيحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وسيكون شكل من اشكال الابرتهيد أي انه يميز سلبيا ضد حق الشعب الفلسطيني بحقوق سياسية متساوية لكل مواطن اخر تحت نفس السلطة السياسية والأمنية.

تحاول إسرائيل جاهداً التهرب من هذا الاستحقاق الطبيعي بأقناع حلفائها الامريكان بإبقاء الامر كما هو واجراء عملية تجميل للاحتلال. وقد وقع الجانب الأمريكي بهذا الفخ (ليس متأكدا ان الجميع كان يجهل الموضوع) ولذلك كان هناك حديث عن سلام اقتصادي والبحث عن حلول مؤقته لتخفيف من سلبيات الاحتلال دون العمل على انهائه.

الجانب الإسرائيل يعرف ما هي متطلبات السلام بصورة دقيقة ولكنه يرغب بشراء الوقت لعل وعسا يستمر ويتطور الاستيطان مساحتا ومستوطنين في حين يستمر التضييق لعل وعسا أي يختفي او يستلم الشعب الفلسطيني ويقبل بان يعيش بصفة ادني من الاستقلال وكما يقول نتنياهو بان يقبل بحل اقل من دولة مستقلة.

طبعا الشعب الفلسطيني ليس مستعد للاستسلام ولا مستعد لقبول العيش بأقل من كامل الحرية والحقوق السياسية.  كما انه أصبح واضحاً انه بعد ماسي النكبة والنكسة فموضوع مغادرة الأرض لم يعد في قاموس أي فلسطيني.

إذا فحل الاوتونوميا غير منطقي لشعب يتمتع بجزء من الحكم الذاتي ويناضل من اجل الحرية والاستقلال او المساواة الكاملة مع حقوق سياسية. الحلول الامريكية لن تنجح في أي تغيير في الموقف الفلسطيني بل بالعكس فقد قدم الامريكان للشعب الفلسطيني وخاصة القيادة الحالية أفضل هدية ان نجح رغم فشل القيادة والانقسام بتوحد غير مسبوق للشعب والقيادة ولرام الله وغزة في رفض الخزعبلات الامريكية والإصرار على الحصول على انهاء الاحتلال والاستمتاع بالحرية والحقوق السياسية دون أي تردد.