• 8 تشرين أول 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم :  جاك يوسف خزمو

  

ظاهرة العنف المؤلمة المزعجة المقرفة والمدانة ما زالت تتصاعد وتيرتها بشكل غير طبيعي نتيجة خلافات وشجارات حول مواضيع يمكن حلّها عبر الحوار، واستخدام لغة العقل وليس قوة العضلات مقرونة بالمشاعر غير الانسانية. وقد تحدث الاعلام والشخصيات والوجهاء عن هذه الظاهرة المقلقة التي أودت بحياة أكثر من سبعين مواطناً عربياً في الداخل الفلسطيني، ويدعون الى وأد هذه الأجواء المرفوضة والمزعجة جدا.

هناك من يلقي اللوم على تواجد وتوفر السلاح بصورة غير منطقية، وهناك من يحمل جهاز  الامن الشرطي الاسرائيلي المسؤولية الكاملة لعدة أسباب، ومن أهمها توفر السلاح بين الشباب، واهتمام الشرطة بتسجيل وكتابة مخالفات سير، بدلاً من الاهتمام بأمن المواطن. وآخرون يتهمون القيادات العربية بعدم الاهتمام بهذه الظاهرة، ووضع مخططات محاربتها والقضاء عليها، أو التخفيف منها. والكل مسؤول عن هذه الظاهرة، ولكن المسؤولية الكبرى الفعّالة تقع على عاتق ظاهرة أخرى ملاصقة أو مشجعة للعنف، وهي التربية الصحيحة، التربية القائمة على التحلي بالأخلاق الرفيعة، وان يكون الفرد انساناً في تصرفاته وليس حيواناً ناطقاً لا يملك أحاسيس أو مشاعر أو عقل.

يقولون ويرفعون شعارات ويسمون التعليم في المدارس "التربية والتعليم"، وفي الواقع ليس هناك تعليم صادق، وليست هناك تربية سليمة وحسب الأصول. فالمدارس تعلم الطالب على الحفظ عن ظهر قلب، أي أنها تقوم بالتلقين ولا تُعلّم على التحلي وامتلاك اخلاق جيدة ورفيعة.

في دول العالم المتطورة، تركز المدارس ودور التربية والتعليم على اسس التربية الصحيحة، فالصفوف الاولى للطالب تركز كثيرا على كيفية التصرف في المجتمع، وضرورة التفكير ولذلك نجد أن ظاهرة العنف تكون لدى الانسان الذي لم يتربى جيدا.

والتربية لا تنطلق من المدارس ومؤسسات التعليم، بل تنطلق من المنزل، فاذا كان احد الوالدين لا يتمتع باخلاق، ويكون تصرفه بشعاً بين أبناء البيت الواحد، فكيف سيكون حال الابناء: هل سيكونون بأخلاق وتربية صحيحة؟ واذا كان احد الوالدين يعتبر المعلم عدوا اذا عاقب ابنه الطالب لارتكابه خطأ، فيقتحم المدرسة، وينهال بالضرب على المعلم، بدلاً من أن يشكره على محاولته تشجيعه على السير على خطى صحيحة وسليمة في المجتمع.

في الواقع كلنا مسؤولون عن اتساع دائرة العنف، وفقدان شبان وشابات في ريعان العمر. واذا كانت التربية في البيت صحيحة، فاننا لسنا بحاجة الى من يحمي أمننا، يحافظ على أبنائنا. ويجب عدم استبعاد أن جهة ما تفرح وتهلل لظاهرة العنف والاجرام حتى يُساء الى مجتمعنا، وحتى يتم فرض السياسة التي يرغبون في ان نسير عليها خدمة لهم.

في الختام أدعو الى البدء بعملية تربية صحيحة مع الجيل الجديد، فورا، وكذلك سن قوانين تعاقب كل من يلجأ الى العنف، ولا بدّ أيضاً من معاقبة الاهل بقسوة وبشدة اذا دعموا الابن على ارتكاب جرائم من خلال تأجيج الامور اكثر والاعتداء على معلم أو طبيب أو أي انسان يقدم خدمات انسانية.

لنعمل جميعا بيد موحدة في مواجهة الظاهرة والقضاء على مسبباتها! ووأدها الى الأبد!