• 6 كانون أول 2019
  • أقلام مقدسية

 

 

 

   بقلم : القاضي المقدسي فواز ابراهيم نزار عطية

 

في 30 تموز من عام 1980  اصدر الكنيست الإسرائيلي قانونا بعنوان قانون القدس " أورشليم القدس عاصمة إسرائيل"، بحيث جعل هذا القانون الإعلانات الحكومية الإسرائيلية عن مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل سيما بعد ضم شرقي القدس إليها، وأصبح قانونا أساسيا أي مبدأ دستوريا في دولة الاحتلال.

في الواقع ومنذ أن صدر ذلك القانون، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا ضد إسرائيل يحمل رقم 478 ينص على أن: "المجلس لن يعترف بهذا القانون، ويدعو دول الأعضاء إلى قبول قرار المجلس.... حيث شمل القرار أن في تطبيقه يعتبر خرقا للقانون الدولي، كما وأعلن المجلس أن قانون القدس باطلا من الناحية الدولية... وفي نهاية القرار دعا مجلس الأمن الدول التي أنشأت سفاراتها لدى إسرائيل في القدس إلى إخراج السفارات من المدينة...."، مما أدى إلى نقل بعض السفارات الأجنبية لدى إسرائيل والتي كانت موجودة في القدس إلى تل ابيب  أو مدن إسرائيلية أخرى احتجاجا على القانون.

لو راجعنا للذكريات بحدود ستين عاما للوراء، فكانت القدس مقسمة في نهاية حرب عام 1948 بين الاردن واسرائيل، إذ مرّ  الخط الاخضر "خط الهدنة" في قلب المدينة، وتسابقا مع الزمن قامت دولة الاحتلال بتاريخ  17 تموز 1948 بفرض الأمر الواقع من خلال إعلان القسم الذي بقي معها من مدينة القدس جزءا من أراضي  إسرائيل، وأغلقت الباب أمام الأمم المتحدة بجعل القدس وبيت لحم منطقتين دولية، وفي نهاية 1949 أي بعد عام ونصف تقريبا، أعلن الأردن عن ضم  الضفة الغربية  بما في ذلك القسم الشرقي من مدينة القدس إلى أراضيه.

ومنذ أن احتل الجيش الإسرائيلي القسم الشرقي لمدينة القدس من الأردن خلال حرب 1967 ، وبعد الحرب أصدرت الحكومة الإسرائيلية أمرا يفرض القانون والقضاء الإسرائيليين على مساحة 70 كم مربعا تشمل أراضي البلدية الأردنية وبعض القرى المجاورة للقدس، بحيث ضُمت الأراضي المذكورة إلى بلدية  القدس الإسرائيلية.

فمشروع قانون القدس الإسرائيلي الذي اقترح من الحزب اليميني هتحياة في العام 1980 وأُقر من الكنيست بالحدود التي رسمتها الحكومة الإسرائيلية في أمرها من يونيو 1967 كعاصمة إسرائيل رسميا، وفرض حظر على تقسيم المدينة أو تغيير حدودها، جعل فكرة القدس كعاصمة لدولة الاحتلال  مبدأ دستوريا في جهاز القانون الإسرائيلي، حيث نص في مضمونه أن:

  1.  القدس الكاملة الموحدة هي عاصمة إسرائيل.
  2. القدس هي مقر الرئاسة، الكنيست، الحكومة والمحكمة العليا.
  3. تحمى الأماكن المقدسة في القدس من أية محاولة لانتهاكها أو منع الوصول الحر إليها.
  4. تتمتع القدس بأولوية في مشاريع الحكومة التطويرية.
  5. تمنح الحكومة لبلدية أورشليم القدس ميزانية سنوية خاصة لتطوير المدينة.

في 13 ايلولمن عام 1993 وُقعت اتفاقية اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة اسرائيل، وبعض ما تضمنته تلك الاتفاقية على أن المفاوضات بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والتي حددت ب 5 سنوات، سوف تغطي القضايا المتبقية بما فيها:القدس، اللاجئون ، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين، وبعد عامين من اتفاقية أوسلو التي كانت برعاية الولايات المتحدة ودول اخرى، أي في عام 1995 أصدرالكونغرس الامريكي قانونا يعترف بالقدس كعاصمة لاسرائيل ، وأعطى ذلك القانون الرئيس الأمريكي إلى نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، ولكن هذا القانون يسمح للرئيس الأمريكي بتأجيل تطبيقه كل 6 أشهر، وهذا ما لم يفعله الرؤساء الأمريكان منذ 1995 إلى 6 ديسمبر كانون اول 2017، في الوقت الذي كانت اتفاقية اوسلو تنص على تأجيل الاتفاق بخصوص الوضع النهائي لما بعد المرحلة الإنتقالية، وهو ما شجع دولة الإحتلال في عام  2001 بأن تضيف في قانون القدس لعام 1980 بندا اضافي ينص على  أن: حدود مدينة القدس هي الحدود الواردة في الأمر الحكومي من يونيو 1967 وإنه من الممنوع نقل صلاحيات السلطات الإسرائيلية في القدس لأي عنصر سياسي أجنبي.

تستمر الأحداث والعرب في سبات عميق حتى يوم 6 كانون أول من عام 2017 أي قبل عامين بالتمام والكمال من تاريخ هذه المقالة، بحيث اعترفت ادارة الرئيس دونالد ترامب رسميا  بلقدس عاصمة لاسرائيل ، وأضاف ترامب أن وزارة الخارجية الامريكية   ستبدأ عملية بناء سفارة أمريكية جديدة في القدس، وفعلا تحقق ما وعد به واحتفل بنفسه مع قيادة الاحتلال  في 16/5/2018 مع عدد من المدعوين في نقل السفارة الامريكية للقدس.

جميع الأحداث الواردة أعلاه وما زال نص المادة 3 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 ينتظر التطبيق العملي لنص واضح بأن "القدس عاصمة فلسطين"، القدس تستحق التضحيات في شتى المجالات، بما في ذلك المجال القانوني، حيث آن الآوان لإصدار قانون القدس الكبرى ردا على جميع الخروقات القانونية من الجانب الاسرائيلي والامريكي.

فإن أول من خرق اتفاقية أوسلو في العديد من المجالات الجانب الإسرائيلي، وسبق وأن أشرت في مقال سابق أن إتفاقية أوسلو في مهب الريح، فلن نخسر شيئا في الوقت الذي نربح فيه التفاف شعبنا وشعوب الامة العربية حول القدس من الناحيتين الواقعية والقانونية، بحيث يجب أن ينص القانون الفلسطيني الجديد" قانون القدس الكبرى" على تجريم نشاطات كل دولة تخرق قواعد القانون الدولي وما يتبعه من تعويضات تؤثر على الشعور القومي العربي والإسلامي.