• 4 آب 2020
  • أقلام مقدسية

 

بقلم  : الدكتور أمجد شهاب

 

"المجتمع المقدسي بين تزايد ظاهرة العنف والحاجة للسلم الاهلي" هو عنوان إحدى الندوات التي نظمناها قبل عامين في شهر رمضان الفضيل، ودعوت إليها عدد من المختصين من خلال جمعية منتدى الفكر الفلسطيني للإجابة على عدة أسئلة حول أسباب وجذور تزايد ظاهرة العنف وكيفية علاجها.

للأسف الشديد، أصبح تفشي ظاهرة العنف بالمجتمع المقدسي تقض مضاجع أغلبية سكان المدينة المقدسة وتعتبر حاليًا أهم القضايا التي تحتاج الى علاج عاجل لأنها تهدد النسيج الاجتماعي المقدسي والسلم الاهلي خاصة مع انتشار الاسلحة النارية بين أفراد العائلات والعشائر المكونة للمجتمع المقدسي.

لعلّ الأسباب التي أدّت إلى زيادة تفشي ظاهرة العنف هي كثرة المرجعيات المقدسية من جهة، وافتقارها إلى الإمكانيات والقدرات والخبرات والمؤهلات من جهة أخرى. بالإضافة إلى إهمال القطاع التعليمي والثقافي والاجتماعي والقانوني ...الخ. وإضعاف المحاولات لتوحيدها بإطار مرجعية واحدة؛ التي بدورها تساهم بشكل فعلي لحل المشاكل التي يعاني منها المجتمع المقدسي ومنها تفشي ظاهرة العنف. ولا يتم ذلك عبر إصدار البيانات للهروب من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، واتهام الاحتلال بالمسؤولية المباشرة عن الظاهرة، في حين أنّ غالبية الأسباب والجذور هي داخلية لا علاقة لها بالاحتلال.

إنّ غياب أي عقاب رادع للجاني المعتدي ساهم بشكل كبير في وجود أرضية يسودها (قانون الغاب)، كما أنّ معظم "العطاوي" التي تتشكل بعد الاعتداء على الضحية ليس لها أي مرجع قانوني واضح؛ وبالتالي يكون ضحيتها - بشكل عام - الطرف الأضعف مقابل الطرف الأقوى، وخلالها يفقد المعتدى عليه حقه، ويقع الظلم، وتنتهي عادة بشرب فنجان قهوة يدفع ثمنه أيضًا الضحية.  

ما هو الحل؟ للأسف لا يوجد حل سريع لتفشي الظاهرة لأننا نتحدث عن ثقافة عنف مجتمعية عميقة نتيجة تراكم سنوات طويلة من الإهمال والتقصير لدى الجهات المعنية في شتى مجالات الحياة، ولكن يمكن علاجها والوصول إلى حالة السلم الاهلي، من خلال التالي:

أولا: وضع تصور تفصيلي لعلاج تفشي ظاهرة العنف من خلال طاقم مهني مكلّف لديه الإمكانيات والصلاحيات لتحديد أسباب وجذور الظاهرة لعلاجها. 

ثانيًا: توحيد مرجعية واحدة للمقدسيين أو قيادة جماعية واحدة  في الشكل والمضمون، بحيث يستطيع المواطن المقدسي الإحساس بوجودها ولمس عملها على أرض الواقع، وليس من خلال التصريحات والبيانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبناءً على ذلك، إذا وصلنا إلى مرجعية واحدة أو قيادة جماعية واحدة نستطيع من خلالها وضع استراتيجية واضحة، ونستطيع من خلالها لفت انتباه المواطن المقدسي بأنّ لديه مرجعية، وأنّه ليس يتيمًا أو ضائعًا، وأنّ لديه حقوق كما عليه واجبات ومن ضمنها المحافظة على السلم الاهلي. ولعلّ أكبر دليل على ذلك تجربة الإنتفاضة الاولى.