• 23 كانون أول 2019
  • مقدسيات

 

 القدس – أخبار البلد – ان من يرى الهجمة غير المسبوقة على المقدسيين من قبل السلطات الإسرائيلية يصل ألى قناعة ان المقدسيين بخطر داهم ، وطالما انهم بخطر فان المسجد الأقصى بخطر اكبر، حيث اثبتت التجارب في الماضي الارتباط العضوي والعقائدي والواقعي بين الأقصى والمقدسيين .

 ان من يرى ما تقوم الشرطة الإسرائيلية بالاعتداء علانية على  النساء في قلب المسجد الأقصى يصل لنتيجة انه لم تعد هناك خطوط حمراء لدى السلطات الإسرائيلية  بكل ما يخص المدينة المقدسة وأهلها .

 وامام هذا الوضع الخطير غير المسبوق جاءت مقالة الصديق والأستاذ المخلص للقدس "ماهر أبو طير"  والتي تحمل عنوان " اعيدوا  الجنسية الأردنية للمقدسيين " والتي نشرت في صحيفة  " الغد" قبل يومين ، هذ المطلب الذي كانت شبكة "أخبار البلد" قد  نشرته قبل سنوات وعرضته اكثر من مرة حفاظا على القدس وأهلها لحين انتهاء الاحتلال ، أكده الصديق أبو طير في مقالته التي يسعدنا نشرها كاملة ، على امل ان تصل الى من يجب  ان تصل اليهم :

" كنا في اجتماع مغلق قبل اكثر من تسع سنوات ، والعدد الذي حضر الاجتماع ، لم يتجاوز العشرة، وخلاله تم التوافق على قرار حساس جدا، عنوانه اعلان الأردن إعادة منح المقدسيين في القدس، الجنسية الأردنية.

كان التقييم في الاجتماع يقول ان وضع المقدسيين خطير، وإسرائيل تهدد البنية الاجتماعية في القدس، التي تحمي الحرم القدسي، والمسجد الأقصى، واكثر من ربع مليون مقدسي، يشعرون بالتهديد، فهم لا يحملون جنسيات فلسطينية، وقلة تضطر للحصول على جنسية إسرائيلية لتسهيل أمور حياتها، او منع طردها من المدينة، والاغلبية تحصل على جوازات اردنية لخمس سنوات، بلا رقم وطني، لمساعدتهم في تنقلهم، والكل يحمل بطاقة الإقامة الإسرائيلية، بصفة مقيم، وهي صفة تستطيع إسرائيل شطبها .
تسربت المعلومات من الاجتماع، عبر احد الأشخاص، وتم الاتصال به بعد الاجتماع، بنصف ساعة، من اجل شطب ما بثه عبر احد وسائل الاعلام، والشخصية التي تدخلت بشكل عاصف، كان لها رأي آخر، وكانت ضد هذا التوجه، ولعبت دورا لاحقا لمنع تفعيل هذا القرار، تحت مبررات مختلفة، على ذات طريقة قصص مقاومة التوطين.
لكننا اليوم امام وضع اكثر حساسية، إذ إن الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس، وما جرى من ضم للمستوطنات والتوجه نحو ضم غور الأردن، وتصفية القضية الفلسطينية، وانهاء مشروع الدولة الفلسطينية، وتأثيرات ذلك على الأردن، يوجب على الأردن اتخاذ قرار جريء لحماية القدس، دون ان يبدو الامر بمثابة عودة عن قرار فك الارتباط، او تقويض لمشروع الدولة الفلسطينية، ودون ان يبدو تورطا بالتقسيط في صفقة القرن، واي مسؤوليات قد يجري تحميلها على كاهل الأردن، وهذا القرار يرتبط بالتوجه القديم الذي تم تجميده قبل سنوات، أي إعادة الجنسية الأردنية لكل المقدسيين في القدس بما يعنيه ذلك من حصولهم على ارقام وطنية، شريطة التثبت من بقاء الناس في القدس، وعدم هجرتهم، وهو امر نراه أساسا بشكل واقعي، من حيث ثبات هؤلاء وعدم تسربهم الى الأردن، او دول أخرى.
هناك وضع ناشئ لا يمكن التغافل عنه، حتى تحت ضجيج الذين يوزعون الاتهامات يمينا ويسارا، فالتهديدات الإسرائيلية للمقدسيين وللمدينة، ستؤدي في المحصلة الى ارتداد على الأردن، عبر ملفات كثيرة، وقد لا يتمكن الأردن كثيرا من صدها، وهو مطالب باتخاذ خطوة في اطار عرقلة المشروع الإسرائيلي، بتهويد المدينة، وتحويل المقدسيين الى كتلة سكانية بلا هوية سياسية، وليسوا جزءا من فلسطين السياسية، بمعنى الدولة، وليسوا جزءا من إسرائيل بمعنى كونهم عربا مسلمين ومسيحيين، وليسوا جزءا من الأردن بالمعنى السياسي، برغم انهم كانوا كذلك حتى قرار فك الارتباط، وبهذا المعنى هذه كتلة باتت عائمة ، هشة ، ومهددة على مستويات مختلفة.
الاتهامات هنا جاهزة كالعادة، وسيقال لاحقا ان هذه خطوة اولى على طريق صفقة القرن، وانها توطئة لأدوار أخرى، وانها أيضا ستؤدي الى تجنيس ربع مليون فلسطيني، وغير ذلك من اتهامات، لا تستند حتى للتحليل، بل تبحث في النوايا، غير ان المؤكد ان ترك الكتلة السكانية المقدسية لمصيرها، على المستوى السياسي، مع تسارع المشروع الإسرائيلي هو الذي يهدد الأردن حقا، ويجعله امام تداعيات مفتوحة، فيما التحوط وتمكين هذه الكتلة، يجعلهم في موقف اقوى ضد المشروع الإسرائيلي.
إحدى القراءات السلبية امام هكذا دعوة، قد تقول ان هذا الاتجاه يدعم رغبة إسرائيل بتورط الأردن في إدارة شؤون الفلسطينيين، بمعنى نقل مشكلة السكان جزئيا الى الأردن، وهذا رأي قد يكون صحيحا، اذا كان اتخاذ هذا القرار بلا تحوطات وتكييفات تمنع خدمة إسرائيل، من حيث النتائج، ومن هنا ستبدو قدرة عمان الرسمية على اتخاذ قرار من هذا القبيل بحيث يصب ضد إسرائيل، وليس لمصلحتها، نهاية المطاف.
الخطر الذي يهون منه البعض يرتبط بالقدس ذاتها، والمقدسيين، والحرم القدسي، فنحن امام كتلة سكانية مهددة، بما تعنيه الكلمة، وليس من خيارات امامهم، سوى الجواز الإسرائيلي، هذا اذا حصلوا عليه، والمفارقة ان بعضنا يسكت امام أسرلة هذه الكتلة عبر تجنيسها إسرائيليا، ولا يرفع صوته الا عند الحديث عن علاقة هؤلاء بالأردن، وهذه سطحية بحق، تعبر عن عقلية بائدة في تحليل المشهد، واللجوء الى ذات علبة الاتهامات.
لقد آن الأوان ان ينظر الأردن، بدوره التاريخي، تجاه القدس والمقدسيين الى هذا الملف، بطريقة مختلفة، لا تكون تورطا في المشاريع المشبوهة، وتكون أيضا عنصرا حاسما في عرقلة المشروع الإسرائيلي تجاه القدس، والكتلة السكانية فيه، حتى لاندفع الثمن مضاعفا في وقت لاحق، وبطريقة خارج سيطرتنا، وبشكل قسري واجباري أيضا.