- 11 تشرين الثاني 2023
- مقدسيات
القدس - أخبار البلد - كلما تصاعدت حدة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة كلما ارتفع عدد الضحايا المدنيين في مجزرة لم يشهد التاريخ لها مثيل حيث وصل عدد الضحايا الى اكثر من احد عشر الف شخص غالبيتهم من الأطفال النساء وكما وصفتها المنظمات الدولية بأنها حرب ابادة.
كلما ارتفعت أصوات المنظمات الانسانية الدولية وحتى الإسرائيلية المطالبة بهدنة مؤقتة لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة ومن بينهم منظمة بتسليم الاسرائيلية المعنية بحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية والتي اصدرت مناشدة جديدة وصلت نسخة منها لشبكة "أخبار البلد" المقدسية جاء فيها :
وفقًا لمعطيات وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الأنشطة الإنسانيّة (أوتشا) نحو 1.5 مليون إنسان اقتُلعوا من منازلهم منذ بدء الحرب، وأنّ نصف هؤلاء يمكثون في مرافق تابعة لوكالة الغوث. هذه المرافق باتت مكتظّة جدّا إذ بلغت أعداد الملتجئين إليها أضعاف أضعاف سِعَتها، وهؤلاء جميعاً يعيشون في ظروف لا تُطاق. بالمعدّل، يتوفّر مرحاض واحد فقط لخدمة 160 شخصاً وحمّام واحد لخدمة 700 شخص. هذه الظروف تزيد من خطر انتقال العدوى وتفشّي الأوبئة. وبالفعل، التقارير الواردة تُبلغ عن آلاف من حالات الإصابة بأمراض مُعدية. يلتجئ نحو160,000 شخص في مرافق وكالة الغوث في شمال القطاع لكنّ الوكالة عاجزة عن تقديم الخدمات لهم ولا تتوفّر معلومات عن أحوالهم هناك
رغم الوضع الحرج في قطاع غزّة فإنّ سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، قد أنكر بالمُطلق وجود أزمة إنسانيّة في القطاع. هذا الادّعاء ينافي الواقع، ليس فقط إزاء المعطيات الخطيرة بخصوص الوضع الحاليّ، وإنّما أيضاً إزاء حقيقة أنّ القطاع ومنذ ما قبل الحرب يعاني منذ سنين أزمة إنسانيّة مستمرة من "صُنع إسرائيل". بعد استيلاء حماس على الحُكم في قطاع غزّة، في العام 2007، فرضت إسرائيل حصاراً على القطاع وخلال وقت قصير انهار الاقتصاد هناك: منذ ما قبل الحرب، يعتمد 80% من سكّان القطاع في معيشتهم على الإغاثة ومعظمهم لا يمكنه الحصول على مياه صالحة للشرب فضلاً عن أنّ الكهرباء لا تصلهم سوى ساعات قليلة في اليوم وأنّ معدّلات البطالة قد "طاولت السّحاب" إذ قاربت 45% بالمعدّل العامّ وبلغت أكثر من 60% في أوساط الشباب ممّن هُم تحت سنّ 29.
الهدنة الإنسانيّة أصبحت ضرورة حيويّة لإتاحة إدخال الموادّ الغذائيّة والمياه والأدوية والوقود بكميّات تكفي احتياجات السكّان في جميع أنحاء القطاع. تعارض إسرائيل تماماً وقف القتال بحجج مختلفة، منها أنّ هذا سوف يُتيح لحماس إعادة تنظيم نفسها وأنّه لا مبرّر لمثل هذه الهدنة قبل استعادة المخطوفين. غير أنّ هذه الحجج لا يمكنها تبرير المسّ الفادح بنحو 2.2 مليون إنسان يعيشون في القطاع ويخوضون حاليّاً وبشكل يوميّ صراع بقاء، ليس فقط نتيجة للقصف الإسرائيليّ المستمرّ وإنّما أيضاً بسبب النقص الحادّ في الغذاء والماء.
إدخال الإغاثة الإنسانيّة إلى قطاع غزّة الآن ليس حسنة يُطلب من إسرائيل أن تمنّ بها على السكّان المدنيّين في القطاع وإنّما هي واجب عليها وفقاً لأحكام القانون الإنسانيّ الدوليّ.
أحكام القانون الإنسانيّ الدوليّ صيغت بالضبط لمثل هذه الأوضاع، والواقع الذي تواجهه إسرائيل لا يخصّها حصريّاً. إنّها أحكام تعكس تصوّراً أخلاقيّاً ينبغي بموجبه الحفاظ على سلامة وأمن المدنيّين أيضاً في أثناء الحرب. رسميّاً، تدّعي إسرائيل أنّها تؤمن بهذا التصوّر، وهي تعود وتكرّر أنّها تعمل بموجب هذه الأحكام. لكنّ رفضها لهُدنة إنسانيّة تتيح إدخال الإغاثة الحيويّة للمدنيّين تثبت عكس ذلك