• 13 آذار 2025
  • مقدسيات

 

 القدس - أخبار البلد - كتب خالد الاورفالي : 

 في القدس كل شي يتغير في شهر رمضان المبارك  حتى شكل المدينة يصبح شكلا مختلفا والكثير من العادات تتغير  حتى  الروتين اليومي  الصارم الذي يعيشه  المقدسيون يصيبه التغير بشكل كبير  

 وكما قال الدكتور علي قليبو أستاذ علم الاجتماع 

" في رمضان يتخذ الزمن والمجتمع والفرد منحنى روحاني. و ينقلب ويتغير ايقاع الحياة  الدينية والدنيوية فيتداخل الليل بالنهار ويتلاشى الإحساس بالزمن ما بين  صلاة التراويح وقيام الليل والاعتكاف بالمساجد  وتلاوة القرآن الكريم وتبعا لذلك تتغير حتى الملابس  من الزي الأوروبي المعاصر إلى الزي العربي التقليدي فيرتدي الرجال والشبان والصبيان  الجلابيات والدشاديش. وتجد الرجال يتدثرون بالعباءات الدافئة في إطار اجتماعي ديني متوارث أبا عن جد تلفه طقوس اجتماعية مرتبطة بشهر رمضان" . 

 فهذه المدينة التي تنام باكرا وتصحو متاخرة  حيث أن  الغالبية العظمي من حوانيتها تغلق أبوابها في فصل الشتاء قبل الساعة الرابعة عصر ولا تفتح أبوابها إلا بعد الساعة  الحادية عشر صباحا  بسبب ركود الأوضاع الاقتصادية  وغياب الزبائن وخاصة من خارج القدس بفعل الجدار الفاصل وتضيق  الشرطة الإسرائيلية ، وانعدام وجود البني التحتية في المدينة عامة فلا مواقف عامة ولا مواصلات سهلة.

 إلا أن التجار وأصحاب الحوانيت يحدوهم الأمل لهذا فإنهم يعملون على التغير في شهر رمضان  فلقد سارع التجار الى الاعلان انه اعتبارا من بداية الاسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك ( اي يوم السبت)  فإنه حوانيتهم ستفتح بعد صلاة العشاء  وحتى ساعة متاخرة ودعوا  المقدسيين وضيوف المدينة الى التسوق ومساعدة التجار وأصحاب الحوانيت بتحريك العجلة الاقتصادية الراكدة طيلة شهور السنة، كما قال ذلك  الخبير الاقتصادي والتاجر المعروف حجازي الرشق  والذي نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي نداء الى التجار جاء فيه : 

" بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا عامة والقطاع التجاري خاصة ، وانخفاض الدخل وارتفاع نسبة البطالة  وانعدام الدخل على العاملين في القطاع السياحي الذي يشكل 34% من القوة الشرائية في المدينة ، وما تتعرض له المدينة من اغلاقات ومنع أهلنا في المحافظات الأخرى وحتى القرى المجاورة من الوصول إلى  مدينة القدس .

 إننا نناشد تجار القدس الكرام مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مدينة القدس وشح الموارد على سكانها وللحفاظ على ثقة القوة الشرائية والحد من هروبها العمل على البيع بأسعار مراعية للظروف والقبول بهامش ربح منطقي ومعقول . وضع أسعار البيع على البضائع ونسبة الخصم والبعد عن الغبن والاستغلال . القيام  بحملة تنزيلات ابتداء من منتصف شهر رمضان المبارك وأن تكون تنزيلات حقيقية  لأن المستهلك المقدسي أصبح على علم ودراية بالأسعار في كافة الأسواق والمولات، واستقبال المستهلك بتواضع وابتسامه ومعاملة حسنة . إعادة الثقة لزوار المدينة وخاصة أهلنا من الداخل بحكم أنهم الوحيدون القادرون من الوصول إلينا" 

 وقال  حجازي الرشق : "  أن التجار في القدس ينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر من أجل تحريك عجلة اقتصاد المدينة ، ولهذا قام بعض التجار بإحضار بضائع بكميات كبيرة على أمل بيعها في هذا الشهر الذي يمكن أن يسد العجز عن بقية أشهر السنة إن بقيت الأوضاع هادئة" .

بينما قال  توفيق الحلواني صاحب محل للبيع الحلويات والمكسرات البلدة القديمة  "نستعد في كل عام  قبل فترة لشهر رمضان، لكن هذا العام التجهيزات كانت حذرة جدا وقليلة، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، مما ينعكس سلبا على أوضاع السكان والتجار وكافة القطاعات، ناهيك عن الارتفاع الجنوني في الأسعار " 

اما محمد العبد الله صاحب حانوت في سوق اللحامين فلقد قال ان اجمل  شئ يمكن مشاهدته هو ان الحياة تعود الى البلدة القديمة في الليل وتشاهد الحركة طيلة ساعات النهار ، تلك البلدة التي تكون مسرحا للاشباح  والمستوطنين والشرطة الإسرائيلية في الايام العادية، اما البيع فإنه يزداد بنسبة قد تصل الى ١٠٠ بالمئة في الشهر المبارك .

بالنسبة  الى  ام سعيد محمود من كفر قرع  من الوسط العربي فإن وجودها بالقدس هو فرض وحب كبير وتقول :  إنها تحرص على القدوم إلى القدس طيلة شهر رمضان المبارك من أجل الصلاة وشراء ما تتميز به القدس قبل ان تغادر المدينة عصرا مثل الكعك والحلويات ومكسرات وبرازق  وغيرها من اشياء،  نحن نكون في قمة السعادة عندما ندخل البلدة القديمة نبدأ بالتسوق  هناك " 

 ويذكر أن شهر رمضان هذا العام يمتاز بارتفاع كبير في أسعار الأغذية واللحوم في كل أنحاء الضفة الغربية وفي القدس بشكل خاص حتى إن  مجدي مصطفى ٤٥ عاما من القدس قال ان أبسط افطار متواضع  مكون من حمص و فلافل و خبز وقليل من  السلطة يكلف اكثر من ١٠٠ شيكل  قرابة  الثلاثين دولار فالاسعار مرتفعة ولا يمكن شراء الكثير من الخضروات أما اللحوم فلا نتحدث عنها لانها فوق طاقتنا "  

 وعن ذلك قال  أستاذ علم الاجتماع الدكتور علي قليبو " يسود الإحساس بالتوتر والرهبة في رمضان حيث أن الطقوس الاجتماعية التي تحيط بالشهر الفضيل باهظة  الثمن والعمل على شراء "المونة" الضرورية يعتبر ضغطا إضافيا على وضع الصائم فلرمضان "عجقة" يرافقها ازدحام الطرقات وانتظار طويل أمام المحلات التجارية لشراء الحاجيات وسط حشود الناس المتدافعة مما يثير الشعور بالإزعاج والإرهاق والحصار ، فلا مفر من أداء هذه الواجبات الاجتماعية المقدسة ليتحول احساس البهجة برمضان الى احساس بالعجز والقهر فإذا ما أضفنا  فرائض الصيام وما ترافقه من تزهد للطعام والشراب نستطيع بسهولة أن نتخيل الضغوطات على المسلمين عامة في الشهر الكريم.

 وبغض النظر عن الارتفاع في الاسعار وعن الاوضاع الاقتصادية الصعبة فان شهر رمضان في القدس هو شهر تتوقف فيه الحياة العادية اليومية من اجل حياة اخرى خاصة تستمر ثلاثين يوما يعود بعدها المقدسي الى حياته ومصاعبها وصراع البقاء الذي يخوضه بشكل يومي مع السلطات الاسرائيلية .