- 4 نيسان 2025
- مقدسيات
القدس - أخبار البلد- لخص الصديق والناشط المقدسي وصاحب البصمات المعروف في القدس " نافذ عسيلة" في مقالة له في " أخبار البلد" باسلوبه المباشر هموم البلدة القديمة التي يعيش فيها فهي محيطه الذي لا يستغني عنه ، هذه الهموم رغم كثرتها الا انها تذوب امام الرغبة الصلبة في الصمود في المدينة المقدسة، واليكم المقالة:
هموم البلدة القديمة
بقلم : نافذ عسيلة
يعيش سكان البلدة القديمة في القدس تحت وطأة تحديات يومية قاسية، تتراوح بين استهداف الاحتلال لممتلكاتهم وهدم منازلهم وضغوط التهويد والاستيطان، فضلاً عن القيود المفروضة على حركتهم ومعيشتهم. بالإضافة إلى سياسات تمييزية تهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين، مما يعمق من معاناتهم. وتشمل هذه التحديات عدة جوانب أساسية أبرزها الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية وهوياتهم الجماعية. فيما يلي أبرز هذه الهموم:
1. الهوية والانتماء
- يعيش سكان البلدة القديمة العرب في صراع مستمر حول هويتهم المكانية والدينية في مواجهة محاولات التهويد المستمرة التي تهدف إلى تغيير الطابع التاريخي والثقافي للمدينة. هذا الصراع ينعكس في محاولات فرض السيادة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة والتاريخية، مما يهدد بطمس معالم الهوية العربية في القدس ويؤثر على ارتباطهم الروحي والتاريخي بهذه الأماكن.
2. ضغوط الاحتلال
- يواجه العرب في البلدة القديمة تحديات كبيرة نتيجة لهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتقييد حركتهم عبر الحواجز العسكرية. هذه السياسات تشكل تهديداً مباشراً لاستقرارهم الاجتماعي والاقتصادي، إذ تساهم في تفكيك الروابط العائلية والمجتمعية وتعرقل قدرتهم على العيش بكرامة وأمان. كما أنها تخلق بيئة من القلق المستمر حول مستقبلهم في المدينة.
- يُعزز توسع المستوطنين اليهود في البلدة القديمة من شعور السكان العرب بالتهديد الديموغرافي والثقافي حيث يترجم هذا التوسع إلى تغييرات في التركيبة السكانية ويؤدي إلى تهديد الهوية الثقافية العربية. مع زيادة عدد المستوطنات والوجود الإسرائيلي، يشعر العرب بأنهم مهددون في حياتهم اليومية وأن مدينتهم التاريخية تتحول تدريجياً إلى بيئة أقل تمثيلاً لثقافتهم وتاريخهم.
3. الحياة الاقتصادية والاجتماعية
- يعتمد العديد من سكان البلدة القديمة على السياحة والدخل اليومي كمصدر أساسي للرزق وهو ما يجعلهم عرضة للتأثر بشكل كبير بالصراع والإغلاقات الأمنية. هذه الظروف تؤدي إلى تراجع في حركة السياح، مما ينعكس سلبًا على تجارتهم اليومية ويزيد من صعوبة تأمين احتياجاتهم المعيشية. كما أن الإغلاقات الأمنية تعيق قدرتهم على التنقل والعمل بحرية، مما يزيد من تعقيد حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.
- تتفشى البطالة بشكل واسع بين الشباب في البلدة القديمة بسبب القيود الصارمة المفروضة على العمل والتنقل، خاصة تلك التي تعيق الوصول إلى فرص العمل خارج القدس. هذه القيود تحد من قدرة الشباب على البحث عن وظائف أو تطوير مهاراتهم، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية ويعمق الشعور بالإحباط والحرمان.
4. الحفاظ على التراث الثقافي
- يشعر السكان بالقلق الشديد إزاء محاولات طمس المعالم العربية الموروثة، مثل المسجد الأقصى وحارات البلدة القديمة التي تشكل جزءاً أساسياً من هويتهم الثقافية والدينية. هذه المحاولات تهدد بإزالة تاريخهم العريق من الذاكرة الجماعية وتؤثر سلباً على الرابط العاطفي العميق الذي يربطهم بهذه الأماكن المقدسة والتاريخية.
- هناك تنافس مستمر بين الروايات العربية واليهودية حول تاريخ القدس، مما يُساهم في تعميق الانقسام بين الجانبين. كل طرف يسعى لتأكيد حقوقه التاريخية والدينية في المدينة، مما يؤدي إلى صراع على المكانة الرمزية والتاريخية للأماكن المقدسة. هذا التنافس يفاقم التوترات ويزيد من التحديات التي تواجه سكان القدس الذين يشعرون أن تاريخهم وهويتهم مهددة بالطمس أو التحريف.
5. التحديات اليومية
- تعاني الأحياء العربية في القدس من سوء الخدمات البلدية مقارنة بالأحياء اليهودية، حيث تُعاني من نقص في البنية التحتية مثل الطرق والمياه والصرف الصحي، في المقابل، تحظى الأحياء اليهودية بخدمات أفضل وأسرع، مما يعكس تمييزًا في توزيع الموارد والخدمات بين السكان وفقًا لهويتهم العرقية والدينية ويزيد من شعور العرب بالظلم والتهميش.
- بسبب القيود المفروضة على التوسع العمراني يعاني السكان العرب في البلدة القديمة من ازدحام شديد في المناطق السكنية، حيث تزداد كثافة السكان بشكل كبير في مساحات محدودة. في الوقت نفسه، يُجبر بعضهم على مغادرة منازلهم نتيجة لسياسات الاحتلال التي تشمل هدم المنازل ومصادرة الأراضي وفرض قيود صارمة على البناء. هذه السياسات تساهم في تقليص المساحات السكنية المتاحة، مما يزيد من معاناة السكان ويفاقم من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها.
6. الدين والرمزية
- تتمتع البلدة القديمة بمكانة دينية هامة لدى المسلمين والمسيحيين حيث تضم أماكن مقدسة مثل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. لذلك، يُعد أي انتهاك لهذه الأماكن، مثل اقتحام الأقصى أو محاولات تغيير الوضع القائم في هذه المواقع مصدرًا كبيرًا للغضب والقلق بين سكان المدينة. هذه الانتهاكات تؤثر بشكل مباشر على المشاعر الدينية والروحانية وتزيد من التوترات بين مختلف الفئات، مما يعمق الصراع ويزيد من معاناة السكان العرب.
- يتم توظيف الدين سياسيًا لتعزيز السيطرة على القدس، حيث يُستخدم كأداة لشرعنة السياسات الإسرائيلية في المدينة، سواء من خلال تأكيد الحقوق الدينية والتاريخية في الأماكن المقدسة أو عبر محاولات تغيير الواقع الديموغرافي في البلدة القديمة. هذا التوظيف يزيد من حدة التوترات بين العرب واليهود ويؤجج الصراع الديني والسياسي، مما يُفاقم معاناة السكان العرب ويعزز مشاعر القلق والغضب تجاه محاولات تهويد المدينة وتغيير هويتها الثقافية والدينية.
هموم سكان البلدة القديمة في القدس تعكس صراعًا وجوديًا على المكان والهوية، حيث تتداخل قضايا الاحتلال مع حياتهم اليومية من خلال هدم المنازل ومصادرة الأراضي ومحاولات تهويد المدينة. السياسة تصبح جزءًا من واقعهم الملموس، تؤثر في كل جوانب حياتهم، مما يحول تفاصيل يومهم إلى مقاومة مدنية مستمرة للحفاظ على هويتهم ووجودهم في مواجهة القهر والاستهداف.
د. نافذ عسيله