• 22 أيلول 2025
  • مقدسيات

 

القدس - أخبار البلد - كتب خالد الاورفالي : 

 

 حالنا في القدس خلال اقل من اربع عشرين ساعة فقط  ليس كحال أية مدينة في العالم ،فهذه المدينة لا تعيش حياة طبيعية ولهذا فان اهلها ايضا لا يعرفون كيف يبدأون يومهم ولا كيف ستكون نهايته .

 بدء النهار برسالة من صديق يقول فيها انه  تحديث كاميرات المراقبة في بعض شوارع القدس الرئيسية مما يعني رفع قيمة المخالفات فيها لأرقام كبيرة وعقوبات أخرى منها سحب الرخص في حال السرعة الزائدة وتصل الغرامة المالية لأكثر من ٤٠٠ دولار ،

 بعد ذلك بقليل نشرت على مجموعات الواتس اب خبرا مفاده أنه خلال أقل من اربع وعشرين ساعة تم ترتيب خمس بوابات حديدية صفراء اللون على مداخل القرى المحيطة  بالقدس من مخماس والرام وحزما وعناتا واخيرا تم تركيب تلك البوابات الصفراء الوقحة على مدخل العيزرية أكبر  القرى  التي كانت لا تبعد عن القدس سوى امتار والآن أصبحت تبعد عن القدس كيلومترات طويلة وهذه قرية اثرية هامة في التراث المسيحي والاسلامية لكثرة الكنائس  القديمة فيها وكانت  جزء من الشارع التاريخي الذي يربط القدس وأريحا وعمان مباشرة ، ولكن بفضل الجدار الفاصل اصبحت العيزرية خارج الأفق بعيدة والشارع التاريخي اصبح شارعا فرعيا لا قيمة والآن جاءت البوابة الحديدية الصفراء لتقضى على هذا المكان

 وكما قال المحامي والصحفي المعروف ابن قرية العيزرية زياد ابو زياد وزير القدس السابق في الحكومة الفلسطينية " وضع بوابات على مدخل العيزرية لا يعني إغلاق العيزرية كلما أراد جيش الاحتلال وإنما فصل جنوب الضفة عن وسطها لأن اي شخص يريد التوجه من شمال الضفة ووسطها الى الجنوب لا يستطيع فعل ذلك إلا من خلال الدخول للعيزرية وصولا الى دوار واد النار.

مضيفا أن انتشار البوابات على مداخل المدن والقرى في الأراضي المحتلة هو جزء من ثقافة الجيتو النازية والتي لن تتوقف ممارسات الاحتلال عندها بل هي بداية لما هو قادم...

 وتوجه بسؤال هي نفس التساؤل الذي يطرحه كل فلسطيني في هذه الأيام " لا أعرف أين تقف القيادة الفلسطينية من تفاصيل الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني لأن هذه التفاصيل هي التي تقرر مدى قدرته على الصمود.؟ 

وعلق  أحمد البطش عضو المجلس التشريعي السابق عن القدس على ما قاله صديقه زياد ابو زياد بقوله : " هذه البداية فقط وسوف يتم تركيب بوابات على جميع بلدات وقرى القدس  وسوف يتم التحكم بساعات فتح وإغلاق هذه البوابات وفق مخطط واضح ، نحن نسير نحو نفق لا نعرف نهايته"

 وقال صاحب حانوت بيع الخضار في العيزرية  والي هو في الأصل من إحدى بلدات جنوب الضفة الغربية والقريبة من الخليل اضطر للقدوم الى العيزرية بحثا عن العمل لان هذه المنطقة أصبحت همزة الوصل بين شمال وجنوب الغربية ، انا افكر جديا باغلاق المحل والعودة الى بلدتي لان هذه البوابة تعني تحويل العيزرية وغيرها من بلدات حول القدس  وفي الضفة الغربية الى جزر معزولة عن بعضها البعض تتحكم بحياة البشر بوابة بشعة تدل على بشاعة الاحتلال .

 بينما قال صديق  بطريقة الفكاهة السوداء تدل على التراجيديا التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة  الغربية وخاصة المقدسي الذي بات لا يستطيع التحرك خارج حدود القدس إلا إلى داخل إسرائيل: كان عندنا ابلكيشن لتعرف وضع مئات الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية ونراقبها صباح مساء وقبل اي مشوار لنا والا اصبحنا بحاجة الى ابلكيشن لمعروف وضع البوابات الصفراء لمتابعة حياتنا التي لا تطاق ، لا حول ولا قوة الا بالله. 

بقي ان نعرف ان حياتنا ملونة حسب الوان البوابات الحديدية التي باتت كابوس حياتنا التي حولتها الى الجحيم الحقيقي اضافة الى الحواجز التي يطلق  عليها الكثير من الفلسطينيين بانها حواجز الموت حيث يتربص الموت هناك لأي فلسطيني بغض النظر عن عمره وجنسه  ومظهره الجميع على فوهة بندقية الجندي أو الجندية هناك .

 وقال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح: "دولة الإبادة الإسرائيلية رسّخت منظومة غير مسبوقة من الحصار والتطويق العسكري على القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية المحتلة. فمنذ ان شنّت دولة الإبادة حربها الدموية على قطاع غزة قبل ٢٣ شهراً، أقامت وبشكل متوازٍ ٨٤٩ حاجزاً عسكرياً، بينها ٢٨٨ بوابة على مداخل القرى والمدن الفلسطينية في الضفة، منها ١٧٢ مغلقة بشكل دائم، ما حوّل حياة أبناء شعبنا إلى مساحات ضيقة مغلقة لا تختلف عن معسكرات اعتقال جماعية. واليوم يُحاصر أكثر من ٤٠ ألف مقدسي داخل قراهم في شمال غرب المدينة المحتلة عبر بوابات حديدية وبنية عسكرية محكمة تحوّلهم إلى أسرى في أرضهم، محرومين من أبسط مقومات الحياة اليومية، واليوم، يعيد جيش الإبادة الإسرائيلي إنتاج  النماذج المظلمة في التاريخ بوسائل معاصرة، من حصار وتقطيع للأوصال، واقتلاع وطمس للوجود الفلسطيني، في سياق جريمة منظمة تهدف إلى إلغاء كل ما هو فلسطيني في القدس وباقي أنحاء الضفة المحتلة."

 هذه البوابات الوانها معروفة وكأنها رموز علينا أن نفهمها حتى نتمكن من العيش،  البوابات الصفراء يعني أنه يمكنك المرور والتنقل وأنها مفتوحة غالبا إلا إذا رغب قائد المنطقة عكس ذلك كما حدث قبل أيام عندما أغلق الجيش البوابات على القرى غربي مدينة القدس بعد عملية إطلاق النار  في شارع راموت المقام على أراضي تلك القرى بيت اكسا لفتا، وشعفاط ، حيث لم يستطع السكان العودة إلى منازلهم وبقوا خلف البوابات طيلة الليل  حتى اليوم التالي 

 أما البوابات ذات اللون البرتقالي فيه بوابات مغلقة في اغلب الأوقات ولا تفتح إلا للأغراض الأمنية فقط . والبوابات الخضراء فيسمح العبور من خلالها وفق تصاريح خاصة وهذا البوابات منصوبة على مداحل غالبية القرى، ولكن البوابات ذات اللون الازرق  او الاسود فانها تعنى ان هذه المنطقة منطقة عسكرية مغلقة لا يمكن الاقتراب منها والافضل ان تبتعد قبل ان تبتعد روحك من جسدك 

 انهائها واقع جغرافي جديد  وإعادة تصميم لحياة الفلسطينيين.