• 12 تشرين أول 2025
  • مقدسيات

 

بقلم: خليل العسلي 

 

 في احد مواقع التواصل الاجتماعي نشر أحدهم نداء او بيان او رجاء او طلبا سمعيه ما شئت ،  يقول فيه انه يبحث عن رجل صاحب دين لديه شقة في بيت حنينا او شعفاط  لديه رغبة بتأجيرها وان لا يزيد الايجار عن ثلاثة الف شيكل ( تقريبا الف دولار) . 

 هذه الاعلان او الطلب او النداء اثار الكثير من ردود الفعل ، احدهم قال لا يمكن أن يتم ربط الدين باصحاب الشقق في القدس هذه الأيام لأنهم لا يراعون دينا ولا شعبا ولا مدينة ، بينما رد آخر بقوله انه يوجد أصحاب شقق عندهم دين ولكن ليسوا في المناطق المطلوبة، بينما اقترح ثالث أن يذهب صاحب الاعلان الى منطقي العيساوية او راس العامود أو خارج الجدار( عناتا مخيم شعفاط كفر عقب العيزرية او حتى رام الله وبيت لحم واذا امكن ابعد لا بأس  )  إن رغب بأن يستأجر شقة من صاحب دين بمبلغ أقل بكثير من المبلغ  المطلوب الذي هو اصلا ليس بسيطا .

 قال رابع أن صاحب العمارة يحسبها بطريقة مختلفة فهذه العمارة كلفته قرابة ٢ مليون شيكل وبالتالي لا يستطيع إلا أن يؤجر الشقة فيها بأكثر من ٦ الاف شيكل شهريا  من اجل اعادة استثماره فيها والا فانه سوف يحتاج إلى عشرين سنة لاعادة هذه الإستثمار.

أن  أسعار الشقق في القدس تجاوزت حد الخيال والمنطق والدين والوطن ايضا، فلقد قال لي صديق إن ابنه المقبل على الزواج ويبحث عن شقة  ليسكن فيها مع عروسه وجد شقة صغيرة في حي بيت حنينا الذي يعتبره الكثيرون من أهل القدس بانها الاكثر تطورا وجاذبية، رغم ان الوضع لم يعد كذلك منذ سنوات طويلة، فطلب صاحب الشقة  إيجارا يزيد عن ٩ آلاف شيكل شهريا ، وان يدفع  ١٠ أشهر مقدما، فبعد أن  أصيب ابني بالصدمة وكان ان يفقد عقله ،  ترك المكان هاربا مسرعا، وتوجه الى صاحب شقة تبدو عليه علامات الوقار والتدين من ملبس ومسبحة ولحية  فقال له انه مستعد ان يؤجره شقة صغيرة لديه بمبلغ  ٦ الاف شيكل شريطة أن يحضر كفيل، وان يعطيه شيك بقيمة مرتفعة جدا ضمانا وحفاظا علي الشقة.

 والذي زاد الطين بله وزاد من  بشاعة المشهد المقدسي إصرار أصحاب بعض العقارات عدم  تأجير ما لديهم لأبناء  المدينة بل يفضلوا الاجانب حيث تتراوح إيجارات الشقق للأجانب  ابتداء من  ٣ الاف دولار واطلع شهريا.

 أليس هذا جنونا ؟ أليس هذا خياليا لا يمت الى الواقع بصلة ..؟

 أين يذهب أبناؤنا وكل الشباب المقبل على الزواج ؟ هل يذهبوا الى الجحيم ام الى الخارج ؟  

 أليس ما يقوم به أصحاب الشقق  والايجارات ورجال الأعمال الذين يقولون ببناء المشاريع الإسكانية في القدس هو تطبيق عملي وحرفي  للهدف الإسرائيلي الأكبر والمعلن بتهجير الشباب المقدسي  الى خارج المدينة ؟

 أيعقل اننا مبدأ التراحم في الإسلام وأقوال الرسول على ضرورة ان نساند بعضنا بعضا ، واصبحنا نطبق مبدأ انا من بعدي الطوفان؟ 

لا يعني  النقص الحاد المقصود من قبل السلطات الاسرائيلية في الشقق السكنية أن نستغله أسوأ استغلال من أجل تحقيق أرباح  لا يرضى بها الله ولا رسوله ولا كل الأديان ؟ 

 ايعقل ان نكون معول هدم وتدمير لمجتمعنا من اجل حفنة من الدولارات الملوثة بحياة ابناءنا؟ 

 اين المنطق بهذا اللامنطق الذي يحدث في القدس ؟ 

 أبناؤنا بدأوا يعزفون عن الزواج بسبب تكاليفه غير المنطقية ،وأصبحت  تكاليف الزواج تحسب بمئات الالاف من الشواكل . وأنهك الشاب  وأرهق حتى قبل أن يتزوج فقط من طلبات الزواج وفق الاعراف  التي نهى عنها الاسلام. ناهيك عن عدم قدرته على ايجاد شقة يستريح فيها  من رحلة الزواج المنهكة والمدمرة  للعريس اولا قبل العروس ، مما ينعكس في قادم الأيام إلى خلافات زوجية مبكرة .. 

 اهكذا نريد القدس خالية من شبابها، ومجتمعها مدمر مفكك، وبعض أصحاب العقارات يترددون على شققهم الخاوية من اجل تهويتها وخوف من الرطوبة ، فهم يفضلون ان تبقى فارغة من ان يساهموا في صمود المقدسيين في مدينتهم ، من أجل كسب ماليا لن يأخذوه إلى قبورهم….

 ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء