- 25 تشرين أول 2025
- مقدسيات
القدس - أخبار البلد - كتب نافذ عسيلة :
المرأة في القدس تواجه تحديات كبيرة وظروفاً معيشية صعبة، لكنها تواصل العطاء والصمود رغم كل الصعوبات. في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية القاسية، تتحمل المرأة مسؤوليات ضخمة داخل المنزل وخارجه، وتلعب دوراً مهماً في دعم أسرتها ومجتمعها.
في الأزقة القديمة المزدحمة، تثبت المرأة قدرتها على التكيف والابتكار، حيث تنظم شؤون منزلها وتعتني بأسرتها، بينما تشارك أيضاً في التجارة والمشاريع الصغيرة. بذلك، تظهر كعنصر أساسي في استقرار الحياة اليومية.
في بعض الحالات، تصبح المرأة هي المعيل الوحيد بعد اعتقال الزوج أو الابن، وتتحمل الأسرة عبئها بالكامل. مع غلاء الأسعار وصعوبة المعيشة، تسعى النساء إلى إيجاد حلول مبتكرة، فتدير ميزانية الأسرة بحذر، وتبحث عن بدائل اقتصادية، بل وتصنع بيديها منتجات قابلة للبيع، مما يجعلها خط الدفاع الأول عن استقرار العائلة.
العديد من النساء يشاركن في مشاريع بسيطة داخل منازلهن، مثل بيع المخبوزات والإكسسوارات أو تقديم خدمات الإرشاد السياحي. هذه الأعمال لا تقتصر على توفير دخل مادي، بل تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي للمدينة، خاصة أن الزبائن غالباً ما يكونون من السياح أو الحجاج.
العمل من المنزل أصبح خياراً واقعياً للعديد من النساء، نتيجة للظروف الأمنية الصعبة والقيود المفروضة. عبر مهاراتهن في الطهي أو الحرف اليدوية، تنتج النساء سلعاً تباع من خلال شبكات معارف أو تعاونيات نسائية أو مباشرة للزوار.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب المرأة دوراً مهماً في تقديم خدمات مثل إعداد الطعام لكبار السن والعناية بهم، فضلاً عن مشاركتهن في أعمال غير رسمية مثل التجميل والخياطة. ورغم بساطة هذه الأنشطة، إلا أنها توفر مصدر دخل ثابت وتساعد في تلبية احتياجات الأسرة اليومية في ظل قلة الفرص الرسمية.
تعتبر التعاونيات النسائية مساحة هامة لتبادل الخبرات والعمل الجماعي. من خلال هذه المجموعات، تسوق النساء منتجاتهن وتوسع نطاق عملهن، سواء عبر المعارض المحلية أو الإنترنت. هذه المبادرات لا تساهم فقط في الاقتصاد، بل أيضاً تحفظ الحرف التقليدية وتعد نوعاً من أشكال المقاومة الهادئة ضد محاولات محو الهوية الفلسطينية.
لكن رغم هذه الجهود، تواجه المرأة المقدسية تحديات عديدة، مثل القيود على الحركة والخوف من هدم المنازل أو مصادرة الأملاك، بالإضافة إلى المنافسة مع المنتجات الإسرائيلية الأرخص. كما تؤثر الأوضاع السياسية على حركة السياحة، مما ينعكس سلباً على المبيعات. وفي مجتمع تحكمه التقاليد، تجد بعض النساء صعوبة في التوفيق بين العمل ومتطلبات المجتمع، مما قد يحد من فرصهن في النمو والتطور.
على الرغم من كل هذه الصعوبات، تبقى المرأة في القدس رمزاً للصبر والصمود، وتشكل دعامة أساسية في استمرارية الحياة. بفضل قدرتها على التكيف والإبداع، تحافظ على استقرار أسرتها وتساهم في الحفاظ على روح المدينة، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من هويتها.

