• 2 تشرين الثاني 2025
  • مقدسيات

بقلم : عبد الله توفيق كنعان*

 

تأتي المناسبة المؤلمة للشرعية والعدالة الدولية وهي الذكرى 108 لوعد بلفور المشؤوم ، والعالم يعيش اليوم معاناة مستمرة لازدواجية المعايير وصراع المصالح الاستعمارية ، والنتيجة هي أن الشعب الفلسطيني هو الضحية النازفة ، في وقت ما تزال فيه الشعوب الحرة باحثة عن إجابة مقنعة ومنطقية لسؤال يتردد هو :

 هل وعود الأشخاص والمتنفذين ومصالحهم أقوى من قرارات الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ونيل حريتها ؟.

لم يكن وعد بلفور وحده السلاح الذي عمق نزيف الشعب الفلسطيني، بل على مدار أكثر من مائة عام وقوى الاستعمار تصدر الوعود وتنفيذ الاجندات والاستراتيجيات بمعزل عن قاعدة الحق العادل والشرعي للشعب الفلسطيني في أرضه ودولته المستقلة ، ومن محطات هذه الوعود الغادرة المشؤومة مؤتمر بال 1897 م ومخطط الحركة الصهيونية لإنشاء دولة يهودية مؤتمر كامبل بنرمان ( مؤتمر لندن الاستعماري) 1905-1907 القاضي بترسيخ تقسيم البلاد العربية وغرس كيان استيطاني صهيوني فيها واتفاقية سايكس بيكو 1916م ومؤتمر سان ريمو 1920م وصك الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1922م وغيرها من وعود واتفاقيات الظلم والظلام ، مروراً بما نشهده اليوم من انحياز واضح لاسرائيل ومن ذلك الوعود والتصريحات المتلاحقة للرئيس ترامب ومنها قرار القدس عاصمة مزعومة لإسرائيل الصادر بتاريخ 2017م .

 وللأسف فإنه وبالرغم من أن هذه الاتفاقيات والوعود كانت فردية وتصدر خارج اطار الاجماع أو الشرعية الدولية بل بالعكس تعارض جميعها قرارات الشرعية الدولية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، إلا أنها هي الغالبة في تقرير مصير الشعوب المظلومة ومنها الشعب الفلسطيني .

والسؤال ماذا جنى العالم وشعوبه من هذه الاتفاقيات والوعود ؟

 فالإجابة واضحة للجميع وهي أن العالم شهد تفاقم الصراعات وتوسع دائرة الحروب وضياع جميع قيم حقوق الإنسان والعدالة والديمقراطية والتسامح ، ويعيش حالة واضحة تتمثل بتفرد إسرائيل

 (السلطة القائمة بالاحتلال) في إبادة الشعب الفلسطيني ، ومواصلة ممارسات حكومتها اليمينية المتطرفة بالقتل والأسر ومصادرة الممتلكات والأراضي والاستيطان اقتحام المقدسات الإسلامية والمسيحية والتضييق الشامل على الفلسطينيين ، بالرغم من وعود البعض بأنه الضامن للسلام والذي اتضح انه سلام كما قالت حكومة اليمين المتطرفة ( سلام القوة) .

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن لغة الوعود والمصالح الاستعمارية لم تجلب حتى بعد أكثر من مائة عام على جريمة وعد بلفور ، السلام للمنطقة ، بل على العكس من ذلك خلفت المزيد من الحروب والنزاعات والكراهية والألم ، والآلاف من الشهداء والجرحى وملايين المهجرين ودمار هائل وابادة وحشية في فلسطين المحتلة من البحر الى النهر.

وسيبقى الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس متمسكاً بالشرعية الدولية رافضاً لجميع الوعود والتصريحات التي تسلب الشعب الفلسطيني حقه التاريخي الشرعي العادل بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وتبقى الوحدة ورص الصفوف بين ابناء الشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية والعالمية الحرة ، وتصدر القضية الفلسطينية لملف الجهود الدولية المركزية هي السبيل في كسر حلقة الوعود الاستعمارية ، خاصة في هذا الوقت الذي يشهد تذمراً عالميا من اسرائيل وارادة دولية فاعلة تعترف بالدولة الفلسطينية وحق شعبها المظلوم بالعدالة .

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس*