• 20 نيسان 2021
  • مقابلة خاصة

 

بقلم : الشيخ مازن اهرام

 

ياجدتي كيف كانت الحياة على زمانك

الله يرحم جدك كان رجال وسيد الرجال وكان بنظرة أفهم عليه   وألبي طلبه

يوه يا ولدي نسوان زمان أفضل بكثير من اليوم كن فهيمات شاطرات محترمات ومدبرات   ويقدروا قيمة زواجهم

ستي كيف كانت عيشتكم

العيشة بسيطة  وحلوة  نرضى بالقليل  ونحافظ على النعمة  والصغير يحترم الكبير والكبير يرحم الصغير  ما نحتاج حاجة من حدى   ونتراحم  ونصفح ونسامح راسي على المخدة أنام  جدك علمني المحبة  وقلبي كبير ما في وسع نكره حدى يستي الدنيا ما بتسوى   وليه نقضي عمرنا في الخصام  والزعل بجيب وجع القلب خدها مني يستي  اسمع شو بقول البهلول

يا قلبي ثق بالله   فهو المعطي المانع

وارض بقضاء الله   إنك لله راجع

ماذا في علم الله في الواقع

تدبيرك ما يسواش   من تدبيرك دعني

بتدبير مولاك كن راضيا ولا تنزعج أبدا من حرج

جرت عادة الله في خلقه   إذا ضاق أمر أتى بالفرج

يا قلب لا تهتم واترك هم الباطن

فالمقدور محتم سوف ترى وتعاين

سلم تسلم واعلم أن المقضي كائن

من قوى قلبوا عاش   في الدنيا متهني

ستي بيت العيلة

بيت العيلة يجمع الأحبة والعيلة والجيران   والخير كتير   والبركة من الله

ابوك شرى راديو جابوا معاه من بيروت   ورخصة الراديو شافوها على الحدود في الطريق وعمك فصل طاولة خصوصي   من خشب الزان للراديو  وطرزت شرشف كروشيه أغطي فيه الراديو  من الغبرة  وكان الجيران يجتمعوا بعد المغربية يسمعوا القرآن من الشيخ محمد رفعت  وعبد الباسط 

وبعد كم من سنة أبوك جاب تلفون اسود ابو القرص   وضعته بجانب الراديو

كان عنا بيت المونة   ألفية الزيت والسيرج   وجرة السمنة البلدية والحلبية جميع انواع القطانة مواعين زجاج   الحمص والعدس والفول   والقمح نجرشه على الجاروشة ونعمل طحين   ونعجنه   وعمك يحمل الطرحة ويروح على الفرن يستنى لما الفران يخبزه  ويأخذ أجاره رغيف بدل المصاري  ويأخذه على بيته يحب خبزنا وكنا نعمل صواني المعجنات واللحمة المكفته  والطحالات المحشية والكبدة والسمك ونطبخ كل يوم بيومه ما في عنا تلاجه ولاغاز بس موقدة  وحطب وبعدين كان بابور بيدوش الراس والله يرحموا الزحكيه بدل راس البابور براس أخرس

مرت علينا التلجة الكبيرة   وباب الدار مسكر   من التلج وقضيناها أكتر من ستة أشهر نغرف ميه من بير  الدار   ونطبخ على كانون النار والفحم والدق

ومر علينا الزلزال   سنة الستة وعشرين والله يستي مسكت حديد الشباك وسيدك مغطينا خائف علي    ويقرأ آية الكرسي   والمعوذات حتى هديت الدنيا والله سترها معانا 

طيب يستي احكي لي كيف أهل الحي والجيرة

جارتنا ام ابراهيم وبناتها وكناينها   كان عندهم نول   وكانوا يغزلن صوف الغنم  وكانوا يستي يجتمعون من بعد صلاة الفجر يفطروا مناقيش الزيت والزعتر  ويشربن الشاي  ويبقين يغزلن الصوف لما يؤذن الشيخ القزاز على المدينة  في الحرم وام ابو إبراهيم وابنه ابراهيم وأخوه إسماعيل  يعملون في حياكة الصوف ..ما شاء الله والله كانت الشغلة تطلع من ايده بتجنن

وجارتنا   ام خليل كانت تأخذ من أبو إبراهيم   البضاعة وتلف على الدور وتبيع   ويصح لها كومسيون   تصرف على عيالها مسكينة توفى عنها زوجها وهي صبية ترملت  يلا نصيبها

وكانت جارتنا كريمة وعفيفة   تشتغل في سقاية الماء في المسجد الأقصى   والله يا ستي كانت تقول أعظم الصدقة سُقيا الماء صلينا على النبي

أما ام عبده   كانت مغسلة تْغسل الأموات وتجهزهن   وتكفنهن (الشر برا وبعيد عنا  أتشائم منها الصباحية تمر من باب دارنا وتقول (يارزاق يا كريم) والدور جاي على مين 

الفلوة   ولدت نسوان الحارة   تبارك الله ايدها بركة   وياعيني   يستي لما تروح تولد نسوان الأغنيا تقبض خمس ليرا ت كومة وحدة غير  النقوط آه شو فكرك  وكانت تحكم وتعمل عجينة تقفل ظهر التي لا تحمل وتسوي دواء لكل إشي

وكنا يستي نجمع حالنا النسوان   ونروح على الحمام (حمام ستنا مريم) ونأخذ معانا غياراتنا   والستري  والقنبة  وعمتك يسرى تلبس الملاية بذمة  والحنة  ولاتنسى الزوادة نحضرها قبل بيوم والله يستي نعبي السلة ودلة القهوة  والبرتقال  اليفاوي  وايش الله بقسملنا   وكان عمك يحمل السلة ويسبقنا على الحمام  علشان يوم الأثنين الحمام ليوم الستات

كانت الشغالة مهدية أهلها وقت الحرب استشهدوا ياعيني عليها تربت عنا في الدار وصارت واحدة من أهل البيت. صبية تفرش الفراش   وتنظف البيت وتعبي    الميه  توقف   على خرزة البير وتدُك   الطرمبة أه يستي مية البير ما أشلبها عمك عبد القادر بيحلاله يسوي الشاي ويحط معاه عرقين نعنع يلقطهم من الحوض تحت اليسمينة   والبنات يحبوا يشربوا الشاي مع الميرمية منيح لوجع البطن

 ويوم الجمعة كُنا نطبخ طبخة المقلوبة   على بتنجان   ولحمة   وامك  تعمل الصلتة

وعمك يجيب طوس اللبن الرايب   تقلب الطوس على وجهه ما يندلق  من جارنا العسلي  ونقعد حولين الطبلية  وناكل بالهنى والشفا  وضيفتنا الحجة محبوبة تجلس جمبي  ونسكب لها بالصحن الألمنيوم  وبعد الغدا أغلي ركوة القهوة على الترموس  والبكرج النحاس عمتك تجليه  وتلمعوا بقشرة الليمونة يوج  وج

عند العصرية يندق باب الدار   وجارتنا ام كامل وام عزت   وام عادل وبناتهم وكناينهم  وإحنا نجتمع في الغرفة الكبيرة  وتبلش الشيخة محبوبه بقراءة المولد  والصلاة على سيدنا محمد وآلة وصحبه وسلم  

في الحارة يستي جيران متل الأهل   كل اسبوع نعمل استقبال

شو الاستقبال يستي  

الاستقبال يجتمع نسوان الحارة الكبار المستتات   كل مرة عند جارة   من الجارات وكان يجي دوري مرة في الشهر

جمعتكم على شو يستي   

انت شو بفهمك النسوان هدول  كان في ايدهم الحل والربط  والرأي والمشورة أقلك يستي لما جارنا بدو يتزوج  والملطش ما بعرف يختار شريكة حياته  دلوه على بنت حلال  ولما عمك  كان معفي من الجندية وقت السفر بلك  علشان عيلتنا من الأشراف  أخذوا ابن جيرانا  وابوه دفع كم من بارة  للعسكرية ياعيني على أُمه وحيد بين ست خوات  ونسوان  الحارة وقفوا مع أُمه وشجعوها  الله ينصر العثماني غاب عن بيته سنوات والله رده سالم  ولا تنسى جارنا تخرج دكتور قد الدنيا تتذكر ابن عمك كان صغير عمره سنه  ورحت على بيت الدكتور  علشان يجي ويحكمه  وسقاه الدكتور بابونج كان معاه تلبك بالمعدة وملقم

مرت عمك   فرحت كتير  وصارت  تدعي للدكتور  الله يبارك بك ياد كتور وتصير تحكم الكبار  زي ما حكمت الصغار

كانت المعاينة عشرة قروش رفض الطبيب أخذ الأجرة بحكم الجيرة   واكتفى بشرب فنجان القهوة امك صبت له القهوة بفنجان القشاني   تاع الضيوف

 ويقدم للضيوف التحلية الرز بالحليب وحلاوة السميد مع اللوز المحمص   والعصيدة ، التمر العجوة  عمك يجيبه من العراق أفير التمر   والقطين والزبيب  وعمتك تحمص بزر البطيخ نجمعه ونشفوا وعلى الصاج  وتضوي البابور

طبعا لا تنسى الضيا فة   صحون البنور  بالمُغلي  (رز مطحون  مع قرفة مطحونة مع مكسرات) وعمتك تحط عليه زبالته

طيب شو يعني زبالته؟؟؟

زبالته الجوز واللوز والصنوبر يعن يا ستي حواجته

وأبوك كان يجيب من عند العمد الحلقوم   المعطر بماء الورد   وفي الدار نعمل الغربية بالسمنة البلدية ريحتها تفحفح

وكل ما نصلي على سيدنا النبي زهرة جارتنا البنت الصغيرة تعطر المجلس    بالقمقم   وترش منه ماء الورد على الضيوف

والجمعة تبقى لصلاة المغرب يصلوا   جماعة ويلحقوا يروحوا على بيوتهم

ولو تشوف ام فريال لهلوبة ترقص وتغني وتضرب   على الدف وتنقر بالفقاشات والمزهر متل الجنكيات ،  تجمع  نسوان الحارة  في الافراح والتي ترفض أن ترقص وإذا زوجها حالف عليها طلاق  تدفعلها ربع دينار  كانت يستي كل فرح أوعُرس تحوش ليرات

لكن سيدك ما كان يحب  المساخر   ويقول قلة حيا، الله يتو ب علينا مجمع الشياطين حتى جيرانا المحترمين  ما كانوا راضين وكانوا يفضلون حلقات الذكر  والموالد وخاصة في شهر رمضان

تعال أحكيلك سيدك ينزل على السوق  ومعاه العرايشي (الحمال)وكان يعدي على الخضرجي الحاج رصاص  يأخذ منه الخضرة  والبتنجان البتيري  والكوسا البلدي  وعدة السلطة  وبعدها يُميل على اللحام عبد اللطيف أو الديسي يشتري منه  الذراع  ويكفت الباقي عند الحاج توفيق العمد على السيخ وكانت البسطة في مدخل حوش الشاويش أبو الشامات وبعدها يا ستي في باب خان الزيت الحاج أبو علي الكرد تشُوفه حامل القرعة اليقطينة  ويعجن عجينة القطايف بالحلة النحاس الكبيرة   والناس واقفه على الدور تستني واخو الحاج أبو علي  بيصب القطايف  على بلاطة الصاج الحديد في ايده اليمين الأبريق وفي ايده الشمال مجرود يشيل المستوي

عمك يعطيه الصينية النحاس   والبشكير يلف القطايف ويصفته علشان ما يلزق

وبعدها يعدي عند الحاج صادق صندوقة يشتري منه القهوة تشم ريحتها طول ما انت ماشي في باب خان الزيت مع الهيل اشي اشي

وتمضي الأيام ويكثر الخير وتبلش العزائم نسايبنا والاصهار  ،  والمشايخ أجو من مصر لتلاوة   القرآن في المسجد الأقصى  في رمضان ،والجيران يتناوبون مين الشاطر تحل عليه البركة ويعزم  الشيخ ، ما أحلاها من ليالي وتستمر ليالي رمضان للسحور  وتنصب الموائد  ، وكل جار يكسب الأجر في إفطارات الشهر الكريم

كنا نحضر أغراضنا قبل العيد ومن التاجر بطشون نقطع الأقمشة المعرقة  والهندية  ونحسب كم ذراع بيلزم ، و الخياطة ام عارف تأخذ القياس وتفصل الملابس وكانت تمكث عنا  في غرفة الضيوف علشان تقيس للنسوان الألبسة  جدك ما كان يخلينا نروح على الخياطة في بيتها (يغار علي يستي)

وابوك وأعمامك يفصلوا البدلات صفين زرار أحلى من بدلة الملك فاروق   ووفي الطريق   محل عكروك محل الطرابيش في عقبة النصارى يشتروا منه طربوش العيد

والوالد يأخذنا عند باتا يشتري لنا الأحذية والصبايا ياعيني بدهم كعب عالي تصور البياع كل كندرة ب تسعة وتسعين قرش   وباقي الأغراض من محل النوفيته من هون شوية ومن هناك شوية   ونجهز   كل شئ   نستعد للعيد

كنتم يا ستي أولاد صغار ابوك يوصي على خروف حي من الطزيز ،قبل العيد بيومين ثلاثة قديش تفرحوا وتلعبو ا   وترعوه في كرم العلمي ملان حشيش وخضرة

والنسوان يجتمعون اليوم في بيتنا   وغداً في بيت الجيران عونه يستي الكل يساعد الكل  يحضروا الكعك والمعمول المحشي بالعجوة   والفستق الحلبي علشان ضيافة العيد ودلة القهوة يتذوقوا الكعك أيهم افضل

وتروحوا يستي عند الحلاق الوعري يأخذ على الراس شلن

الليلة الكبيرة امكم تشعل الحمام البابور والسطل   وتجلسوا على اللوح   في الطشت وتدعكم بالليفة   والصابونة النابلسية  وبعدها ترقينا شوية  أبوكم جاب كيزر من الشام  يسخن الميه  ونحط في الموقدة كياس  النيران نجارة خشب مع النفط كيس واحد يكفي نتحمم العيلة

 وقديش الفرحة حلوة البنطلون نفرشه تحت المخدة احسن ما يتجعلك والكندرة تحت التخت والجربان نفس اللون والقميص والبلوزة نفرشها   على الكنباية تناموا ما أحلاها من ليلة

ابوكم بصحيكم  على صلاة الفجر   وتنزلوا على الحرم  وتصلوا صلاة العيد  وتبلش الزيارات  والعيديات وبوس الأيادي  وعند الظهيرة تروحوا على البيت  معاد الغذاء  يفترش خاروف العيد  على الطبلية  وتلتف العائلة  جمعة حلوة الكل معيد ومبسوط والجيبة ملآنة عيديات  وأصناف الحلويات العديدة  والشكالات السلفانا  ويذهب الأهل الكبار إلى قيلولة استعدا لاستكمال زيارات العيد والتهاني والتبريكات وانتم تلعبون في الحديقة لتبحثوا عن خروف العيد الذي صحبناه أياماً معدودة لنعلم أن الجزار قد حضر في غيابنا وقام بالواجب حزنا على الفراق لكنها سنة الحياة لنعود إلى أدراجنا  وتسير الأيام  تصبح في عالم الذكريات حكايات جدتي  والبيت الكبير  والعائلة التي فرقتنا بها الأزمان وتبدلت الأحوال وتغيرت العادات

هذا لوحة من الذكريات المقدسية