• 3 كانون أول 2021
  • مقابلة خاصة

 

بقلم : ارشد هورموزلو

 

طبعا فأنا لست أنت، وانت لست أنا، ولذلك فمن المنطقي أنك لا تتصرف مثلي ولا تتوقع أن أتصرف مثلك. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نرى بأن الاختلاف هو وجه الحياة والمفتاح الأمثل لكي نعيش معا بشكل إيجابي يتخطى كل السلبيات.

لعلك قد قرأت أو سمعت الكثير من الضوابط التي تتردد هنا وهناك وعلى ألسنة الكثيرين من المفكرين وعلماء الاجتماع. ونستطيع أن نضيف اليها الكثير من الأفكار والمفاهيم، ولكن تعالوا ندرس معا أهم هذه الضوابط:

انا لست انت 

 وليس من المفروض ان تقتنع بما اقتنع به.

قد لا ترى أنت ما أراه أنا. 

الافكار  المختلفة أمر طبيعي جدا في الحياة.

 لا تستطيع أن تنظر بزاوية ٣٦٠ درجة

معرفة الناس لا تكون للشجار معهم، بل للعيش معهم.

بطبيعة الحال نستطيع أن نتبسط أكثر فأكثر في هذه المفاهيم، فهناك البعض مما يرى الآخرين نسخة مصوّرة منهم شكلا وقالبا. مما يعني أن عليهم أن يفكروا مثله ويتصرفوا مثله.

ولكن من الطبيعي أن أكون أنا لا أرى ما تراه أنت، فقد نتطلع إلى الأشياء من نوافذ مختلفة وبتقبّل مختلف. أليس كذلك؟

هل نبحث عما نثبت به ذلك؟ خذوا مثلا، نظرتنا إلى العقيدة والمفاهيم المشتركة، فنحن ننظر إليها من نفس النافذة ولذلك نتشارك في هذه الأفكار وتغمرنا السعادة بذلك.

فاذا أغلقنا نافذة القضية المشتركة وبدأنا بالنظر إلى مجمل نقاط الحياة، فقد لا نتشارك في حب نفس الألوان ولا نطرب لنفس الأغنية ونختار لأنفسنا طريقا مختلفا في العمل والتخصص.

إذن، لماذا تريدني أن أكون مثلك؟ فأنا لا أريدك أن تكون مثلي. فاختلاف وجهات نظرنا لا يفسد للود قضية، بل يذهب إلى إغناء مفاهيمنا وتوجهاتنا وأفكارنا ليس إلا. 

هل نستطيع أن نتبنى قوالب معينة ومشتركة لأهدافنا؟ لا أظن ذلك. 

سمعت من أحدهم أن شخصا كان ينتقده لعدم تمسّكه بأزياء عصر النبوة والخلفاء ويعيب عليه شكل ملابسه ويعتبر ذلك شكلا من أشكال الدعوة التي لا يتنازل عنها. قال له من يناقشه، بأنه يجب أن يعي بأن ما يريده منه أن يلتزم به من ملبس كان أيضا مما اعتاد عليه أبو جهل والمشركون أيضا، فلماذا التعميم ولماذا التخصيص؟ قال لي الصديق أن محاوره لم يقتنع إطلاقا، قلت له أنه يريدك أن تكون هو ولست أنت!

يقودنا ذلك إلى أن نفهم بأن هناك فرقا بين الشكل والموضوع ولكن هناك من يخلط دوما بينهما. فلنسأل هل المظروف هو الأهم لكم أم ما يحتويه ذاك المظروف في داخله؟

وبما أننا لا نستطيع أن نتطلع بزاوية قدرها ثلاثمائة وستون درجة، فإننا يجب أن نتشارك فيما نراه من أبعاد مختلفة، بل يجب لأن نعتبر ذلك من أولويات مهامنا. فالأمم تغتني فكريا بهذا النمط من التفكير والعمل به.

فمن الطبيعي جدا أننا نحتاج الآخرين في كل أمر ومن الصواب أن نتشارك لإغناء أفكارنا ومفاهيمنا وطرق عملنا وإنجاح ثوابتنا لكيلا تصاب بالفشل. ومن هذا المنطلق أيضا أن نرى أن التعددية قد تفيدنا في أمور كثيرة إذا تجنّبنا نحت الآخرين بأشكالنا وصورنا.

لنمارس النقد الذاتي، لنضع الاختلافات الصغرى وراء ظهورنا. ومن هذا المنطلق أعيد واكرّر ما قلته في أكثر من مناسبة، وهو أن نشدّ على أيدي كل من لم يخن القضية. 

من أساء إليّ، ومن افترى بحقي، ومن اختلق بشأني أمرا لم يكن في، والخلاصة كل من آذاني فأنا اسامحهم، فأنا لست هم وهم ليسوا أنا. هذا كل ما في الأمر.