• 28 كانون الثاني 2022
  • مقابلة خاصة

 القدس - أخبار البلد - خصصت الكاتبة نزهة الرملاوي شبكة " أخبار البلد" بنشر قراءة تحليلية عن كتاب " الرغيف الأسود " للكاتب الشاعر الدكتور حسن المصلوحي .

 الكاتبة نزهة هي معلمة واديبة وروائية مقدسية، صدر لها مجموعة قصصية عام 2017 بعنوان عشاق المدينة، وكرمت كأفضل مجموعة قصصية عن القدس في مهرجان زهرة المدائن، و تناولها النقاد والطلبة للبحث والدراسة والتحليل، وحصلت على وسام جامعة القدس.  وفي عام 2019 صدرت رواية كرنفال المدينة، وكرمت كأفضل رواية عن القدس في مهرجان زهرة المدائن،  وفي العام 2020 صدر لها قصتين للأطفال القبعات الملونة، وقراءة من وراء الزجاج، نوقشت تلك القصص في بعض المدارس وندوة اليوم السابع.  صدر لها قبل أيام 2022 رواية ذاكرة على أجنحة الحلم.  وتحت الطبع أربع قصص للأطفال واليافعين، الفراشات المضيئة، آخر النفق، عمر حبيب القمر، السنابل الراقصة.

 وكتبت الكاتبة نزهة الرملاوي عن  كتاب ؛الرغيف الاسود" للدكتور الكاتب الشاعر حسن المصلوحي  هو عبارة عن مذكرات للسيرة الذاتية والمجتمعية المغربية.   الكاتب ابن بيئته ابن الألم وابن الفرح، يؤرخ الفقر والعوز، يدون أحلام المشتهين لذلك الرغيف حتى وإن كان رغيفا أسودا بلا طعم

 الكتابة ليست الصنعة السهلة بل هي الإلهام الصعب، لذا نجد أن للنفسية المتألمة والالام التي عاشها الكاتب وقصص طفولته التي لا يريد ان ينساها، دور مهم ومؤثر في كتابتها، فقد دوّن تلك المرحلة  دون خوف أو تبجح، إضافة إلى موهبة الكتابة، فكتب عن القسوة التي لازمت طفولته، وراح ينشر رائحة الخبز الأسود الذي يتناوله في زوايا أفكارنا وتخيلاتنا.

أهمية الكتاب وما فيه من سيرة طفولية تكمن في تفصيل وحبك أحداث ومشكلات وصعوبات رافقت الكاتب، فرسم يومياتها بدقة وجمال رغم مرارتها، إضافة إلى أنسنته للمكان وتحريكه للشارع والموقف والمدرسة والحيّ والأزقة ومزارع الذرة والشخوص كما كان في الواقع المبكي، وخيال الكاتب المشتهى

 استخدم الكاتب التشبيهات والاستعارات لإثراء سرد مذكراته.. وما الصور المستخدمة فيها إلا صورا صادقة وحقيقية لا زال يعاني منها المجتمع  المغربي..صورة بدت قاتمة سوداء، إلا أن بياضها كان في أسلوب الكاتب الراقي حسن المصلوحي.

  وصف الكاتب طفولته الأليمة بعفوية وصدق، وصف قهر المرأة وسلب طهرها، وقهر الطفل وتهميش مطالبة والعقوبات التي تنتظره في المدرسة والبراكة، وقهر العامل واستعباده، وعذابات كثيرة تمر بها فئة الكادحين، وعرض بجرأة وقوة صورة المتسلطين الطغاة، بلغة انسيابية جميلة شائقة، وما تمتعت به من عواطف مثيرة جياشة، صاحبها خليط من الصدق والحزن والألم والاشمئزاز لمجتمع عربي مشابه لحال مجتمعاتنا العربية المزرية في هذه الأيام، حيث نشاهد صوره المؤلمة المثيرة للشفقة  على شاشات التلفاز. نبكي حال النازحين، لاجئون يتيهون في بلاد الله، جثث طافية على وجه البحر، مقهورون يموتون تثلجا تحت الخيام.

وصف الكاتب المجتمع العربي المغربي الذي وقع آنفا تحت الاحتلال الفرنسي ولم ينج من براثنه وطغيانه وعمله على استدامة الطبقية والنظم الفاسدة، فأدخلنا في فضاء المغرب المتباين، فهناك المسؤول الظالم والحاكم المستبد والعامل الكادح والطالب المتعب الحالم، عبرنا ذلك الفضاء بشغف وتواصل رغم القهر والبؤس الذي سكننا من صور التعذيب، فكانت المدن والأماكن المغربية التي سكنتنا وذلك من خلال تصوير الكاتب للكادحين المتكاتفين المتعاونين في حرّ الصيف واحتراقه، وبرد الشتاء وقسوته..

البؤساء وحدهم يا سيدي متشابهون في قهرهم وآلامهم، مؤمنون بعدالة السماء رغم ظلم البشر.