• 24 آيار 2024
  • مقابلة خاصة


 القدس - أخبار البلد -  كتب خليل  احمد العسلي : 

كم تفتقد القدس في هذه الأيام الحالكة التي يلف السواد سماءها والدم أرضها  شاعرها التركي العظيم الذي لم يبخل عليها بالحب والعشق والكلمة انه الشاعر"نوري باكديل" الذي لقب وبحق "شاعر القدس".

 كم تفتقدك القدس يا نوري من أجل شحذ الهمم ورأب الصدع بين العرب  والمسلمين الهائمين على وجوههم  بعد أن فقدوا البوصلة ( القدس).

 كم تفتقدك القدس يا شاعرها نوري باكديل  يا ابن مدينة كهرمان مرعش ، مدينة الشعراء والأدباء والثقافة، من اجل التاكيد على اهمية حب القدس التي هي كما قلت عنها ذات يوم بأنها " ساعة في يدي"

فكل يوم يتذكر المقدسيون هذا الشاعر الذي توفى  18-10-2019  تاركا ارثا ادبيا انسانيا كبيرا لم يصل جله ولا حتى بعضه الى العرب والمسلمين ، لتقصير من العرب والأتراك على حد سواء .

ولكن يبقى عشقه للقدس علامة فارقة في هذا  الإرث الذي  ذكره الشاعر نوري باكديل في مقابلته مع شبكة " أخبار البلد" المقدسية والتي كانت هي المقابلة الاولى والاخيرة له مع وسيلة إعلام عربية ، لقد تشرفنا بالحديث مع هذه الشخصية الانسانية التي نافست بل وفازت بحب القدس لها .

 وبهذه المناسبة فان الاستاذ والكاتب المعروف " أحمد أويصال" الذي يشغل حاليا منصب مدير مركز "يونس أمره" في الدوحة قطر قد نشر مقالته  في صحيفة الشرق القطرية بعنوان" شاعر القدس  نوري باكديل"، ويسعدنا في " أخبار البلد" ان نعيد نشر المقالة التي أوفت حق هذا الشاعر الذي جاء الى القدس وقد بكى في أقصاها من شدة فرحة بأنه وصل اخيرا الى معشوقته .

 اليكم المقالة كاملة ورحمة الله عليك يا شاعر مدينتنا : 

نوري باكديل (Nuri Pakdil) هو واحد من أهم المفكرين الإسلاميين في تركيا. عاش حياة طويلة من الفكر والإبداع، وتبقى قصائده عن القدس في ذاكرة الجميع. وُلد نوري باكديل في مدينة مرعش التي أنجبت العديد من المفكرين والأدباء البارزين، وذلك في عام 1934. بدأ «باكديل» كتابة المقالات والقصائد منذ سنوات دراسته الثانوية، وكان له علاقات قوية مع اثنين من المفكرين والأدباء المهمين وهما نجيب فاضل وسيزائي قراكوچ. قدم دعمه لمجلتيهما «بيوك دوغو» (الشرق الكبير) و«ديرليش» (القيامة) من خلال كتاباته، وبالإضافة إلى ذلك، قام بنشر مجلة أدبية أخرى بعنوان «صبر أوسو» (قاعدة الصبر) مع أصدقائه بين عامي 1984 و1989. تناول موضوع الصبر بشكل ساخر وأدبي ليعبر عن المعاناة التي يمر بها الشعب التركي.

نشأ نوري باكديل خلال فترة حكم الكمالي القاسي، حيث أنتج أعماله في مناخ استبدادي ولم يخش القمع. عارض الخطاب القومي السطحي الذي رمزت له الكمالية بشعار «ما أسعدني أن أقول إنني تركي»، واقترح بدلاً من ذلك شعار «ما أسعدني أن أقول إنني مسلم» بمعني آخر أراد أن يبرز الهوية والأخوة الإسلامية بدلاً من النزعة القومية التركية. استخدم لقب «القائد الأعظم» للنبي، وهو اللقب الذي أطلقه الكماليون على مصطفى كمال أتاتورك. ركز نوري باكديل على قضايا التغريب والاغتراب. وبالنسبة له فإن التغريب هو اغتراب كبير وهو سبب للأزمات الاجتماعية والسياسية التي نعيشها.

عرّف باكديل نفسه بأنه ثوري. عندما بدأ أحد خطاباته الأخيرة بالقول: «أحييكم بوعي معاد للإمبريالية وللرأسمالية، والإشتراكية، وللنازية، ومناهض للفرعونية...»، مما يعني أنه قام بتعريف هويته أيضًا. وكغيره من المثقفين، كان يشعر بالمسؤولية تجاه المجتمع والشعوب الإسلامية والإنسانية: وكان يقول: «كيف أستحق الحياة إذا لم أكن مسؤولاً عن كل ما أعرفه؟» وقال في أحد مقالاته «أنا أدافع عن الإنسانية ضد الإنسان. كان باكديل يرى الأدب كعمل نضالي. قام بتحليل عصره من خلال الأدب، وعبر عن إيمانه ونضاله أيضا من خلال الأدب.

تناول نوري باكديل في كتبه قضايا سياسية دون أن يصبح سياسيا، مثل الاضطهاد، والاستغلال، وتآكل الهوية، الانحلال الأخلاقي. نشر له حوالي أربعين عملاً في جميع الأنواع الأدبية تقريبًا: 1 مذكرات سفر، و19 مقالاً أدبيا، 7 مسرحيات، 4 ترجمات و5 قصائد (كتابان عربيان) (غولديسته 1-2)، و3 رسائل، وكتاب محاضرات واحد. ويذكر أن هذه الكتب تشمل سلسلة مقالات «بيعة». وقد انتقد في هذا العمل الأدب التركي في العصر الجمهوري لانفصاله عن التاريخ والمجتمع والشرق الأوسط. وفي كتابه «مذكرات غربية»، أجرى مقارنة مفصلة بين الشرق والغرب أثناء سفره في الغرب وانتقد الإعجاب بالغرب.

ومن بين دواوينه الشعرية الخمسة، كان ديوان «في وجه الصمت» الذي حظي بشعبية كبيرة ويعكس مشاعره وأفكاره. وقد خصص كتابين للشعر العربي ونشرهما تحت اسم «جولديسته». وقد ضم في هذا الكتاب قصائد 92 شاعراً من 14 بلداً عربياً (السعودية والجزائر والمغرب وفلسطين وفلسطين وغينيا والعراق ولبنان ومصر ونيجيريا والسنغال والسودان وسوريا وتونس والأردن) وقدمهم للجمهور التركي مع سير ذاتية قصيرة. وقد كان يحلم بشرق أوسط خال من الحدود وشرق أوسط موحد، وأولى أهمية كبيرة لبناء جسر من الأفكار والمشاعر مع العالم العربي.

إسطنبول والقدس هما المدينتان اللتان ترمزان إلى أفكاره. فبالنسبة له كانت إسطنبول مركز الحضارة الإسلامية وحصنها والمدينة التي بشّر النبي (صلى الله عليه وسلم) بفتحها، أما القدس فكانت المحطة الأخيرة على الأرض لصعود النبي محمد في الإسراء والمعراج. لقد حزن بشدة على احتلال فلسطين والقدس ودعا إلى بذل الجهود لتحريرهما. وقال: «لا يمكن دخول الإنسانية دون حب القدس.»

كان يقول في إحدى قصائده:

عِشْ جَبَلَ الطور لِتَعْرِفَ أَيْنَ القُدْسُ.

أحمل القدس مثل ساعة في يدي

إن لم تضبط الوقت وفق القدس، يضيع الوقت هباء

....

 تتجمد، وتعمى عينك

 تعال، كن أُما، لأن الأم تبني قدسا من طفل

عندما يصبح المرء أبا، يحيي القدس في قلبه

سر يا أخي، ليأتي لقَدمَيكَ قوة القدس

...

قَسَمُ الأم ونَفَسُ الطفل

يكونان معًا مع مد البحر

 الأب يعرف أن الآلة التي تحرث الأرض

تتحدث عن القدس بحزن.

نوري باكديل ليس من المفكرين الذين يعتدون بأنفسهم. فقد كتب رسائل إلى أصدقائه وطلابه وإلى الناس من حوله، محاولاً توجيههم وتحفيزهم وتشجيعهم على فعل الخير. نُشرت بعض هذه الرسائل فيما بعد على شكل كتاب. ومع مسلسل «الرجال السبعة الجميلون» الذي تم تصويره حديثًا، عادت أعماله وأفكاره إلى الواجهة مرة أخرى. وكُتبت العديد من المقالات والكتب والأطروحات عن نوري باكديل. ولا يزال نوري باكديل مصدر إلهام وإرشاد للشباب في تركيا حتى يومنا هذا.