• 7 أيلول 2024
  • مقابلة خاصة

 

 القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي 

 تنشر جريدة " أخبار البلد" المقدسية الجزء الخامس من يوميات الروائي والأديب والكاتب والناقد  المقدسي " محمود شقير" صاحب البصمة الواضحة في  الأدب عامة وفن القصة القصيرة جدا والذي يعد من رواها في العالم ، والذي كتب عن القدس بطريقته المميزة،  فكانت المدينة التي عاش واحب وعاد لها، ويقضي أيامه في أحضانها كاتبا وناقدا حاضرا اجتماعيا وثقافيا، لا يفكر بمغادرتها ولو لفترة قصيرة فهو لا يطيق البعد عن معشوقته القدس بعد أن اجتمع بها.

 انه العشق الذي لا يعرفه إلا أهل القدس فقط . .

 هذا ما خطته قلم الأستاذ الروائي الكبير محمود شقير في يومياته

 الخميس 13 / 6 / 1996 ذهبت لمقابلة الوزير ياسر عبد ربه في مكتبه، وجدت عنده الشاعر محمود درويش والمخرج السينمائي ميشيل خليفي. تبادلت التحيات مع محمود وميشيل، ومع الأخ الوزير الذي لم أجتمع به منذ أسبوع.

 ذهبت في الساعة الثانية بعد الظهر إلى مطعم البردوني في رام الله لتناول طعام الغداء على شرف الأمين العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، محمد الميلي. حضر من وزارة الثقافة: ياسر عبد ربه، يحيى يخلف، محمد البطراوي، ليانة بدر، وأنا. وحضر كذلك محمود درويش، وجهاد قرشولي وآخرون. لم أتمكن من قراءة الصحف هذا اليوم. الجمعة 14 / 6 / 1996 بقيت طوال اليوم في البيت. تفقدت الحديقة. قرأت في رواية العاشق. شاهدت فيلماً أجنبياً اسمه "ملك الهضبة" يتحدث عن أسرة فقيرة لكنها لا تفقد ثقتها في الحياة. الأب يضطر إلى إرسال ابنه الصغير ليعيش عند أحد الأقارب لتوفير مبلغ زهيد، فيما الابن الآخر الذي لا يتجاوز الثانية عشرة يمارس بعض الأعمال الصغيرة لكسب المال. 

قمت ببعض التمارين الرياضية الخاصة بآلام الرقبة. الجمعة يوم مريح للأعصاب. السبت 15 / 6 / 1996 ذهبت بعد دوامي في الوزارة إلى مقر اتحاد الكتاب في الرام. سلمني الأخ عزت الغزاوي رسوم نادية الشلبي لقصة "قالت مريم.. قال الفتى". 

لم تعجبني الرسوم. فيها تبسيط زائد عن الحد. في المساء ذهبت إلى مركز خليل السكاكيني لحضور المونودراما "الزاروب" لسامية البكري. المسرحية تقوم على التذكر. تذكر رجال ونساء من عكا، وتقديمهم بالعلاقة مع المكان. تتداخل قصص هؤلاء الناس مع السيرة الذاتية للممثلة نفسها. 

إنها مسرحية جيدة لولا بعض التطويل هنا وهناك. عدت إلى البيت في تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً. هاتفت الأخ أحمد دحبور في غزة للتأكد من وصول الترجمة العربية لكتاب هنري كتن عن القضية الفلسطينية التي أنجزها الدكتور رشدي الأشهب. لم أقرأ شيئاً هذا اليوم. حتى الصحف لم أقرأها.

 الأحد 16 / 6 / 1996 حضرت اجتماعاً للجنة المركزية لحزب الشعب في رام الله. دار نقاش حول مشاركتنا في الحكومة بعد أن كنّا نرفض ذلك في البداية. عدت إلى البيت. نمت ساعتين لأنني كنت مرهقاً. في المساء ذهبت مع آخرين من أبناء العائلة للتعزية بوفاة أحد الأصهار. في الليل، كان الحفيد بشار متوعكاً. أعطته جدته جرعة من الأكامول. تحسن على نحو ملحوظ. لاطفته بعض الوقت. قرأت في رواية العاشق. الساعة الآن الواحدة والنصف ليلاً. سأذهب إلى النوم دون تمارين رياضية. 

الخميس 20 / 6 / 1996 هذا الصباح انتقلت إلى مكتبي الجديد في الطابق السادس من مبنى الوزارة. انتقلت معي كل دوائر الفنون والآداب التي تقع تحت إشرافي. جاء زهير النوباني واقترح تأجيل إجراء الحوار الذي كنّا سنجريه معه لدفاتر ثقافية لأنه مرتبط بموعد طارئ. انتهيت من قراءة رواية العاشق التي كتبها يهوشواع بعد حرب تشرين 1973، ويبدو فيها المجتمع الإسرائيلي وهو في حالة من التفسخ والأزمة.كما تبدو فيها صورة العربي الذي لا يمكن للإسرائيلي أن يستغني عنه، مع بقائه في مرتبة تجعله أقل من الإسرائيلي.

 أشعر بآلام في رقبتي، و بصداع في الرأس. قرأت في كتاب "الجذور اليافية" الذي يحتوي على ذكريات عن يافا. مزاجي متعكر إلى حد ما. في الخارج تولول رياح صيف شديدة. الجمعة 21 / 6 / 1996 تفقدت في الصباح حديقة البيت. تناولت طعام الفطور، ثم أجريت تعديلات على قصة "قالت مريم.. قال الفتى". 

قرأت مجموعة ابراهيم جوهر "سر الغولة وقصص أخرى". شاهدت فيلم "السجينة 67 ". لكنني غفوت أثناء ذلك، فلم أتأسف كثيراً. لاحظت أن إلهام شاهين بطلة الفيلم ممعنة في السمنة، لكنها بقيت جميلة على أية حال. تابعت الاستعدادات لمؤتمر القمة العربي. شاهدت فيلم "الطبالة الصغيرة"، الذي يتحدث عن الحروب السرية لجهاز الموساد الإسرائيلي. الساعة الآن تقترب من الواحدة ليلاً. 

لا أشعر بأنني أنجزت شيئاً كافياً هذا اليوم. كان يمكنني أن أقرأ أشياء أخرى، لكن الوقت يمضي سريعاً. الطقس صيفي معتدل، وثمة نسائم خفيفة تهب عليّ الآن من النافذة.

 السبت 22 / 6 / 1996 كان يوماً مرهقاً لي. عملت طوال اليوم في مكتبي بالوزارة. جاء زهير النوباني وأجرينا مقابلة معه. طرحنا عليه (أنا، زكريا محمد، ومنذر عامر) الكثير من الأسئلة حول تجربته في المسرح والتلفزيون، فأجاب عليها.

 اتجهت في الخامسة إلى مسرح السراج، لمشاهدة فيلم "حيفا" من إخراج رشيد مشهراوي. وجدت هناك عدداً من الزملاء والأصدقاء. كان هناك رشيد وزوجته، وكذلك محمد بكري الممثل الرئيسي في الفيلم. وكان هناك الممثل أحمد أبو سلعوم ومعه الممثلة الشابة إنعام البابا التي مثلت معه في اسكتش "ديموقراطي.. ولكن" الذي كتبته قبل ما يقارب العام.

 شخصية "حيفا" بدت كأنها فكرة وليست كياناً بشرياً نابضاً بالحياة. مع ذلك فثمة أداء لافت لمحمد بكري، وثمة تصوير جيد، ومشاهد فيها عذوبة وشفافية. في حوالي السابعة، اتجهت إلى بيت ابنتي باسمة. كانت شروق متحمسة لي هذه المرة، قبلت أنفها وخديها.

يتبع...