- 21 أيلول 2024
- مقابلة خاصة
القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي
تنشر جريدة " أخبار البلد" المقدسية الجزء الثامن من دفتر يوميات الروائي والأديب والكاتب والناقد المقدسي " محمود شقير" صاحب البصمة الواضحة في الأدب عامة وفن القصة القصيرة جدا والذي يعد من رواها في العالم ، والذي خص قراء " أخبار البلد" بهذا الجزء من اليوميات الممتعة التي تحمل الكثير من الوقائع والأحداث الثقافية وغير الثقافية في المدينة التي كتب عنها الأستاذ شقير بطريقته المميزة، فكانت المدينة التي عاش واحب وعاد لها، ويقضي أيامه في أحضانها كاتبا وناقدا حاضرا اجتماعيا وثقافيا، لا يفكر بمغادرتها ولو لفترة قصيرة فهو لا يطيق البعد عن معشوقته القدس بعد أن اجتمع بها.
انه العشق الذي لا يعرفه إلا أهل القدس فقط . .
الاثنين 30 / 9 / 1996 هذا يوم شديد التفاهة. لم أذهب إلى العمل لسببين، الأول هو أنني لم أتمكن من دخول رام الله يوم أمس إلا بصعوبة، فقد وجدت منطقة قلنديا مغلقة، حيث كان الجيش الإسرائيلي يتأهب لاقتحام المخيم. حاولت الدخول إلى رام الله من مداخل مختلفة، كانت كلها مغلقة بحواجز للجيش. أخيراً دخلت من جهة بيتونيا. أما السبب الثاني فهو يتعلق بسيارتي الهرمة. أمضيت وقتاً طويلاً في الكراجات لكي ينصلح حالها بعد أن ظهر فيها عطب ما.
***
الأربعاء 2 / 10 / 1996 الساعة الآن الثانية عشرة والنصف ليلاً. هذا يوم آخر شديد التفاهة، قضيت شطراً منه أركض بين الكراجات. هاتفني حنا عميرة مساء أمس، الذهاب ضمن الوفد الذي سيذهب إلى الناصرة اليوم لحضور الاحتفال الذي سيقام بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل فؤاد نصار.
اعتذرت عن عدم الذهاب، بسبب وجود أختي القادمة من الأردن في بيتنا. كتبت رسالة للشاعر النرويجي كنوت أوديجارد رداً على رسالة تلقيتها منه (أرسل لي كتاباً باللغة الانجليزية يتضمن مختارات من شعره، بعضها أعجبني وبعضها الآخر لم يعجبني). وعدته في الرسالة بأن أترجم شيئاً من شعره. مظاهر العسكرة وحشد الدبابات الإسرائيلية تتزايد من حول المدن الفلسطينية.
شاهدت على التلفاز الإسرائيلي ندوة يتحدث فيها اثنان من المتطرفين الصهاينة، واثنان من المعتدلين الإسرائيليين المؤيدين لاتفاق أوسلو. أحد المتطرفين كان يقول إن عرفات نازي! آه، من هذا الأحمق!
***
الجمعة 4 / 10 / 1996 بقيت هذا اليوم في البيت. أضفت بعض الرتوش الصغيرة على لوحة الكولاج التي أنجزتها الليلة الفائتة. وهي مكونة من أسلاك وعيدان ومسمارين. قرأت ملفاً في جريدة "أخبار الأدب" المصرية عن السريالية، وعن مؤسسها الشاعر أندريه بريتون (الاعتماد على الكتابة الأتوماتيكية وتقارير الأحلام)، ورغم النزعات اللاعقلانية في السريالية فقد كانت صرخة مدوية في الحياة الثقافية الأوروبية، امتد تأثيرها إلى بلدان أخرى (مصر مثلاً).
بعد الظهر، كتبت مقالة عن مجموعة "النخلة المائلة" للقاص محمد على طه. أنجزت المقالة وشعرت بارتياح. تلك الحالة تعتريني كلما فرغت من كتابة مقالة أو نص، فكأنني أنزلت عن كتفي حملاً ثقيلاً.
***
السبت 5 / 10 / 1996 هذا اليوم مرهق باعث على الأسى. اجتمعنا في الوزارة لتحديد مهامنا وقت الطوارئ! كان الاجتماع فضفاضاً مفتقراً إلى الإقناع. بعد الاجتماع عدت إلى مكتبي. السكرتيرة متغيبة عن العمل منذ أسبوع. ذهبتْ إلى بيت أهلها في قلقيلية، ولم تعد قادرة على القدوم إلى رام الله بسبب الحصار. جاءت علا الطبري تسألني عن إمكان تنسيق أنشطتنا في الربيع الفلسطيني الذي سيقام في باريس العام 1997 ولم أعطها جواباً محدداً. أخبرتني أنها قرأت مجموعتي القصصية "طقوس للمرأة الشقية" وأعجبت بها. سألتني لماذا لا أفكر بتحويلها إلى نص مسرحي! فاجأتني الفكرة، وأنا الآن أفكر فيها. ذهبت أنا ومنذر عامر إلى مكتب زكريا محمد المجاور لمكتبي. شاهدت بعض المنحوتات في مكتب زكريا وهي من إنجازه.
حرضني زكريا على الاهتمام بالنحت. وكان قد حرضني قبل أشهر على الاهتمام بالرسم. أحضرت معي إلى البيت حجراً التقطته من على الرصيف لأجرب عليه أولى محاولاتي في النحت.
تحسبت وأنا عائد في الليل إلى البيت من تفتيش مفاجئ تقوم به إحدى دوريات الجيش الإسرائيلي. قد يسألني أفراد الدورية عن هذا الحجر، وقد يستريبون في الأمر.
مع ذلك، وصلت إلى البيت ولم توقفني أية دورية للتفتيش.
يتبع...9