- 19 كانون أول 2024
- مقابلة خاصة
عمان - أخبار البلد - كتب خليل احمد العسلي
المصممة مي خوري التي ولدت في رام الله وترعرعت هناك وعاشت في عمان ذلك المكان الهادئ المستقر الذي يمنح القدرة والجو على التفكير الإبداعي والاقدام الجرئ على تحقيق حلمك حتى لو كان فيه تحدي للصورة النمطية السائدة في المجتمع الذي لا زال يتلمس طريقه بين الأمواج المتلاطمة التي تضرب شواطئ المدينة.
مي خوري وجدت نفسها في هذا الجو وعملت بصمت تحاور حلمها وتحوله لواقع يكون جسرا بين القديم والحديث بين الهوية الضيقة والشمولية.
لم أكن قد التقيت هذه الانسانة المبدعة الحالم والتي تعيش حلمها بشكل يومي وواقعي من قبل ولكن لحظة أن تتحدث معها تشعر انك تعرفها من زمن طويل، فحديثها سلس سهل بسيط يصيب العقل والقلب معا ، تعبيراتها جزء من تراثنا، وعملها هو تأكيد على هويتنا الجمعية الشاملة الانسانية ، ولهذا لم يكن غريبا أن يطول الحديث الشيق والممتع، تمنيت ان لا ينتهي ، فلا يمكن أن تقاطع " مي" وهي تتحدث بشغف عن عملها وعن انجازاتها وعن أحلامها وعن زهدها بالحياة بعد أن وصلت شهرتها عباب السماء وكانت معرضها الخاص الذي أصبح عنوان الجميع في عمان بما في ذلك الاميرات وكبار المسؤولين ، حتى ان كل زائر مهم للبلاد كان يجب أن يمر على معرضها والذي اخترت "مي خوري " له اسم " بدر الدجى" ( اضطرت الى اغلاقه بسبب جائحة الكورونا ونقلت ورشتها وكل المحتويات الى منزلها الذي بات بحق متحفا كاملا متكاملا ) وكانت تقوم بافتتاح المعارض الفنية بل وتمويل العديد من المعارض وقامت بتكريم المشاركين الفنانين.
كما حصلت " مي خوري" على عملها المتميز العديد من الجوائز الدولية منها جائزة أفضل منتج حرفي في العالم العربي من اليونسكو في باريس وكذلك جائزتين فضيتين وواحدة ذهبية للتصاميم من الأثاث الفني من قبل مؤسسة تصاميم عالمية في إيطاليا ٠
وبعد هذه الشهرة ( التي لا تزال) كل ما تريده هو أن تستمر في عملها في مشغلها اللطيف الذي يضم كمية ضخمة من القطع التراثية التي تحولها المصممة "مي" الى قطعة فنية فريدة من نوعها ، فكل قطعة هي حكاية منفصلة عن الاخرى وهذه ميزة يفضلها جمهور واسع في عشق هذا النوع من الفن.
الميزة التي تلفت الانتباه هو الاستغلال الجميل من قبل " مي " للخط العربي فهو في كل قطعة له حيز حتى في مطبخها يتربع الخط العربي على عرش واسع ، تقتبس الشعر والحكم والأمثال الشعبية لتكون جزءا من حكاية القطع والتحف التي تنتجها .
كما أن لديها القدرة والإحساس لتطويع الحديد والخشب والمزج بينهما في حوار متناغم انسيابي لا يشعرك بغربة انت تشاهد هذا الحوار الذي جمع الحديد مع الخشب مع قطع القماش التراثية مع اللغة العربية، انها سمونية عالية الاتقان تتمتع بكل لحظة وان تنظر اليها .
كم كانت سعيدة وهي تعرض على الفنان "طالب الدويك" الذي يعتبر نجم ساطع في عالم الفن والمعارض في عمان فهو يحرص على المشاركة في كل المعارض ويحضر المعارض بقية الفنانات والفنانين ايضا، ولولا الفنان "الدويك" لما تعرفت على هذه المبدعة العمانية الهوى الفلسطينية المولد الإنسانية الانتماء ، عملها الفني الجديد وهو عبارة عن لوحة ذات الوان كلها تفائل واصرت ان تستمع الى رأي الفنان الخبير في هذا العمل.
في الغرفة الزرقاء كما تحب عن تطلق على صالونها اصرت ان نشرب الشاي حتى فناجين شايها لها حكاية فهي مصممة من الفخار بلون اخضر غامق زينتها اغصان الزيتون. في زاوية من الغرفة كانت تنتصب شجرة الميلاد موشحة بالكوفية ذات اللون الابيض والاسود وعليها شعار يا وطني وقد زينتها بقطع نحاسية قديمة كتلك التي بقيت ارثا في بيوت العائلات المقدسية وعلى أحد جدران الغرفة الزرقاء كانت هناك لوحة كبيرة لفنان من غزة يسيطر عليها اللون الأزرق . قالت اعمل هذه الأيام على تشجيع المصممين الشبان على ان يكون مبدعين وان لا يخشون التجربة، فسرد حكايتنا يجب أن تستمر وأن تنقل من جيل الى جيل للحفاظ على الهوية والتراث.
وهكذا انتهى اللقاء الذي كنت اتمنى ان لا ينتهى بسرعة رغم أنه استمر بضع ساعات بحديثها الرشيق الأنيق كشخصيتها والذي زاد في دفئ الحوار واللقاء الأجواء التي كانت اجواء عيد الميلاد المجيد ، أجواء غابت عنا في القدس ، فأحيت "مي خوري" المصممة المبدعة روح التفاؤل بهذه الأجواء بقرب الفرج .
وكل عام وانتم بخير