• 28 كانون أول 2024
  • مقابلة خاصة

بقلم :  المهندس فؤاد الدقاق* 

 

أحببت أن أضع بين أيديكم  إضاءات حول قانون حارس أملاك الغائبين ، و تفعيل قانون تسوية الأراضي 

 لأهمية الموضوع للقارئ أينما كان وخاصة في مدينة القدس المستهدفة الاولى من هذا القانون  وذلك لتوضيح هذا القانون من الرؤية المجردة الى الواقع القاسي الذي نعيشه . إن كامل مساحة فلسطين التي احتلت عام 1948  هي حوالي 20312 كم2 .وكانت  مقسمة بحسب النسب المئوية التالية : 

92 % من هذه أرض للفلسطينيين  بمساحة 18630 كم2   .

8% من هذه   أراض  لليهود  بمساحة 1682 كم 2.

 قانون الطوارئ   

  • بتاريخ 15/5/1948 تم إعلان قيام دولة إسرائيل و بعد هذا الإعلان بأربعة أيام ووفق المادة (9 د) من صلاحيات مجلس الدولة المؤقت في حينها , أي بتاريخ 19/5/ 1948 تم إعلان حالة الطوارئ ، التي جاءت امتدادا لأنظمة الطوارئ الانتدابية . 

  • مع أن  التعريف المبدئي لقانون الطوارئ يتمثل بكونه  " تطبيق نظام استثنائي محدد الزمان والمكان تعلنه الحكومة لمواجهة ظروف طارئة " لكن نلاحظ انه عبر هذا القانون  تكون دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة  في العالم التي  استمرت وتستمر بتطبيق قانون  الطوارئ لهذه الفترة الطويلة تجاوزت 75 عام ، بذريعة الحفاظ على  أمن الدولة ، والشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد  في العالم ، فمنذ عهد الإنتداب البريطاني وحتى اليوم الحالي  أي منذ  أكثر من 100 عام هو قابع تحت طائلة  تطبيق قوانين حالة الطوارئ.   

قانون الغياب: 

  • تم إعلان تطبيق قانون أملاك الغائبين في المادة (1ط) بتاريخ 20 أذار 1950 ، وعلى أن يتم تنفيذه بأثر رجعي  من تاريخ 29 تشرين ثاني 1947  ،

  • وهو  التاريخ الذي تم تمرير به خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين حيث تصورت الخطة إنشاء دولتين منفصلتين يهودية وعربية تعملان في ظل اتحاد اقتصادي، مع نقل القدس إلى وصاية الأمم المتحدة، 

  • وأعلن وزير المستعمرات آرثر كريش جونز أن الانتداب البريطاني سينتهي في 15 مايو 1948.

  • من هو الغائب منذ 1947؟  هو و المواطن  الذي كان طوال الفترة منذ 29 تشرين ثاني 1947 و اليوم الذي تم نشر الإعلان بموجب المادة ( 9 د ) من أنظمة السلطة والمحاكم لعام 1948 ،

 (( حالة قانون الطوارئ  التي أعلنت من قبل الدولة بتاريخ  19/5/1948)) ، 

  • هو خارج دولة أسرائيل  و إن كان مالك قانوني للعقار في دولة إسرائيل ، واستفاد منه أو تصرف به أو من قبل الأخرين  .

  • إذا كان المواطن تابع للدول السبعة  التالية ( لبنان ، مصر ، سوريا ، السعودية ، الأردن ، العراق ، اليمن ) والتي عرفت بدول الطوق ، التي اعتبرتها  إسرائيل بالدول المعادية .

  • إذا تواجد الشخص  في أحد هذه البلدان أو في جزء من أراضي إسرائيل خارج حدود دولة إسرائيل 

  • أو كان مواطن في أرض إسرائيل وخرج من مكان إقامته الاعتيادية في أرض إسرائيل إلى مكان خارج أرض إسرائيل قبل 1/9/1948  ، أو إلى مكان في أرض إسرائيل  " ما يعرف بتفسير مصطلح الحاضر الغائب " كان بذلك الوقت مدارا من قبل قوات هدفت إلى منع إقامه دوله إسرائيل أو حاربتها بعد إقامتها 

  • من هو الغائب من القدس الشرقية ؟  تم تطبيق هذا القانون على أملاك أهل القدس الشرقية بعد حرب المكسة عام 1967 ،  من خلال توسيع الإحداثيات الجغرافية للقدس الغربية ، أي لم يكن هناك قرار رسمي  لضم القدس الشرقية  للقدس الغربية ، 

  • بالتالي أصبح سكان  الضفة وغزة غائبون في أملاكهم في القدس الشرقية ، وأصبحت الهوية الزرقاء الإسرائيلية هي التي تثبت عدم وجود غياب في حال المحافظة على الإقامة في القدس ، 

  • و تم إقحام أهل القدس من حملة الهوية الزرقاء  بتعابير جديدة مثل  مركز الحياة ، أي أنه  في حال عدم قدرة المواطن المقدسي من تثبيت مركز الحياة فسيكون معرض لفقدان المواطنة كمقدسي ، لأي سبب . فقد ينتقل من تعريف الحاضر إلى تعريف الغائب .   

  • إتفاقية وادي عربة ، لم تعالج موضوع الغياب  لأملاك الأردني قبل توقيع إتفاقية وادي عربا وسمحت للأردني الذي يحمل الرقم الوطني  التملك في إسرائيل بعد تاريخ توقيع الاتفاقية . 

  • وحصلت حالات في أروقة المحاكم ،  فهل إبن الغائب المتولد بعد إتفاقية وادي عربا هو غائب أيضا ، أم هو حاضر لتولده بعد معاهدة السلام ؟؟؟ ، وهنا المحاكم لم تصدر قرار قطعي واضحا بهذا الخصوص . بل تركت هامش تفعيل القانون ، ليتم دراسة كل ملف على حده ، حتى لا يأخذ أي قرار صفة السابقة القانونية .

  • من يحمل الجنسيات من غير الدول السبعة المذكورة ، فالقيم يعود إلى تاريخ حيازة الجنسية الجديده من غير الدول السبعة المذكورة ، ويعود للأصل فإذا كان الشخص يحمل جواز أردني أيام 1967 فهو غائب و حيازته على جنسية بعد هذا التاريخ لا تنفي أن الأصل غائب . 

  • ويأتي عبء الإثبات على الشخص أنه مثلا كان قد حاز على جنسية أجنبية  قبل تاريخ 5/6/1967

 

التعريفات و المفردات المتشابكة والتي أخذت مناحي فضفاضة في اروقة المحاكم الإسرائيلية ، في تعريف دولة إسرائيل فيوما هي :

 1 - حدود دولة إسرائيل الجغرافية وفق إحداثيات مساحة محددة . 

2-  أم هي المصطلح ( أرض إسرائيل ) معرف في المادة (1ط) من قانون أملاك الغائبين لعام 1950 و الذي ينص ( منطقة إسرائيل ) بالمنطقه الذي يطبق فيها قانون دولة إسرائيل . وبالتالي  مناطق يهودا والسامرة وقطاع غزة هي جزء من أراض إسرائيل ، والتي هي أرض إسرائيل الانتدابية .

3- أم أنها بموجب التفسير ( التوراتي ) و بموجب التفسير الذي لصق بالقانون منذ حرب 6 أيام 1967 و لليوم ،  إذ أن مناطق يهودا والسامرة وقطاع غزة موجودة في أرض إسرائيل و ليست موجودة في المناطق التي يطبق فيها القانون الإسرائيلي .

4-  أو  أن  أرض إسرائيل هي المنطقة التي تسيطر عليها دولة إسرائيل ، وتفسر المحكمة المركزية بأنه منذ حرب  الأيام الستة  1967 ، كان سكان يهودا والسامرة وقطاع غزه خاضعين للسيطرة الإسرائيلية الفعلية ، وفسر رئيس المحكمة المركزية القاضي أوعز بوكن بالتالي :

  • إن سكان يهودا والسامرة( الضفة الغربية )  غير قادرين  على التأثير على وضعهم القانوني .فهم خاضعين لسيطرة عسكريه اسرائيليه ، ولم تكن لديهم القدرة ولا الوسيلة  للتأثير على تحديد هويتهم ، و أو الأحكام و أو القانون الذي يسري عليهم .في ظل هذا الوضع طبق القانون الإسرائيلي عليهم ، وبالتالي  أملى أحكام الإعتراف  بالسيادة 

  • إن إسرائيل أقامت تجمعات سكنية إضافية في مناطق يهودا والسامرة ( الضفة الغربية)  وقطاع غزة  استوطنها مواطنون إسرائيليون وطبق عليهم القانون الإسرائيلي ، وفعليا فإن  تلك المناطق لم يتم ضمها لإسرائيل ، إلا أن إسرائيل لم تعترف بسيادة أو بسلطه أخرى بهذه المنطقه .

  • إن تطبيق قانون الغائبين يؤدي إلى حالة من الغموض بحيث تكون المنطقة موجودة خارج إسرائيل لغايات وضع اليد على حدود من قبل إسرائيل بدون أن يعرف هؤلاء السكان كسكان كيان قانوني معاد ... إذ لا يوجد مكان لسلب حقوق كهذه ممن يخضع لسيطرة إسرائيلية وتحت الحكم العسكري ، بينما لم تدعي إسرائيل أنه يتوجب عليه أي الغائب  التواجد أو كان باستطاعته التواجد تحت سيطرة أخرى ، أو أنه استحق تقرير المصير الذاتي داخل حدود المنطقة التي يسكن بها ، سواء بسبب تابعيه تلك المنطقة لدولة أخرى أو بسبب كون تلك المنطقة تابعة لسيادة أخرى حتى ولو أنه واقع ( مؤقت ) تحت الإحتلال الإسرائيلي

5- النتيجة هي : إن وجود شخص في جزء من أراض إسرائيل( فلسطين)  تجعله غائبا في حالة أن ذلك الجزء واقع تحت حكم إحدى الدول المعادية ، وهكذا تم تحقيق المأرب من القانون و التي بموجبه يصبح الشخص غائبا إذا كانت له صلة أو بدول معادية ، سواء بسبب وجوده فيها ، أو تحت حكمها أو إذا كان مواطنا أو تابعا لها أو حتى منتميا لها . 

6- نؤكد بأنه تم تحديد نظام الغائب ، كوسيلة تحديد معايير واسعة للغياب من جهة ، وإعطاء صلاحيات للقيم على أملاك الغائبين بمنح معونات لإلغاء الغياب و التحرر  من الغياب من خلال تمييز حذر لمعطيات كل غائب معروض أمامهم .

7- الحاضر الغائب :  يشرح المستشار القضائي ( السيد مزوز ) ، خصوصية غياب سكان يهودا والسامرة ( الضفة الغربية)  الذين أصبحوا غائبين بسبب عملية أحادية اتبعتها إسرائيل لغايات مختلفة  حيث يدور الحديث عن (غائبين حاضرين ) حقوقهم مسلوبة في أعقاب الصياغة التقنية الواسعة للقانون . 

8- كما ويشير المستشار القضائي ( السيد مزوز ) في رسالته تعابير سياسية مقيدة تبعت على المدى الزمني ابتداء من توصيات القضائي للحكومة ( مئير شامغار ) في شهر تشرين 2  لعام 1968 و الذي بموجبه تم تفعيل القانون على أملاك ثابتة في شرقي القدس تابعة لسكان دائمين حسب القانون في ( الضفة الغربية)  يهودا والسامرة  ، لقد ذكر عبارة " عدم تفعيل " ولم يذكر " عدم تطبيق " و التفسير للسياسة المطروحة هو واضح في أقوال ( السيد شامغار ) في رسالته إلى دائرة إسرائيل بتاريخ 8/8/1968 . 

" لم نرى تبرير في أن ضم شرقي القدس هو فقط سيؤدي إلى سلب أملاك إنسان ليس غائبا عمليا و إنما موجود منذ الوقت الذي حصلنا على أملاكه "  

 إن جملة الاعتبارات المفسرة بالرسالة بأنه يتوجب عدم تفعيل الصلاحيات بموجب القانون في ظل الظروف الراهنة و منوطا بمصادقته وذلك حتى بلورة أصول عملية ضمن إطار القيادة . 

نعود ونؤكد بأن الحديث يدور حول عدم تفعيل القانون ، فالقانون يسري منذ تشريعه وبموجبه أصبح الإنسان غائبا و أصبحت أملاكه وأملاك ممنوحة للقيم , فالحديث عن تفعيل القانون يتحدث عن تفعيل الصلاحيات هو بوضع اليد على الملك ونقل الحقوق فيه و صلاحيتة بتحرير الملك و أو نقله لطرف ثالث .

9– تعاقبت قرارات المحاكم وجاءت قرارات متنوعة فمنهم من قال :

  • نرفض الإدعاء الذي  بموجبه سكان المناطق ليسوا غائبين بسبب السيطرة العسكرية في مناطقهم 

  • من الضرورة التطرق إلى المسأله سواء بشأن تحرير أملاك أصبحت غائبة في حدود توسيع حدود مدينة القدس بعد 1967 ، في حين أصبحوا قاطنين في أماكنهم خارج ما يعتبر حدود دولة إسرائيل ،وهم يعتبرون غائبين من المفهوم التقني .

  • لم يتم التطرق للموضوع الإنساني ، لكونها لا تحتاج إلى الحسم .

  • ان مناطق يهودا والسامرة ( الضفة الغربية)  اعتبرت في ظل تصور حربي وطبق عليها قانون الحاكم العسكري وذلك لعدم الرغبة في ضم هذه المناطق ، ودون الخوض في قومية سكان مناطق ( الضفة الغربية)  

  • مكانة المناطق هي منطقة محتلة وليست لعبة قضائية .

10 – قسم كبير من سكان يهودا والسامرة( الضفة الغربية)  هم من رعايا المملكة الأردنية الهاشمية ، فإن مسألة تحديد مكان تواجدهم قبل الإحتلال للمنطقه ، هي مسألة لكيفية تفسير العلاقة بين كل واحد منهم للمملكه الاردنيه الهاشميه قبل ذلك الموعد .

11 – إن دخول في موضوع اعتبار عدم الغياب سوف يعرض القيم و سلطات الدولة لتعويضات كبيرة جدا من الصعب تخيلها . 

12- إن إلغاء قانون الطوارئ سوف يتم على إثره إلغاء الحاجة لتطبيق قانون الغياب 

13- قبل أيام صادقت الكنيست على تمديد العمل بقانون الطوارئ لعام إضافي ينتهي بتاريخ 25 /12/2025  

قانون تسوية الأراضي 

عملية تسوية الأراضي هي إحدى وظائف الدولة، وتهدف إلى ترسيم حدود كل قطع الأراضي وتحديد ملكيتها بشكل نهائي غير قابل للطعن من خلال إصدار شهادات طابو..

  • بدأت عملية تسوية أراضي فلسطين في عهد الانتداب البريطاني في العام 1928، لكن بريطانيا لم تستكمل تسوية كل أراضي فلسطين ، قامت الأردن خلال فترة الحكم الأردني (1948-1967) في محاولة لاستكمال تسوية الأراضي، لكنها أيضاً لم تنته، بالتالي بقيت  أراضي شاسعة بدون تسوية.

  • اتخذت اسرائيل بعد الاحتلال عام 1967 قرارين كانت لهما أبعاد استراتيجية على مستقبل الأرض المحتلة.

.

 القرار الأول : كان في ضم مدينة القدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها. من خلال توسيع حدود مدينة القدس بنحو 70 كم مربع لتصبح "القدس الشرقية" منطقة تمتد من أم طوبا جنوباً وحتى كفر عقب شمالاً على مساحة إجمالية تقدر بنحو 100 كم مربع. ثم فرضت إسرائيل السيادة الإسرائيلية على المدينة، بحيث أصبحت القدس الشرقية تتبع للقانون الإداري لدولة إسرائيل، بينما ظلت باقي أراضي الضفة الغربية تحت الحكم العسكري.

القرار الثاني :تفعيل  مشروع التسوية للأراضي ، ومع أهمية هذه المشروع من الزاوية المجردة ، لكن الهدف المبطن  هو اقتلاع المقدسيين من أراضيهم، ويمنح أولوية، بشكل معلن وغير معلن، للاستيطان اليهودي، لأن المقدسيين غير قادرين على إثبات ملكيتهم للأراضي لوجود عنصر الغياب . 

مع شروع دائرة التسوية في طلب إثبات الملكيات مستهدفين مناطق محددة مثل بيت حنينا ، نجد أيضا أن المنطقة الجنوبية من القدس والتي كانت أراضيها تندرج ضمن ما يعرف بالأحواض الطبيعية ، والتي تمثل مخزون الأراضي  الإستراتيجي للإسكان بالقدس ، قد توقفت فيها دائرة الترخيص بشكل شبه كامل . 

الرأي :

قانون الطوارئ + قانون أملاك الغائبين + قانون التسوية ،يمثل مثلث غامض جدا لمستقبل القدس العربية.

و يغير التركيبة الديمغرافية للمقدسيين بالقدس ، لكونه سيجبر المقدسيين إلى الإنتقال الطوعي للسكن في محيط محافظة القدس ،

بالإضافة إلى تعقيدات وكلفة التراخيص بالقدس ، مع شح الأراضي ، والملكيات الواضحة . 

القدس بحاجة لتدخل أممي لحمايتها ...

*من أبرز الشخصيات المقدسية وله باع طويل في العمل المجتمعي والرسمي خدمة للقدس ويعتبر مرجعا مقدسيا هاما .