- 25 شباط 2025
- مقابلة خاصة
اسطنبول - كتب خليل العسلي
" كم اشتقت الى القدس ، اتمنى ان ازورها مرة اخرى ، فهي المدينة التي لا يمكن أن تغيب عن التفكير وعن الوجدان " بهذه الكلمات الدافئة التي كسرت برودة جو اسطنبول البارد القارس ابتداء الصديق العزيز الدكتور ( Dr.Serdar ÇAM ) نائب وزير الثقافة والسياحة حديثه في ذلك الركن الهادئ من صباح يوم اسطنبولي شتوي بامتياز حيث الثلوج في كل شارع وزاوية، عندها يحلو الحديث الودي وتدفق الأفكار.
واضاف قائلا: كيف القدس التي تركتها خلفك يا صديقي المقدسي ؟!
هو لم يسألني عن حالي ولا عن أي شيء آخر بل سألني عن القدس ، وهذا ما عرفته عنه عشقه للمدينة واهلها والتي يعتبرها جزءا من عقيدة كل تركي، فهو منذ سنوات متابع ذكي لكل الاحداث حتى لو كانت في القدس .
فكان رد : إن القدس باسوء أحوالها وهي تحتضر تحت وطأة الاحتلال بانتظار الفرج من الله اولا ومن أبنائها المخلصين المسلمين في كل أنحاء العالم .
جلسنا في طاولة معزولة مطلة على أحد شوارع حي ( Beşiktaş) بشكتاش الاسطنبولي العريق على بعد خطوات من قصر دولما بهجة ( Dolmabahce) الرائع .
الصديق سيردار هو من الشخصيات التركية الرسمية التي لا يمكن ان تنساها فهو دبلوماسي من الدرجة الأولى وهي صريح لدرجة أن هذه الصراحة تزعج البعض من زملائه السياسيين وغير السياسيين، لأنه يملك فكرا برغماتيا واقعيا بعيدا عن العواطف التي تلهب الجمهور ولا تحرك ساكنا ، هو ينظر خطوات الى الامام دائما .
ومعروف أنه تركت بصمات عميقة وواضحة في مناصبه التي تولاها، فلقد تمكن من تحقيق إنجازات كثيرة منها ترميم العشرات من الاثار العثمانية والمساجد حول العالم وأعاد الحياة لها، كما تمكن من توسيع نشاط المراكز الثقافية التركية " يونس امره " حول العالم لتصبح اللغة التركية من اللغات الحيوية والاقبال عليها كبير. ناهيك عن السياحة الى تركيا التي سجلت أرقاما قياسية لم تصلها اي دولة اخرى .
تشعب الحديث عن المنطقة والواقع المتغير المتحول الذي تعيشه وحال الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية فهو مستمع جيد رغم انه يتقن فن الكلام والإقناع ، وكما هو متوقع فإن القدس عادت لتطفو على سطح الحديث.
وما بين رشفة وآخر من كأس الشاي التركي اللذيذ كان يتشعب الحديث إلى زوايا ثقافية واجتماعية وتاريخية عن القدس الشريف وضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي التاريخي الحضاري للمدينة المقدسة لمواجهة سياسة طمس الرواية الإسلامية الحضارية الشاملة للمدينة .
انتهى الحديث بسرعة البرق رغم أنه استمر أكثر من ساعة، فحديثه شيق و قراءته الواقعية مثيرة ،تحليله مهني ،تفاؤله بالمستقبل يبعث فيك روح الأمل القادم .
اهديته كتابي الأخير عن تاريخ القهوة والمقاهي في القدس والذي يحمل عنوان " فنجان قهوة وحكاية مدينة " ورغم انه بالعربية إلا أن الصديق الدكتور ( Dr.Serdar ÇAM ) سيردار جيم وعد بقراءته فهو يتقن الانجليزية والفرنسية ولديه المام كبير بالالمانية والعربية اضافة الى لغته الام التركية .
انتهى اللقاء وتوجه مسرعا الى اجتماعه الذي جاء من أجله من أنقرة التي يعود لها بعد ساعات ، تارك ذكريات جميلة وحديث شيق وأمل بالمستقبل من أجل القدس اولا واخيرا .
قلت في نفسي وأنا أودعه بأن هذا الجيل من السياسيين المثقفين الأتراك هو ما نحتاج لهم فهم واقعين مثقفين مثابرين يخدمون دولتهم وأمتهم بإخلاص ، كما أنهم يحبون القدس .