• 9 حزيران 2021
  • ثقافيات

 

عمّان -  أخبار البلد -  عقد منتدى الفكر العربي،  الأسبوع الماضي لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي بمناسبة مئوية الدولة الأردنية، حول دور الصحف والمجلات الثقافية في الحركة الفكرية الأردنية خلال مئة عام، حاضر فيه الناقد والأكاديمي د.زياد أبو لبن رئيس التحرير الأسبق لمجلة "أفكار" التي تصدرها وزارة الثقافة. وشارك بالمداخلات، في اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور، كل من: د.يوسف ربابعة رئيس تحرير مجلة "أفكار"، والأستاذ نضال برقان مدير الدائرة الثقافية في صحيفة "الدستور"، و د.جودي البطاينة، مديرة تحرير مجلة "جرش الثقافية" بجامعة جرش الأهلية وعضو المنتدى، و د.محمد القضاة، رئيس تحرير السابق "للمجلة الثقافية" التي تصدرها الجامعة الأردنية، والأستاذ نايف النوايسة عضو هيئة تحرير مجلة "راية مؤتة" بجامعة مؤتة، و د.امتنان الصمادي رئيسة التحرير السابقة لمجلة "أقلام جديدة" الثقافية في الجامعة الأردنية وعضو المنتدى، والأستاذ حسين نشوان رئيس تحرير مجلة "الفنون" الصادرة عن وزارة الثقافة .

بيّن الناقد والأكاديمي د.زياد أبو لبن، رئيس التحرير الأسبق لمجلة "أفكار، أن البداية الأولى للاهتمام بالشأن الثقافي الأردني ارتبطت بمجيء المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين إلى شرقي الأردن وتأسيسه الدولة الأردنية، حيث أصدر جلالته صحيفة "الحق يعلو"، ثم صدرت صحيفة "الشرق العربي" الرسمية عن حكومة الإمارة ، إضافة إلى إقامته مجلساً يضم نخبة من المثقفين والكُتَاب العرب، مما منح الحركة الثقافية الأردنية زخماً منذ بداياتها.

وأوضح د.أبو لبن دور الصحف والمجلات الثقافية في استقطاب عدد من الأقلام الشابة والكُتُّاب المتمرسين، ونشر الدراسات والمقالات الفكرية والفلسفية، والإبداعات من شعر وقصة، إضافة إلى الاعتناء بالفنون الأخرى كالموسيقى والفن التشكيلي والمسرح والدراما والسينما. كما برزتْ في الصحف والمجلات ملفات فكرية وثقافية تُسلّط الضوء على شخصيات أدبية وفنية وفكرية، إضافة إلى مناقشة الظواهر الثقافية والفكرية.

وأشار د.أبو لبن إلى أن مسيرة الصحف والمجلات الثقافية الأردنية واجهت – وما تزال – الكثير من العقبات التي أثّرت على إصدارها واستمرار عملها، منها الظروف السياسية في المنطقة، وقلة الدعم المالي، وسوء التوزيع، مما أدى إلى ظهور العديد من الصحف والمجلات على مدار المئوية الأولى للدولة ثم توقفها عن العمل. وطالت هذه الظروف المجلات الثقافية الصادرة عن الجامعات الأردنية، حيث تحتاج إلى سياسات جامعية وميزانيات مخصصة لدعم استمرار إصدارها.

وأكّد د.أبو لبن أهمية مواكبة عمل الصحف والمجلات الثقافية الأردنية للتطورات التكنولوجية عن طريق النشر الالكتروني، مما سهّل انتشارها محلياً وعربياً، لكن هذا التطور حدّ من الانتشار الورقي وبات يهدد الصحف والمجلات بالإغلاق، داعياً إلى أن لا يكون تطوّر النشر الالكتروني على حساب النشر الورقي.

وقال الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية: لقد حملتْ الصحافة الأردنية عبء الحياة الثقافية خلال المئة عام الماضية، وكانت تسد فراغاً كبيراً في هذا الميدان تعويضاً عن ضعف الإمكانات المادية التي يمكن أن تنهض بصحافة ثقافية متخصصة، كما كانت الصحافة الأردنية انعكاساً صادقاً لتطور الأردن في مختلف المجالات وتعبيراً عن ضمير هذا البلد بقيادته وشعبه في القضايا الوطنية المحلية والعروبية.

وأشار د.أبوحمّور إلى تبلور الصحافة الثقافية الأردنية مع بناء المؤسسات الثقافية وإنشاء الجامعات، بشكل يحقق مفهومها وأهدافها والغاية منها؛ إذ تقوم وزارة الثقافة بدور مهم من خلال مجلاتها الثقافية المتخصصة، وفي مقدمتها "أفكار" و"الفنون" وغيرهما، هذا إلى جانب إسهامها الرئيس في حركة نشر الكتب والقيام بالمشاريع الثقافية، كما ساهمت الجامعات في تعزيز الحركة الثقافية المحلية بما أصدرته من مجلات ثقافية عامة موجهة إلى الجمهور العام، من أجل تحقيق التواصل مع المجتمع ومثقفيه من أكاديميين وغير أكاديميين، إلى جانب المجلات المتخصصة والمُحكّمة.

وبيّن د.يوسف ربابعة، رئيس تحرير مجلة "أفكار" الصادرة عن وزارة الثقافة، أن  هذه المجلة توسعت لتشمل حقولاً مختلفة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع ربط هذه الحقول بالثقافة من خلال إصدارات المجلة، وعدم حصر القضايا المطروحة فيها بالقضايا الأدبية والنقدية فحسب، إضافة إلى نشر الأعمال الثقافية المختلفة للكُتّاب العرب، مما يجعل مجلة "أفكار" جزءاً من الحراك الثقافي العربي لما تهدف إليه من تأسيس ثقافة وطنية ضمن إطار عربي.

وأوضح الأستاذ نضال برقان، مدير الدائرة الثقافية في صحيفة "الدستور" اليومية، أن هذه الصحيفة أفردت صفحات خاصة للثقافة منذ بداياتها في العام 1967، ثم ملحقاً ثقافياً تعاقب على تحريره عدد من الكُتَّاب والمبدعين الأردنيين، ويعد هذا الملحق منصة يطل من خلاله المبدعون الأردنيون والعرب على المشهد الثقافي المحلي والعربي، مشيراً إلى بعض التحديات التي واجهها هذا الملحق والتي ترتبط بتحديات مادية تواجهها الصحافة المحلية وفي العالم أجمع .

وأضاف أن الملحق استطاع مد جسور التواصل مع كوكبة من الكُتَّاب في الأردن والوطن العربي، كما أتاح فرصة المشاركة فيه للكُتَّاب الشباب، ولم يزل قائماً بمساهمات جوهرية على صعيد تحقيق التنمية الثقافية الشاملة .

وأشار برقان إلى أهمية دور المؤسسات الفكرية والثقافية في تعزيز الإعلام الثقافي الأردني وتمكينه، لكثرة ما يواجهه من تحديات مادية تؤدي إلى تقليص عدد صفحات الملاحق الثقافية، وتوقف المكافآت المالية التي كانت تُصرف للكتّاب . 

وناقشت د.جودي البطاينة مديرة تحرير مجلة "جرش الثقافية" الصادرة عن جامعة جرش الأهلية، جهود المجلات الثقافية في استقطاب الأقلام العربية من مختلف دول العالم للمشاركة في الكتابة على صفحاتها، موضحةً أنه يشارك في النشر بمجلة "جرش الثقافية" العديد من النقاد والأدباء من الصين، والهند، وماليزيا، ومصر، وسوريا، والمغرب، والعراق، وغيرها. كما أشارت د.البطاينة إلى أهمية استقطاب الأقلام الشابة والنسائية، وتخصيص ملفات خاصة بهم في المجلات الثقافية.

وركّز د.محمد القضاة رئيس التحرير السابق "للمجلة الثقافية" في الجامعة الأردنية، على دور الجامعة في تفعيل الحركة الثقافية والفكرية الأردنية منذ تأسيسها، من خلال أساتذتها ومؤلفاتهم وندواتها وأنشطتها الأكاديمية والعلمية والثقافية. كما كان للمجلة الثقافية الدور المهم في تفعيل الحراك الثقافي لما خصصته من ملفات ومحاور حول قضايا النهضة والأوضاع العربية، حيث كانت تهدف للمواءمة بين التاريخ والتطور الحضاري والأصالة والمعاصرة.

وبيّن الأستاذ حسين نشوان رئيس تحرير مجلة "الفنون" بوزارة الثقافة، التغيّرات الراهنة التي يشهدها السياق المعرفي من حيث تغيّر أدوات المعرفة ومصادرها، مما يؤدي إلى تغيّر وسائل التلقي وبالتالي ظهور مفاهيم جديدة للثقافة والنخب. ومن هنا تبرز أهمية مراجعة الثقافة الورقية ودراستها والبحث في الثقافة الإلكترونية الحالية والقائمين على إنتاجها، وحجم المحتوى الثقافي الأردني والعربي في الفضاء الإلكتروني.

وأوضح الأستاذ نايف النوايسة، عضو هيئة تحرير مجلة "راية مؤتة" التي تصدرها جامعة مؤتة، أن هناك تخبطاً في مواجهة الأزمة الثقافية في الأردن، ينعكس جزء منه في الصحف والمجلات الثقافية على الرغم من عدم تمحور هذه الأزمة بالصحافة الثقافية؛ إذ إنها أزمة بنيوية تنعكس في العديد من الجوانب والمجالات الأخرى. ولذلك لا بد من اتباع سياسات واضحة وتنفيذ خطط ناجعة في دعم الصحافة الثقافية وتوزيع إصداراتها وتفعيل دورها.

وأشارت د.امتنان الصمادي، رئيسة تحرير مجلة "أقلام جديدة" الثقافية سابقاً في الجامعة الأردنية، إلى أن النشر الورقي للمجلات الثقافية آخذ بالتراجع في مختلف دول العالم وليس فقط في الأردن، بسبب التطورات التكنولوجية وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك يجب على كل مجلة ثقافية العمل على ما يميزها عن بقية المجلات، سواء أكان في أسلوب طرحها للملفات أو المضامين أو التبويب، وغير ذلك، من أجل أن يتحقق الإقبال على المجلات الثقافية في نسخها الإلكترونية والورقية على حد السواء ويضمن استمرار إصدارها.