• 18 كانون أول 2021
  • ثقافيات

 

القدس - أخبار البلد - في اجواء شتوية باردة ، وفي مبني مقدسي اصيل لا زالت حيطانه تختزن اصوات عائلات عاشت فيه واصوات تاريخ امتد من الفترة العثمانية، في هذا الاجواء الكانونية التقت مجموعة من عشاق ومحبي التراث والتاريخ في مقر المركز الثقافي التركي يونس امره للاستماع الى محاضرة تعيد لذاكرة القدس ذكرى سلطان عثماني قدم للقدس اكثر من غيره وحولها من مدينة تعاني الى قبلة العلماء وحلم المسلمين للسكن فيها بعد ان شهدت بفترته نهضة عمرانية وثقافية واضحة ، انه السلطان ”سليمان القانوني ” السلطان العظيم ، وفي المركز الثقافي التركي الذي بات منزل الفنانين والمثقفين في المدينة المقدسة،  وقبل ان يبدا المحاضر محاضرته كان.ريها آومومجو مدير المركز الشاب النشيط الذي ينافس المقدسين بعشقه لمدينتهم انه ريحا  يستقبل الضيوف بابتسامته التي لا تفارق محياه.

 اما المحاضر الصديق الدكتور يوسف النتشة  فهو شخصية مميزة تشهد لها اروقة القدس والتي وثقها بعدد من المؤلفات والمقالات ، متخصص في الفترة العثمانية التي خصص لها عمل توثيقيا كبيرا ولكن قلبه يهوى  الفترة المملوكية والتي يقول عنها ان المدينة في عصرها شهدت نهضة لا مثيل لها .

 الصديق الدكتور يوسف النتشة خص شبكة اخبار البلد بمحاضرته كامله ، ونحن يسعدنا ان نقوم بنشر المقالة كما هي ، مع الشكر للصديق ولما قدمه من معلومات وافكار عن تاريخ المدينة الذي لا زال بحاجة الى الكثير من الكتب والقراءات والابحاث

”…واليوم نجتمع في البيت التركي العثماني لنحاور السلطان سليمان القانوني وندخل الى وجدانه وقلبه لنستخرج منها مكانة القدس، 

لذا فاني اشكر 

المركز الثقافي التركي واشكر القائمين عليه واخص بالذكر السيد ريحا بيك ونائبة سعادة السفير ، والحضور من جمهور القدس وطلابي ومن يتابعنا عبر وسائل التواصل خاصة الفيس بوك

واقول 

العمارة والتاريخ والتراث العثماني عميق وكبير لا تسعه محاضرة او حتى كتاب

اليوم حسب موضوع محاضرتنا نخصصها للسلطان سليمان القانوني ومشاريعه المتعددة مع رغبة في اعادة التقييم على ضوء

السلطان سليمان القانوني اكبر من يعرف هنا، فقد كتب فيه عدة كتب ومقالات وشهرته طبقت الافاق ويكفى انه عرف بالقانوني(The law Giver) لكثره سنه القوانين او سليمان العظيم (Suleiman the Magnificent  ) ومما يلاحظ ان الدولة بعد سليمان لم تحرز اي تقدم مستمر بل بدأت مرحلة التراجع او العيش على الانجازات السابقة او كما يقال (lives on his fat). لكن مهم ان نعرف كيف راى او صور السلطان علاقته  الرسمية والشخصية بالقدس. هذا يجب ان ينتظر بعد ان نطلع باختصار على مشاريع السلطان سليمان القانوني في القدس.

مشاريع السلطان سليمان

السلطان سليمان ترك بصماته المعمارية الخالدة في القدس، يده في تاريخ المدينة، 

ولفهم الامر، فانه يجدر التنوية انه على جلالة العمارة المملوكية في القدس، ودورها الهام في صياغة المشهد المعماري للمدينة، فان اخر نصف قرن من الحكم المملوكي لم يشهد بناء اي مشروع، واخر نشاط معماري كان للسلطان الاشرف قايتباي حينما اتم بناء مدرسته الاشرفية وسبيله المشهوران

لذا بقدوم الادراة العثمانية في 922/ 1517 كانت القدس بحاجة الى اعادة رد اعتبار لها، كما كانت في بداية العهد المملوكي  نهضة عمرانية، ومع ان بواكير هذه النهضة قد بدأت مع السلطان سليم الاول والد سليمان، الا انها تعمقت وترسخت، ليس على مستوى القدس، بل على مستوى عام في اغلب المدن كدمشق وحلب وقونية وادرنه وعلى مستوى خاص في كل من مكة والمدينة والقدس. 

ان هذا الاهتمام اصبح سياسة عامة في الدولة العثمانية، لكن هل هذا تأثر بالعوامل السياسية والخلافات المذهبية خاصة تلك التي كانت مع الدولة الصفوية بقيادة الشاه اسماعيل الصفوي ؟ هذا امر وارد، لكنه ليس العامل الوحيد، بل هو قد يكون من بعض الدوافع. لكن رغم تراجع الدولة بشكل عام بقيت للقدس مكانة خاصة بها، وليس ادل على ذلك من مشروع ترميم السلطان محمود الثاني الكبير.

يمكن للمختص بالشأن المعماري للقدس ان يرصد اربع مشاريع هامة وكبيرة للسطان سليمان القانوني، نبدأ بهم حسب التسلسل الزمني:

الاول: تحصين المدينة(القلعة والسور)

ان اول مشروع معماري عثماني يشار لها بالبنان في القدس هو مشروع اعادة تحصين وترميم القلعة، والقلعة على قدمها، الا انها تلقت اهتمام بالغ من الدولة المملوكية خاصة السلطان الناصر محمد بن قلاوون. ندين بالعرفان الى سجلات محكمة القدس الشرعية التي حفظت لنا وثيقة تثبت ان العمل بدأ في سنة 938/1531 وان العمل تم من قبل فريق من المعمارين، كان منهم معماري محلي هو على بن نمر. هذا امر مفهموم، له علاقة باستتاب الامن، وباتخاذ القعلة مقر للانكشارية. تحقيق الامن شبه المفقود للمدينة سواء من العوامل المحلية او العوامل الوافدة.

القدس زمن المماليك لم يكن لها سور، بوابات نعم، هنا تم المشروع، خمس سنوات، من الذي دفع، الضرائب وترافق ذلك مع المسوحات، السور مدرسة معمارية كبيرة، عدد الابواب الاصيلة، اعادة بناء ام عمارة جديدة، قصص الصور، 

ثانيا: ترميم مرافق في المسجد الاقصى المبارك

هل المشروع هنا وهناك، بناء سبيل، تصليح شباك، ترميم بائكة،  هل نتحدث عن  الفيسفساء والقاشاني فقط، فتح نافذة، لا يجب النظر اليه على انه مشروع مستدام، مثله مثل عبد الملك بن مروان ،الرعاية الهاشمية الحالية، هو اوسع من ذلك

ثالثا: مشروع الاسبلة والمياه : قناة السبيل، تسع اسبلة، طراز جديد، توزيع شامل، محمد جلبي النقاش، 

رابعا: العمارة العامرة وخاصكي سلطان

اكبر مشروع اجتماعي، وحداته المعمارية، اوقافه، موظفيه، وقفيته، من تولى ادارته، بايرام باشا، تصدير القمح واستيراد الرز من مصر، قصص اجتماعية لطيفة، شوربة تعنى البركة.

القدس في ذهن وعقيدة سليمان العظيم

ما يستحق الذكر ان سليمان القانوني في رسالة الى امبراطور هاسبورغ فريدنالد في عام 1554 وصف نفسه ان حاكم مكة والمدينة والقدس. ان هذا الدعاء قد دعم بمشاريع معمارية قام بها بهذه المدن الثلاثة علاوة على عاصمته استانبول. ان هذا الموقف قد اخذ شكلا اخرا حينما ذكر في حجة مؤرخة من سة 1565 بالاشارة الى سليمان بانه سيد (lordship) مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف(Mecca the venerated, al Medina the illuminated and Jerusalem the Noble ).

ان هذا وكما يرى هيلنبراند يضع مشاريعة المعمارية في القدس تختلف عن ما تم في دمشق، وحلب، وادرنه، وقونية وغيرها من الاماكن، انها تتاخذ صبغة اسلامية عامة  (Pan Islamic).

لا داعي لان نكرر ذكر اعماله في المدينة ومكة والتي تتشابه مع القدس خاصة فيما يتعلق بالمياه(قنوات وأسبلة) والمطبخ السلطاني (تكية) والترميمات للاماكن الدينية خاصة المساجد، ان هذا يظهر بالمقارنة مع مشاريعه في القاهرة ودمشق، ان مشاريع المدن الثلاثة الدينية كانت تصب ايضا في صالح الزيارة والحجاج والشعائر الدينية. ولا مندوحة هنا من الاشارة الى توافق وتماثل اهمام زوجته خرم، خاصكي سلطان، روكسلانه ما ما اقامته من مطبخ سلطاني في القدس والمدينة وااستانبول.

ليس هذا فقط، بل وحسب اوليا جلبي فان  سليمان القانوني بارسالة مبلغ من خاص ماله للقدس، مساو لما ارسل لمكة، فانه يضع مكانة والقدس على قدم المساواة، وليس كما يفهم خطأ من قبل كثيرين اليوم بحسن او سوء نية ان للقدس المكانة الثالثة في الاسلام بعد مكة والمدينة. هذا يذكرنا بما افاد به العالم الجليل الطيباوي حينما ذكر انه في مجد الحضارة الاسلامية في القرن الرابع وما تلاه، لم يكن العالم الفيه يعد عالما ما لم يزر وينهال من ست مدن: ثلاث مدنية هي القاهرة ودمشق وبغداد، وثلاثة مدن دينية هي مكة والمدينة والقدس

ختاما، هل رأي السلطان سليمان القانوني نقسه كسليمان ثان يهتم بالمدينة بعد سليمان النبي، ما الدافع لطرح هذا السؤال، نقوش، تحليل، جوابي

بالمفهموم الاسلامي نعم، هو راي نفسه في مصاف الانبياء معماريا.