• 30 تشرين أول 2022
  • ثقافيات

 

 القدس - أخبار البلد - خصصت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية  جلستها الاخيرة لمناقشة رواية " ذاكرة على أجنحة حلم" للكاتبة نزهة الرملاوي ،  الرواية قدّم لها الأديب احمد الصمادي ويحمل غلافها لوحة منال ديب، وتقع في 190 صفحة، وصدرت عن دار ابن رشيق 2022.

افتتحت الندوة ديمة جمعة السمان قالت: اصطحبتنا الكاتبة نزهة الرملاوي في رحلة نفسية صعبة تدمي القلوب عبر الذاكرة الوطنية، الجغرافية، التاريخية، الاجتماعية والإنسانية التي امتدت عقودا من الزمن، من خلال قصص جاءت على ألسنة الشخوص التي رسمتها، لتكتمل أهم المفاصل للرواية الفلسطينية والعربية، بكل ما تحمل من مآسي تعرّضت لها الأمة العربية في العقود الماضية. عرضتها الرملاوي بأسلوب شيّق ولغة جميلة مليئة بالصور الشعرية والوصف الدقيق، جاء بعضها على ألسنة شخوصها بلهجاتهم العامية لبلداتهم، مما زادها جمالا و إقناعا.

استخدمت الكاتبة في روايتها أسلوب الاسترجاع، أثناء تواجدها خارج الوطن في رحلة قصيرة امتدت أربعة أيّام، إلى العاصمة الأردنية عمان والعقبة والبتراء. لم تخطّط الكاتبة للرحلة، إذ حصلت عليها كجائزة إثر مشاركتها لإحدى إعلانات شركة سياحيّة. وإذا بها تفوز برحلة الأحلام إلى المدينة الوردية، التي طالما حلمت بزيارتها.

حملت الرّواية عددا كبيرا من القصص الجميلة والشّيقة، إلا أنّها فقدت عاملا مهما جدّا، وهو الرّبط بينهما بحبكة تبقي القارىء داخل "شِباك" الرّواية، مقيّدا بإرادته، يبحث عن نهاية تقنعه، حتى ولو كانت مفتوحة.

 قالت د. روز اليوسف شعبان:

نجد أنّ الكاتبة  استخدمت الأسلوب الحداثيّ في كتابة روايتها، وفق نظام تأليفيّ تخييليّ،  بطريقة فنّيّة إبداعيّة، فقد قامت الكاتبة  بتنظيم الأحداث في صياغة فنّيّة، حسب ظهورها في الخطاب السرديّ، ولم تتّبع في طريقة عرض أحداث الحبكة التطابق والتسلسل الزمنيّ للأحداث في الحكاية، كما هو متّبع في الرواية التقليديّة، وإنّما  اتّبعت أسلوب الحداثة في ترتيب أحداث الحكاية، بطرق متعدّدة، فنجدها تلجأ إلى الأحلام، المونولوج، الاستذكار والاسترجاع كثيرًا في روايتها كما نجد في الأمثلة التالية:"  وظهرت أمامي صورة خالد زوج صبريّة؛ بعد أن خرج من السجن وتزوّجا ثانية، أصبح مجالسا لرفقاء من المهم الإشارة إلى لغة الكاتبة في هذه الرواية، حيث استخدمت لغة جميلة شاعرية وصفيّة تخللتها الكثير من الاستعارات خاصّة في وصفها للأماكن التي زارتها، على أنّ وصفها للقدس يبقى الأجمل والأصدق فنجدها تقول بعد عودتها من الرحلة:" نزلنا من الحافلة بالقرب من باب المدرسة الرشيدية، عانقت روحي ويديّ المنتظرين، لحظات الفرح تخترق قلبي، تدقّ نوافذ العشق في حجراته، كلّ الأماكن والناس من حولي مبتهجة ضاحكة، باب الساهرة يمدّ يديه ويضحك للعائدة، والأسوار الشامخة تدغدغ العظمة في داخلي وتهلّل باسمة؛ فرحت لوجودي قبالتها، في لحظات التجلّي هذه، تخونني الكلمات فلا تأتيني، ولا أصدّق أنّي في القدس التي أحلم". ص 162.

وكتب محمود شقير:

من يتأمل هذا العنوان يدرك من اللحظة الأولى أننا أمام نص تتداخل فيه الرؤى الرومانسية مع التوجهات الواقعية تجاه الوطن وقضاياه، وتجاه الناس ومشكلاتهم التي تتوزع بين النزعات الشخصية والأخرى العامة.

    ذلك أن تخصيص البدايات الأولى للنص لامرأة مقدسية اسمها عبير، يبدو فيه انحياز واضح لمعاناة هذه المرأة التي طلقها أبوها من زوجها؛ لأن الزوج رفض الانصياع للشرط الذي فُرض عليه وهو الإقامة مع زوجته في القدس، والسؤال: إلى أيّ حد تعد هذه المشكلة ذات صبغة عامة في أيامنا هذه أو حتى في تلك الأيام التي! نخمن من السياق أنها كانت في خمسينيات القرن العشرين وربما في الستينيات؟

    وبرغم أن الكاتبة نزهة الرملاوي كتبت نصها بلغة جميلة شعرية في مواقع شتى، لكنها لم تلبث أن دخلت منذ البداية في حوار مع كاتب على الفيسبوك حول منهجها في الكتابة، ما يوحي أننا لسنا أمام رواية، لأن لغة المقالة التي ظهرت في الحوار لا تناسب السرد الروائي.

 نلاحظ أيضًا أن هذه الرحلة إلى البتراء والعقبة تمّت من جراء فوز الكاتبة في مشاركة لإعلان دعت إليه شركة سياحية، وهي التي امتدت ثلاثة أيام في حافلة أطلقت عليها الكاتبة لقب "عزيزة"، التي انطلقت من فلسطين المحتلة إلى الجسر ومن ثم إلى عمان وإلى العقبة، ليستعين ركابها بعد ذلك بسفينة تأخذهم إلى الأراضي المصرية، ثم يعودون عبر المسار ذاته إلى فلسطين؛ وإلى القدس.

الجدير ذكره أنه لا وجود لحدث روائي يتطور عبر صفحات الرواية وتتصارع من خلاله الإرادات وتظهر الشخصيات الروائية ويمتد حضورها ويتنامى ونتعرف أثناء ذلك على ما لديها من مزايا وصفات.

 ولذلك؛ فهي تمنح نفسها مساحة واسعة لقول كل ما تريد، ولتسليط  الضوء على قضايا كثيرة تعاني منها المرأة، ويكابد منها مجتمعنا الذكوري الذي يظلم المرأة ويضطهدها، علاوة على اضطهاد المحتلين الإسرائيليين لشعبنا بجميع طبقاته وفئاته.

 أخلص من ذلك إلى القول: هذا نص أدبي يفتقر؛ بحسب اجتهادي، إلى البنية الفنية المحكمة التي تجعل منه رواية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة؛ التي تدلّل على جنس أدبي لا يسلس قياده بسهولة ويسر.

  غير أنه نص سردي جيّد يتداخل فيه أدب الرحلات مع فنّ المقالة وأدب الرسائل والمراسلات واليوميّات والمذكرات.

وقالت هناء عبيد:

أهدت الكاتبة روايتها إلى القدس بتفاصيلها، وإلى تهاليل أمّها النائمة على أوجه القمر، وحكايا أبيها الغافية في قناديل السهر، والمنتظرين على أعتاب الغربة ومحطات السفر والوطن الذي تكتبه ويكتبها.

الشوق عنوان كل مغترب، كل كلمة تطرق ذاكرته بالحنين إلى الوطن فكيف إذا كان الحنين إلى القدس؟ ها هي عبير ضحية اغتراب تطرق باب كاتبة مقدسية اتقنت صب الحب في جعبة كلماتها لتنسل إلى قلب عبير دون استئذان وتحثها على إرسال رسالة؛ لتغب من فيض هذا الحب للمدينة المغسولة بنور الفجر، ولكن الاغتراف من هذا الجب يكون مؤلما، فهي تتهمها أنها بكلماتها العاشقة دمرتها نفسيا. وتتوالى الحكايات الاجتماعية التي يبدو أنها لن تنتهي يوما.

ولا شك بأن الروح لا بد أن تسكب مخزونها على الورق، لهذا نجد الروائية تتحدث عن الكتابة و الموهبة والإلهام تحت فصل بعنوان الكتابة، الإلهام الصعب.

ثم تنتقل ككل قلم فلسطيني مسؤول وروح مفعمة بالأصالة والوطنية؛ لتحدثنا عن ظلمة الأسر وقناديل الكتابة، فكيف لقلم فلسطيني أن لا يسكب الألم والحزن الذي يعيشه أهلها؟ فها هي هنا تحدثنا عن الأسرى في سجون الاحتلال وأحلامهم المبتورة وأبناءهم المهربة نطفاتهم من بين سلاسل الظلم، فترسل رسالتها إلى الأسير كميل أبو حنيش في عالمه البني وتعزية في فقده لابنه البكر.

وفي كل رواية لا بد أن يكون الوجع والموت والاغتيال نصيب، يسرد عزوز لنا المآسي التي واجهته وهو طفل صغير حينما اجتاح العساكر المخيم، كما اجتاح المدن إثر تصاعد المقاومة وتفجير المقاومين لحافلات وفندق في مدينة نتانيا أم خالد، استطرد حديث الموت والألم والحزن جورج الساحوري الذي أخذ يدق أجراس المهد يوم الاجتياح؛ لتشترك كل الأديان في المقاومة دون كلل أو يأس.

وقال عفيف قاووق:

الرواية كُتبت بأسلوب سرديّ شيّق، يمتاز بالترابط والإنسيابيّة، وبُلغة سهلة ومتينة اتسمت بطابع الحداثة بعد إدخالها الفيسبوك كوسيلة تواصل إلى جانب الرسائل الإلكترونية في تقنيات كتابتها هذا إضافة إلى اعتمادها تقنية الإسترجاع او الفلاش باك لتسّرُد لنا  بعض الأحداث التي لها علاقة بشكل أو بآخر بالسياق العام للرواية. وعلى رغم عدد صفحاتها الذي لم يتجاوز المئتين، إلّا انّنا نجد فيها كمّاً لا بأس به من المواضيع والإشكاليّات التي أثارتها الكاتبة، ومحاور إجتماعيّة وسياسيّة، إضافة إلى بعض القضايا التي تمُّس الحياة العامّة والهّم الوطنيّ. وعليه يمكن تصنيف هذه الرواية بمزيج من أدب الرحلات، أدب الرسائل وحتى الأدب السياسي في مكان ما.

وفي نظرة عامّة على المجتمع الفلسطينيّ، تشير الرواية في نوع من العتب أو الإنتقاد إلى ما آلت إليه الأمور فتقول "أصبحنا أشباه أمّة، تمّ قذفنا في متاهات الإغتراب وبعضنا الآخر تحت خيام اللجوء أو في غياهب السجون والمنافي".

  كان لا بدّ من إظهار بعض النقاشات والاختلاف في الآراء السّياسية، كالحوار الذي جرى بين أحد المقهورين من زملاء الرحلة في الحافلة عزيزة عندما قال "إن القدس مستمرة في نشر بذور التعفّن السّياسيّ والتعصّب الدينيّ، والصراع الذي لا ينتهي، ليأتي الردّ من الكاتبة، بأن القدس خط أحمر ولا تجلب الموت، بل هي تراتيل فرح وإلهام وهي أمّ البدايات وأمّ النهايات. و بجرأة لافتة، جاء الانتقاد الصارخ بصوت بهيّة إحدى ركّاب الحافلة بقولها: "لقد متنا من الغدر والأسر والتهجير والتهويد، معاهدات تلاها تنازلات ومفاوضات ما جابت إلا الخيبات، العرب مزّقوا أوراق القضيّة، والقادة باعوا البلاد وصاروا يتجبّروا بالعباد، رفعوا شعار القدس، وشحدوا بإسم فلسطين وقبضوا الملايين (ص110). وهنا لا بدّ من الإشارة إلى بعض الحالات الشاذة التي أقدم عليها البعض مثل والد تولين، حيث باع كلّ ممتلكاته وبيته للمستوطنين والتي دفعت إبنته حياتها ثمنا لخيانته هذه.

ختاما نقول شكرا للروائيّة نزهة الرملاوي على هذه التحفة الروائية وهذا التألّق الأدبيّ في رواية أعطتنا الكثير، وحرّكت فينا المزيد من الأحاسيس والمشاعر، وكشفت جزءاً من تقصيرنا تجاه القضيّة الأم ، وحلقت معنا على أجنحة الحلم بالأمل والعودة. "فالقدس لنا والبيت لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس وللقدس سلام آتٍ".

وقالت دولت الجنيدي أبو ميزر:

منذ تعرفت على الكاتبة نزهة الرملاوي في ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية شعرت مدى عشقها للقدس، فهي الابنة الوفية التي عاشت على ثراها، شربت من مائها، تجولت في شوارعها وحاراتها وطرقها، وكرست معظم كتاباتها؛ لتحكي عن مقدساتها وأماكنها التاريخية، -شوارعها، وأزقتها، وحواريها، أحواشها وما حولها. عن احتلالها وصمود أهلها ومعاناتهم من المحتل.

في كتابها ووصفها الجميل عشت معها هذه الرحلة بكل تفاصيلها، أعادتني الى أماكن زرتُ معظمها، نقلتني الى عالم الأحلام، وشاركتني في تفاصيل رحلتها.

ولا تنسى الوجه الآخر والمشاعر التي تقطع حبل سعادتها؛ لتذكر مشاهد اللاجئين وجثث أطفالهم العائمة على شواطئ الغربة.

تصف طريق العودة وإرجاعها إلى عمان بسبب نقص في أورراقها، فتزور عمّها الجندي في الجيش الأردني، وعن طريقه تشرح سقوط القدس بأيدي الأعداء وانسحاب الجيش الأردني وجزء من حياة أسرتها.

وقالت نزهة أبو غوش:

في هذه الرواية أخذتنا الكاتبة نزهة الرملاوي في رحلة جميلة عشنا معها بخيالنا لحظة بلحظة، وخطوة فخطوة.

استطاعت الكاتبة بلغتها الغنيّة بكلّ جماليّاتها البلاغيّة من تجسيد، واستعارات وتشبيهات واطناب وتفصيل ووصف دقيق للأحداث والأماكن؛ أن تجعلنا نعيش تفاصيل الرحلة منذ خروجها من القدس حتّى العقبة وعمّان، ثمّ طريق العودة.

يمكننا أن نصنّف هذه الرواية أنّها من أدب الرحلات؛ حيث أنّ الرواية ركّزت على الأماكن السّياحيّة، والأثريّة في العقبة والبتراء ومدينة عمّان وغيرها؛ ثمّ أنّها أبرزت جماليّات الأماكن في المدن وجبالها وصخورها ورمالها وبداوتها، ولم تنس أن تشرح حضارات تلك المدن وثقافتها وتاريخها.

تعتبر الرّواية إِنسانيّة بالدرجة الأولى، فقد برزت من خلال علاقات المسافرين ببعضهم خلال الرحلة من الدّرجة الأولى، كما أنّ الرّاوية كانت تحزن وترأف وتساعد مراسلتها لصديقتها المعجبة عبير، وذلك عبر التواصل الاجتماعي، الّتي وقعت بأزمة أسرية، كذلك عطفها مع الأسرى " ألا يحقّ للأسير أن يكون له قلب ينبض؟ لقد آلمني صراخ المعتقلين في الزنازين."

وكتب عبدالله دعيس:

تواصل الكاتبة نزهة الرملاوي رحلة عشقها للمدينة المقدّسة التي ابتدأتها بمجموعتها القصصيّة عشاق المدينة واستمرّت بها في جلّ أعمالها الأدبيّة، حتى وصلت إلى هذه الرّواية التي هي فصل جديد من هذا العشق المتمكّن منها المسيطر على سطورها، فهل نحن أمام نوع جديد من الغزل ولوعة المشتاقين وآهات العشّاق؟ إنّها القدس، مهوى الأفئدة وقبلة المحبّين والمريدين.

ربما أرادت الكاتبة في هذا النّص تجريب نوع آخر من العشق، وهو البعد عن المحبوب والتّلوّع لفراقه، وهذا ديدن المحبّين وسيرة العشّاق مدى الزّمان، فاختارت أن تبتعد عن المدينة ولو إلى مكان قريب ووقت قصير، فارتحلت في ربوع الأردن لأيام قليلة، لتعود متعجّلة إلى حيث ينبض فؤادها بالعشق، إلى محبوبتها القدس. ولا تستطيع الكاتبة أن تفصل نفسها عن رحلة العشق هذه، فاختارت أن تكون هي نفسها بطلة الرّواية وراويتها، فأصبحت روايتها أشبه ما يكون ببوح لما يكتنفها من مشاعر تجاه المدينة وحزن لكونها تحت سياط الاحتلال 

وقال الدكتور عزالدين أبو ميزر:

 

قرأت للكاتبة قبلا ولدي فكرة عامة عن أسلوبها في الكتابة، وأنها تملك قدرة على تطويع الكلمات الجميلة لقلمها بتأنق، وأرى أثر حبات العرق وهي تسيل على جوانب الكلمات معلنة أنها ما وصلت إلى مواقعها إلا بعد جهد وتعب.

وكعادتي في مداخلاتي أعتمد الإجمال لا التفصيل إلا إذا كانت المداخلة في الشعر وما يتعلق به فأستفيض. إن كتاب: ذاكرة على أجنحة حلم، هو من أدب الرحلات بامتياز مع سرد على لسان الغير في بعض الرسائل، ومما جلب انتباهي فيه عدة أمور 

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

العنوان"ذاكرة على أجنحة حُلم"يضيء نصّ الرّواية ويكشف عن مضمونها التي تسرد الحكايات المكثفة من خلال الذاكرة والأحلام، ذاكرة ما زالت يقظة لا تعرف النوم، ذاكرة غاضبة،حزينة،حبلى بالوجع والقهر، هي ذاكرة المكان والإنسان، فالذاكرة في الرّواية هي توثيق لما شاهدته وسمعته الرّاوية من خلال تنقلاتها في عدّة مدن في الأردن، والقدس، بما في ذلك الأماكن المختلفة، وقد تمّ تسجيل الذاكرة  واستعادتها من  خلال الوصف والسرد، فكلّ شخصية من الشخصيات العديدة  والمكثفة بما فيها الراوية كانت تقوم بسرد حكاية ما، إمّا حكاية الحرب والوجع أو النقد الإجتماعي أو تبوح بآهات الظروف السياسية، ويمكن اعتبار ذاكرة الرّحلة هي كنصوص أدبية في أدب الرّحلات، نجد بصمة  الأديبة في الرّواية، إذ أنّ الرّاوية هي معلمة وأديبة ومثقفة ولا تتردد في النقاش وطرح السؤال وتلك هي أيضا صفات الأديبة الرملاوي، خاصة وهي تدافع عن صورة القدس ونقد الأمور السلبية على لسان الرّاوية. وأُسلوب الاسترسال في النقاش.

برزت شخصية الرّاوية المنفعلة من المشاهد السلبية وفي تدخلها من خلال الاسهاب في النقاش.

وكتب خولة سالم العواودة:

هذه الرواية الثالثة للكاتبة المقدسية نزهة الرملاوي التي أحظى بقراءتها مذيلة بإهداء جميل يخصني، والتي عادة ما  تتحفنا بأسلوبها الشيق في الولوج لجماليات معشوقتنا المقدسة، تدخلنا في تفاصيل تفاصيل المدينة، نحن المحرومين من زيارتها أو تنسم هوائها، والانتعاش بروائح بخورها وتقبيل حجارتها، قسرا منعنا لا لسبب سوى لأننا أبناؤها وعشاقها البررة، في كل رواية للكاتبة الرملاوي، أشعر أنني أتسكع في حارات وشوارع القدس، أعيد ذكريات ما قبل المنع عنها، لا  لسبب  سوى عشقي لكل ذرة تراب فيها، وفي مدن الداخل ، محرومون نعم من الدخول أليها أجسادا، ولكن أرواحنا تحلق فيها عبر أقلام أبنائها الذين لم يتوانوا في إيصال رسالتها المذيلة بالعشق لنا، لذا أرى في كتابات الأدباء المقدسيين في وصفهم للمدينة والتماهي في الحديث عنها عزاء لي ولأمثالي من عشاقها، ومواساة لنا لفراق طال أمده، وحتما سينتهي يوم وسندخلها فاتحين.

الرواية في مجملها حداثية الطابع، فمن رسائل الماسنجر إلى الصداقات الافتراضية. تضعنا الكاتبة في صلب  معاناة المقدسي الملتاع شوقا، البعيد عن معشوقته قسرا، أو المسافر عنها لسبب ما يقهره غيابه عنها، تصف الكاتبة بكل اقتدار تفاصيل المعاناة والالم، وتطرق للعديد من القضايا الاجتماعية بتجرد تام، من مشكلة عبير "المقدسية جينيا المبعدة مكانيا"، التي تطرحها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإصرارها على نشرها عبر قلم الكاتبة وقراها، إلى معاناة بطلة الرواية "الكاتبة " في سرد رحلتها عبر القدس ثم العقبة والعودة، وما لمسته من معاناة المسافر عبر الحواجز والجسور، إلى قضية تسريب العقارات وبيعها للأغراب، والتسبب في كوارث اجتماعية لعوائل لا دخل لها في حماقات أحد أبنائها في تسريب عقار ما  يخص العائلة.

وكتب الأستاذ الناقد رائد محمد حواري حول مقالة حول رواية ذاكرة على أجنحة حلم 

شكرا من القلب لمن أناروا ذاكرة الأماكن و تعمّقوا بتفاصيل المجتمع.. شكرا لمن تناولوا أبجديات الرواية وطافوا بها على أجنحة حلم.. تحليل راق وشائق في معالجة الرواية،

 

وقالت رائدة أبو صوي:

ذاكرة على أجنحة  حلم .ماضي وحاضر ومستقبل بصمة خاصة للأديبة المقدسية نزهة الرملاوي تستحق الثناء والإعجاب والتقدير .استطاعت الكاتبة ان تجذب القاريء تطرقت الكاتبة إلى قضايا اجتماعية معاصرة كانت وازدادت مثل ظاهرة الطلاق وتحدثت عن أثرها السيء على الأطفال .  تحدثت عن الملاجئ وعن بيوت الأيتام أشارت إلى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي ، إنعاش الذاكرة وتقصير المسافات والغاء الحدود .في ص (34)  مشاعر الكاتبة كانت قوية جدا وهي تتحدث عن الزنازين وعن المقابر . تزيين الرواية بأبيات شعر ابي فراس الحمداني  أقول وقد ناحت بقربي حمامةٌ...أيا جارتا هل تشعرين بحالي . معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى  ولا خطرت منك الهموم ببال .  احسنت الاختيار الكاتبة أظهرت الكاتبة مشاعر  رومانسية قوية عندما وصفت ايام الصبا  هنا ظهر العنوان متجليا  حلقت بنا الكاتبة على أجنحة احلامها الجميلة  اؤمن ان لكل امرئ نصيب من اسمه وكاتبتنا نزهة الرملاوي  استطاعت ان  تأخذنا في نزهة عبر الزمان والمكان والشخصيات 

الشاعر الكاتب الروائي أحمد الصمادي 

 وكان لرئيس دار ابن رشيق في الأردن  احمد الصمادي  مداخلة ارتجالية اثنى بها على الرواية وقوة بنائها وكتب قراءة عن الرواية  جاء فيها:

صدر مؤخرا للأستاذة نزهة الرملاوي رواية تحت عنوان (ذاكرة على أجنحة حلم) وتعتبر هذه الرواية مرجعية لكثير من القضايا، حيث تطرقت الكاتبة للكثير من المواضيع الإنسانية والقضايا المجتمعية الشائكة بفلسفة جديدة ولغة سلسة عميقة تلامس الروح من خلال إدراج العاطفة المدركة بالمعنى الحرفي للكلام حيث نقلت هذه التفاصيل لمدة زمنية حقيقية لا تتعدى الأربعة أيام بينما توسعت في طرحها بحرفية عالية من خلال الدوائر الزمنية الداخلية للرواية. 

وصفت الرواية مجتمعات ومدن وثقافات أخرى، لأن الروي يعتبر بمثابة يوميات مسافر، كوصف الأماكن أثناء رحلة من القدس إلى عمان، البتراء، وادي رم ومطلة لوط، والعقبة وأم الرشراش ( ايلا) كان وصفا أدبيا جميلا يليق بسيادة الأماكن وعظمتها

قراءة الأستاذة اسنات ابراهيم 

الرواية تلقي الضوء على بعض ٱفاتنا الإجتماعية في مجتمع ذكوري ظالم للمرأة ، كما انها تستعرض بعض  المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تركت أثرها على مجتمع بأكمله ، وذلك من خلال رحلة تقوم بها إلى المدينة الحمراء ، البتراء ، لتعرفنا ايضا على تاريخ وجغرافية المكان ، مما يضيف بعدا جميلا للرواية .

في الرواية تنتهج  الكاتبة أسلوبا روائيا متميزا ، جاء على شكل مجموعة رسائل الكترونية تبعثها لها إحدى صديقاتها المتابعات على الفيس . إضافة لحديث سردي خاص للكاتبة   تبوح بما يجول في خاطرها من ملاحظات هامة لما تراه وتسمعه من حولها ، خلال رحلتها الى البتراء .