- 11 تموز 2024
- ثقافيات
القدس - أخبار البلد - شهد مسرح الحكواتي ا( المسرح الوطني الفلسطيني ) حدثا مسرحيا لافتا بمشاركة جمهور متعطش لهذا الفن في المدينة المتعبة.
فلقد تم عرض مسرحية " تماثيل و كلاب " من انتاج مسرح سنابل ، تمثيل الفنان احمد ابو سلعوم ، والفنان عدنان ابو اسنينه والفنانة مايا النشاشيبي والفنان محمود ابو الشيخ، والفنان نضال ابو احمد ، تلك المسرحية كتب عنها الروائي الكبير محمود شقير في صفحته على الفيسبوك ما يلي :
في هذا الزمن القاسي، حيث تتفرج أنظمة عربية وحكّام على المأساة التي يتجرّعها الشعب الفلسطيني منذ تسعة أشهر ونيف، يكتسب العرض المسرحي الساخر، الذي أعدّ نصه وأخرجه وقام بدور بارز فيه الفنان المتجدّد أحمد أبو سلعوم، أهمية خاصة، بحيث جاء الضحك المكتوم أثناء العرض شبيهًا بالبكاء، من باب شرّ البلية ما يضحك. ثمة تمثال للقائد الأوحد يتوسّط خشبة المسرح، وثمة عسكري مستبد ينفّذ مشيئة القائد ويتسلط على فقراء الناس، وثمة حاشية من المنافقين الذين يقلبون الباطل حقًا والحق باطلًا، ولا تكتمل الحكاية إلا بامتدادها الذي جاء متوافقًا مع مقدّمات الاستبداد، وأقصد هنا الاستعانة بقصة تشيخوف عن كلب الجنرال الذي عضّ إصبع الخيّاط سليم، الذي أمضى في الجيش ثلاثين عامًا في خدمة النظام، ثم أحيل على المعاش ومارس مهنة الخياطة؛ حيث لأصابع اليدين دورٌ أساسي في تسيير هذه المهنة. هنا تتبدّى المفارقات الساخرة حين يتقدم الخياط بشكوى الى الضابط ضد الكلب، فقد التبس المشهد على الضابط بين أن يكون الكلب هو كلب الجنرال أو أي كلب لأي شخص آخر من الناس. في الحالة الثانية يستعد الضابط لإدانة صاحب الكلب و الانتصار للخياط، و في الحالة الأولى يكون الخياط هو المذنب المدان، إذ لا يمكن لكلب الجنرال أن يكون موضع إدانة أو اتهام، ولنا في مثلنا الشعبي ما يشبه ذلك إذ يقول: "كلب الشيخ شيخ".
يتضمّن العرض مواقف مثيرة للشفقة حين نرى تقلّب بعض الناس ونفاقهم، وحين نراهم وهم يقادون مثل الكلاب بالسلاسل الذهبية التي في أعناقهم، ويتضمّن مواقف أخرى مثيرة للاحترام؛ مثلًا:
حين يتغلّب سليم الخياط على الضابط في صراع مكشوف بينهما دفاعًا من سليم عن كرامته وعزّة نفسه، وعن كرامة قومه أجمعين، ما أدّى إلى اعتقاله وسجنه في نهاية المطاف، من دون أن يضعف أن يستكين.
تألّق أثناء العرض الذي شاهدناه في قاعة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، الممثل الموهوب نضال أبو أحمد الذي قام بدور الضابط المستبد، وتألّقت مايا النشاشيبي بأكثر من دور في العرض المسرحي، ولا أنسى شيوخ المسرح المخضرمين المتألّقين: أحمد أبو سلعوم، عدنان أبو سنينة، محمود الشيخ. ومشرف الإضاءة رمزي الشيخ قاسم، والمسؤول عن التوزيع الموسيقي وائل أبو سلعوم، وأرجو ألا أكون قد نسيت أحدًا من القائمين على هذا العرض المسرحي الذي قدم نقدًا في مكانه الصحيح لبعض جوانب واقعنا السياسي والوطني والاجتماعي، لبعض سلبيات المرحلة وما تشتمل عليه من تسلّط وهيمنة على مقدّرات الشعوب تمارسها الإدارة الأمريكية الاستعمارية مستعينة ببعض أدواتها في المنطقة.