• 20 كانون الثاني 2022
  • نبض إيلياء

 

 بات من المؤكد للقاصي والداني الحبيب والعدو، أن حي الشيخ جراح هو الحي الذي سيحدد شكل القدس القادمة ، فالاصرار اليهودي الديني الإسرائيلي الرسمي على تغيير الواقع في الحي جذريا وبكل الوسائل يدل على استغلال  الفرصة  المتاحة حاليا أمام إسرائيل لفرض رؤيتها على القدس ، فاعداء الامس من بني يعرب اصبحوا اصدقاء اليوم ولم يعد يعنيهم القدس ولا الاقصى، كما ان العالم الاسلامي في سبات عميق لن يستيقظ منه في المستقبل القريب ، لهذا فان صاحب القرار الاسرائيلي يعمل في سباق مع الزمن من أجل إتمام ما بدأه بعد احتلال القدس عام سبعة وستين

 ما علينا 

 المهم ان هذا المخطط لتغير الواقع او ما بات معروفا باسم تهويد القدس ، يبدأ  كما هو معتاد عليه من المنظومة القضائي الخادمة للرواية اليهودية وليست ميزان العدل للعرب ، هذه المنظومة القضائية غير العادلة تزيد  من التوتر وفقدان الأمل بأي مساعدة ، فيجد المقدسي نفسه مكبل اليدين، وحيدا اما منظومة كان من المتوقع ان تكون انسانية اولا قبل ان تكون عادلة .

 هذا اليأس دفع هذا الاسبوع شخص على التهديد  بإحراق نفسه وعائلته  لمنع السلطات من اخلاءه من منزله الذي أقامه على أطراف حي الشيخ جراح (قبالة القنصلية البريطانية التي اوصلتنا سياسة الانتداب البريطاني إلى هذا الوضع  في القدس ) في  منطقة تشوبها الكثير من علامات الاستفهام ، هذه الخطوة هي دليل على أن المقدسي لم يعد يستطيع الصمود وان الشيء الوحيد الباقي له هو التضحية بنفسه  وعائلته من أجل الموت بشرف.

 عندما يصبح الموت مطلبا للمقدسيين في الاحياء العربية المهددة بالاخلاء والاستيلاء المباشر عليها  مثل حي الشيخ جراح وحي سلوان  وغيرها من أحياء ، فإننا نكون قد وصلنا الى مرحلة اللاعودة ، الا اذا قررت السلطات الإسرائيلية وقف هذا المسلسل الذي لن يؤدي إلا الى مزيد من الانفجار الذي لم تحسب حسابه  الجهات العنصرية اليهودية التي تسيطر على دوائر اتخاذ القرار في إسرائيل.

 فكل ما يجرى في حي الشيخ جراح ليس صراعا عقاريا أو صراعا على ملكية هنا او هناك وليس بالتاكيد صراع قانوني ، بل هو صراع  ديني بامتياز مع غطاء قانوني هش سمج ، فعندما نسمع هذا الموظف من بلدية القدس يقول للمقدسي المتحصن على سطح منزله وبيده جرة الغاز ومعه البنزين: نحن لا نريد أخذ منزلك نريد الارض فقط ، ويكلم هذا الموظف انت تقيم على أرض ليست لك ومنزل بدون ترخيص ، وبعد ذلك بساعات تأتي الجرافات لهدم المنزل على رؤوس ساكينه بدون رحمة ولا شفقة ، نعرف ان الحكاية أعمق من ذلك .

 النظرة اليهودية الحالية عبر عنها وبصراحة كل من اريه كنغ عراب الاستيطان في القدس (وتكريما له أعطي له منصب نائب رئيس البلدية  ليكمل مسلسله) وكذلك عضو الكنيست الأكثر عنصرية ايتمار بن غفير بانهم يريدون ان يروا القدس كلها يهود وبدون عرب ، وان بقى من العرب يجب ان يكون خادما لاسياده. ومن قبل بهذه المعادلة يمكن التفكير ببقائه في المدينة ولكن باعداد صغيرة جدا .

 وهنا نقتبس ما كتبه  ناشط اسرائيلي لوزير الامن الداخلي عومر بارليف ونشرت جميع  وسائل التواصل الاجتماعي هذه الرسالة التي توضح بشكل قاطع التوجه الإسرائيلي في القدس، حيث كتب تحت عنوان  "نحن نطردهم من منازلهم من أجل رفاهيتهم"."... إذاً في الحقيقة يتم ترحيل عائلة فلسطينية اليوم من أجل رفاهيتها؟ هل يمكن أن تكون أكثر سخافةً؟ تقوم بلدية القدس بكل شيء سوى العمل من أجل رفاه سكان الشيخ جراح. إنها حتى لا تهتم بهم. نائب رئيس البلدية أرييه كينغ وعضو المجلس يوني يوسف يقودان سياسة الإجلاء العائلي في الشيخ جراح. لن تجد مقيم واحد يقف مع إجلاء عائلة الصالحية لصالح مؤسسة تعليمية أو أي شيء آخر. لقد أصبحت الجهة المتحدثة لخدمة السياسة الكاهانية المقرفة بتخفٍ. عار عليك".

وسط هذه الأجواء التي تخيم عليها العنصرية والكراهية التي تسيطر على المؤسسة اليهودية الرسمية الاسرائيلية في القدس بشكل خاص نجد أن هناك فئة صغيرة  من سكان القدس اليهود ، تعلن انها خارج السياق العنصري الديني وتعلن  بدون اي خوف من بطش المؤسسة الرسمية ولا من عدوانية اليهود المتدينين القوميين العنصريين في القدس ، ترفض السياسة الرسمية وتزور الشيخ جراح رافعة العلم الفلسطيني ويقول ان ما يجري هو مخالف للتوراة، انها جماعة ناطوري كارتا الذي لا يوليها حتى الاعلام الفلسطيني أهمية كبيرة رغم أن هذه الجماعة لها وزنها وأهمية كبير.

 لهذا فإن ما يجري وسيجري في حي الشيخ جراح يؤثر  وسيؤثر على كل مقدسي في المدينة، بل على شكل المدينة التي لا سمح الله ان تحول حي الشيخ جراح الى حي صديق شمعون فان القدس سوف تصبح أورشليم اليهودية فقط بدون اي بعد اسلامي ولا حتى مسيحي. انها وكما قال أحد ساكني الحي  اها صرخة مريض فإما أن يعيش ويذهب عنه السقم او أن يموت، لا حل وسط ، مضيفا ان اكثر ما يخيفه هو كثرة اللاعبين في حي الشيخ جراح، وكل لاعب له اجندة مما قد يساهم بموت المريض وليس شفائه .

 ونقول ما قاله هذا الختيار من الحي وحدوا جهودكم من اجل القدس وليس من اجل اهل الشيخ جراح، ولم ينسى هذا الختيار من لعن العرب لعجزهم أو رفضهم عن الوقوف الى جانب القدس اولا اولى القبلتين، غير متناسي لعن العالم الإسلامي المنافق النائم ، اما اوروبا وامريكا فإنه لم يدخر لعنة في العالم إلا أطلقها عليهم فهم السبب في ما يسمى القضية الفلسطينية مشيرا باصبعه الى مبنى القنصلية البريطانية التي لا تبعد عن منزله سوى امتار ..

 وأنهى حديثه بعبارة حسبنا الله ونعم الوكيل…

 وللحديث بقية 

                     خليل العسلي