• 27 نيسان 2022
  • نبض إيلياء

 

 بقلم : خليل العسلي 

 

 في قاعة الانتظار في قصر الحسينية الملكي العامر في مدينة عمان ، تجمع عدد من الشخصيات التي تمثل الفسيفساء المقدسي الفريد من نوعه ، فسيفساء يمثل كل اطياف المدينة ، هذا المشهد لا يمكن ان يكون الا في القصر الهاشمي، حيث يتفق الجميع على أن يكون هذا القصر هو الجامع للجميع رغم الخلافات التي تقف حائلا في بعض الأحيان لعدم الالتقاء في الأيام العادية .

 في تلك القاعة الفسيحة تنظر يمينا فترى هذا الضيف يتحدث مع ذاك المسؤول، بينما انهمك المطران بتبادل أطراف الحديث مع هذا القاضي ، هناك في الزاوية مجموعة من رجال الدين يقفون في زاوية منزوين يتباحثون لإنهاء خلاف بينهم، وذلك المسؤول في القصر يتبادل أطراف الحديث مع الضيوف الذين يستعدون للسلام على جلالة الملك عبد الله الثاني ، وهناك جلس عدد من الأشخاص قادمين في القدس وعلامات التوتر بادية عليهم ، فهذا اللقاء هو الاول في حياتهم ( وقد لن يتكرر)  مع جلالة الملك وهو شرف يحلم به الكثير من سكان القدس . هذه المجموعة تعتبر وجودها في القصر بمثابة تقدير وتكريم لكل موظفي وموظفات الأوقاف الذين هم بالفعل خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى .

 وكما قال احدهم ان هذه الاحاديث الجانبية في هذه الصالة الملكية لن تتكرر في الحياة اليومية بسبب الاشغال والمواقف والاختلاف والخلاف ، ولكن القصر الهاشمي هو المكان الذي يجمع كل الأطياف المقدسية.

 وما هي الا دقائق حتى تقدم الجميع للسلام على جلالة الملك والذي خص أهل القدس بأول لقاء علني له بعد العملية الجراحية التي خضع لها في ألمانيا، وهذه اشارة واضحة  الى عمق الارتباط الهاشمي بالمسجد الأقصى والقدس واهلها . في هذا الصف همس أحدهم لصديقه:  أنا أشعر بالانبهار لأني سارى جلالة الملك واسلم عليه ، هذه الصورة ستبقى أهم صورة لي في حياتي . 

 وجلس الضيوف المقدسيين حول المائدة الهاشمية  وهم يشعرون أن هذه الجلسة جاءت في الوقت المناسب ، في الوقت الذي يحتاج فيه المقدسي الى من يدعمه الى من يقف معه ، وهي أيضا من أجل  التشديد على اهمية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في الأراضي المقدسة .

 جاءت هذه الجلسة في الوقت الذي يحتاج فيه المقدسي الى اسماع جلالة الملك عبد الله الثاني الدعم الكامل له من كل مقدسي من الطفل حتى الشيخ لجلالته ، وتأكيد على أن المقدسيين معه قلبا وقالبا في معركته التي يخوضها ( شبه وحيدا) في الساحة العالمية لحماية الحرم الشريف / المسجد الأقصى ،

 هذا اللقاء مهم من  أجل سماع جلالة الملك والذي كان واضحا حادا مباشرا بكل ما يخص الأقصى .

وبعد أن سمع المقدسيون ما يريدون أن يسمعوه  وبعد أن اسمعوا صوتهم لجلالة الملك سادت حالة من الراحة النفسية و لمعت عيون الحضور ببريق التحدي والاصرار ، وكما قال أحدهم في حديث جانبي على مدخل القصر:  دخلنا القصر ونحن نشعر بالإحباط وخرجنا منه بشحنة من الأمل والعزيمة على الاستمرار والصمود  في القدس مهما كلف الأمر . 

 في طريق العودة للقدس وبعد أن حمل أعضاء الوفد كميات لا باس بها من حلويات عمان المشهورة ، تلك المدينة التي يعشقها المقدسيون وتعتبرها الرئة الشرقية للقدس ، هدايا للاهل والاصدقاء ، تم إجراء حوارات جانبية مكثفة قبل أن يفترق القوم كل في طريقه إلى حيه وزقاقه في المدينة المقدسة،  لتقييم هذه الزيارة القصيرة التاريخية للبعض والهامة جدا للبعض الآخر، هذا التقييم خلص إلى أن هناك إجماع شامل وكامل  بانهم تغيروا بعد هذا الإفطار الملكي ، وبعد لقاء حامي الحرم الشريف والمدافع الأول عن القدس وأهلها الملك عبد الله الثاني ، البعض عاد للقدس وهو مرفوع الرأس بعد لقاء الملك بانتظار الصور ، وبعضهم عاد ليستمر بعمله اليومي المدافع عن القدس وحارس الاقصى بهمة أعلى لان هناك عين ساهرة على القدس والاقصى والقيامة . والبعض الآخر يمنى نفسه أن يكون ضمن الوفد في شهر رمضان القادم .

 وقبل أن يعبر الوفد المقدسي  الخط الفاصل بين الجسر الاردني  الى الجانب الاسرائيلي ، التفتوا الى جبال عمان وقالوا بصمت على امل ان يصل هذا القصر الهاشمي  :

 كل عام وانت بالف خير يا جلالة الملك عبد الله الثاني ، والف تحية وتحية لك من  كل مقدسي ومقدسية ، وكل الشكر لك على تقدمه للمدينة وأهلها.