• 26 تشرين الثاني 2022
  • نبض إيلياء

 

 

 

 بقلم : خليل العسلي 

 

 

" اعانك الله يا اقصى ، ويا اهل الاقصى والقدس ، لأن القادم أسوأ من أي وقت مضى مع هذه الحكومة الاسرائيلية الآخذة  بالتشكيل  " هذا ما قاله  محمود احمد ٧٩ عاما من سكان البلدة القديمة بعد أن قرأ عناوين الصحف في عند بائع الصحف  في شارع صلاح الدين ،  وبهذه العبارة اجمل هذا المقدسي الذي عاش كل مراحل الاحتلال من يومه الأول وحتى يومنا هذا، ما يشعر به المقدسي العادي  بعد  انقشاع  غيوم الانتخابات الإسرائيلية الاخيرة الملبدة بغيوم سوداء ، تلك الانتخابات  التي أكدت للقاصي والداني ان اسرائيل تسير نحو تطرف غير مسبوق ، وأن القدس تستعد لمرحلة صعبة قد تكون هي الأصعب في تاريخها منذ احتلالها عام 1967 .

 ووفق التصريحات الصادرة هنا وهناك فان الاقصى سيكون في عين العاصفة منذ اليوم لهذه الحكومة ، خاصة بعض "النجاحات" التي حققتها الجماعات اليهودية المتطرفة في فرض رؤيتها وعقيدتها حول الأقصى لدى المواطن الإسرائيلي والرأي العام .

فخلال الخمس سنوات الأخيرة تمكنت الجماعات اليهودية المتطرفة من تصعيد الأوضاع في الاقصى عن قصد ووفق مخطط مدروس، وبمساعدة الشرطة الاسرائيلية في ذلك، من خلال إضعاف دور الأوقاف الإسلامية داخل الحرم الشريف/ المسجد الأقصى .

 هذه الجماعات اليهودية نجحت في الحصول على دعم كبير من قبل أعضاء حزب الليكود اليميني ومن أحزاب المركز الوسط في اسرائيل، والذين باتوا جميعا يتحدثون بلسانها في الكنيست وفي كل مكان ،  كما أن هذه الجماعات تمكنت من تغيير الرأي العام الإسرائيلي لصالحها مستغلة مبدأ الحقوق المدئية بما في ذلك حق حرية العبادة ولهذا فلقد حارب الرأي العام الاسرائيلي باسمها  تحت مبدأ حرية العبادة وحق اليهود بالصلاة في الأقصى  باعتباره اقدس المقدسات لديهم،  وهذا يفسر أن أكثر من  70٪ من الإسرائيليين اليهود يدعمون حق اليهود في الصلاة في الأقصى وحق تلك الجماعات بالقيام بما تريد هناك  .

 في السنوات الخمس الماضية وفرت  الشرطة الإسرائيلية الأجواء المناسبة لهذه الجماعات لخلق واقع على الأرض المقدسة ، من خلال أبعاد حراس الأوقاف من مرافقة أفراد الجماعات اليهودية  المقتحمة ومنع حراس الاوقاف او اي موظف كان من الاقتراب من تلك الجماعات ، كما أن الشرطة سمحت لليهود المتدينين من الصلاة في الأقصى في مكانين في الجهة الشرقية من المسجد، بالقرب من المسجد المرواني وأمام  مسجد باب الرحمة ، حيث يصلون صلاة صامتة باستخدام الموبايل  وهذا ما سمحت به الشرطة الاسرائيلية باعتبار انها ليست انتهاكا لحرمة المكان كالصلاة علانية او الانبطاح على الارض. 

على ضوء هذه " النجاحات "  لتلك الجماعات المتطرفة التي يقف من خلفها قادة الشرطة والسياسيين الإسرائيليين والرأي العام ، السؤال المطروح هل يمكن اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل عام ٢٠٠٠ ؟  أي السيادة الكاملة للأوقاف وملف السياحة بيد دائرة الأوقاف الإسلامية والسماح  لحراس الأوقاف من مرافقة الجماعات اليهودية والتقليل من عدد الجماعات اليهودية المتطرفة التي تقوم بهذه الأعمال، وحظر دخول رموز التطرف اليهودي الى المسجد .

 فقادة الشرطة الإسرائيلية لسماحهم لتلك الجماعات بالقيام بما تقوم به على أمل ارضاء رؤسائهم والسياسيين من أجل الحصول على ترقية في سلك الشرطة او في الحياة العامة ، كما ان بعض هؤلاء هم متدينون يؤمنون بما تقوم به  تلك الجماعات المتطرفة  ويعتمدون على فتاوى دينية للمؤسسة الصهيونية المتدينة وليس المؤسسة الدينية اليهودية التي لا تزال تحرم دخول الأقصى .

 عدد من الخبراء الإسرائيليين الذين يحاولون كسب الوقت يقولون انه في اللحظة التي تم فيها إخراج الجن من القمقم فإنه لا يمكن اعادته اليه !!!

مضيفين ان ما يمكن عمله الآن وهو وقف هؤلاء عند هذا الحد من تجاوز الخطوط الحمراء والمس بقدسية المكان والا تسمح الشرطة الاسرائيلية والسياسيين لهؤلاء الاستمرار في برنامجهم المتطرف الذي ينص على أنه في المرحلة الثانية يجب العمل على بناء كنيس في الأقصى ، كخطوة قبل بناء الهيكل المزعوم محل المسجد الأقصى 

  وكما قال السفير الاردني زياد خازر المجالي الذي كان أول سفير أردني في السلطة الفلسطينية في مقالة له نشرت في شبكة " أخبار البلد" المقدسية فإن الخوف الأكبر من هذا التطرف الاسرائيلي هو أن يتم تحويل الصراع الى صراع ديني " سلبية المشهد الإسرائيلي الذي يعكس في مضمونه نمو دور اليمين المتطرف في إسرائيل، الذي وللأسف كان أهم ما أحرزه خلال أكثر من عقدين هو القضاء التدريجي على ثقافة السلام لدى الإنسان الإسرائيلي قبل الإنسان الفلسطيني (( شريكا عملية السلام منذ 30 عاما ))، والتحضير لنوع جديدٍ وخطيرٍ من التطرف الذي يحول الصراع من خلافٍ سياسيٍ حول الحقوق المعترف بها من قبل الشرعية الدولية، إلى صراع - للأسف - دينيٍ ينبئ بقتل كل جهود المخلصين الذين يحاولون دعم عملية سلام حقيقية تستند إلى الشرعية الدولية وشرعية الاتفاقات التي وقع عليها الطرفان وصادق عليها الشريك الأمريكي والتي ما لم يتم احترامها فإن الفوضى ستعم ومعاناة الجميع ستكون مستمرة ولن يسلم من الشر والشرر أحد."

 وهذا بالضبط ما يسعى له اليمين المتطرف الاسرائيلي وكما قال العديد من الخبراء الاسرائيليين  فان البداية ستكون في الاقصى أكثر الأماكن حساسية واشتعالا في المنطقة والعالم .

 وللحديث بقية