• 2 كانون الثاني 2023
  • نبض إيلياء

 

 

 

 بقلم : خليل العسلي 

 

اخيرا غادرنا هذا العام الذي يبدو على الكثير من أهل القدس  والكثير من  الأصدقاء بأنه كان ثقيل الظل كثير الهموم متعب للروح، مهلك للجيوب، بينما يراه البعض بأنه خفيف الحركة كثير الابتسامة مبعدا للفقر،  من منا يحب ان يكون الاوسط في التفكير وفي التفاؤل في الحياة فإن هذا العام كان قليلا من هذا ومن ذلك .  هناك من فقد الأحبة وهناك من كسب احبة جدد ، هناك من جاءوا للحياة ليرسموا الابتسامة على الوجوه المتعبة المتهالكة من قسوة الحياة ، هناك من غادرنا الى غير رجعة وهناك من جاءنا بدون عجلة  ، هناك من فقد مصدر دخله واصبح بلا دخل وهناك من أصيب  بالتخمة من كثر مصادر الدخل .

ما علينا 

 المهم ان القدس الغالية التي أنهكها الغريب حفرا وتغييرا وتدميرا وتزويرا فإن هذا العام الذي غادرنا قبل قليل  كان عاما صعبا محزنا مزعجا مرعبا ، ففي هذا العام تأكدت القدس انها وحيدة وأن من كانوا حماتها في زمن صلاح الدين ومن قبله  الخليفة عمر بن الخطاب هم انفسهم من باعوها بسوق النخاسة وشربوا نخبها بدون خجل او وجل او ذرة كرامة ، بعد أن أصبحوا عبدة دين اسيادهم .

 هذا العام تأكدت القدس أن أبناء المدينة هم فداها، بغض النظر عن تصرفاتهم اليومية فعندما تناديهم او يشعروا بأن مسجدهم الاقصى  بخطر يهبون للدفاع عنه بدون تفكير بالنتائج للحظة ، وهذا ما كان واضحا في كل المواجهات التي وقعت خلال العام، لان المقدسي وسكان القدس عامة ترسخت عندهم قناعة لن تتزعزع بان حياتهم هي الاقصى ، وانهم بدون الاقصى لا هوية لهم ولا معنى لبقائهم ، ولا يستحقون العيش في القدس ، هذا القناعة تعمقت بسبب ما  اعتقد الآخر أنه يملك القوة من أجل تغيير الواقع بكل قوته وجبروته ، ولكنه فشل  في ذلك وساهم في نفس الوقت  بشكل كبير بهذا الالتفاف حول الأقصى من قبل سكان المدينة الذين لا يملكون أي من  مقومات الدفاع سوى ايمانهم العميق بأنهم اذا فقدوا الاقصى فقدوا كل شيء.

 القدس هذا العام لم تعد بأفضل حال مما كانت عليه في الأعوام الماضية فالمجتمع لا زال مفككا اجتماعيا و الجاهلية القبلية والعصبية العشائرية لا تزال تسيطر فالضعيف الذي لا عائلة كبيرة ولا عشيرة خلفه يعاني الامرين بل ان  الوضع يزداد سوء وهل هناك أسوأ من أن يقتحم عدد من زعران المدينة منزل عائلتك التاريخي بعد تزوير الأوراق ويقولون لك ارحل وعليك التوجه للقضاء العشائري الجائر المنحاز للقوى على حساب الاقل عشيرة وعائلة مما يعنى انك فقدت منزلك وتاريخك ، او التوجه الى القضاء الإسرائيلي الذي لا يعتبرك من اولوياته .

القدس هذا العام هي أكثر فقرا واكثر انقساما وأكثر تشتتا بغياب كامل لمرجعية واضحة فالكل يغني على ليلاه ، وكل من يطلقون على أنفسهم الجهات الوطنية لا يستطيعون الا ان يصدروا بيانا هنا واستنكارا هناك او أن يشاركوا في حفل غداء او عشاء او زيارة مريض مقرب، ولكن على أرض الواقع لم تستطع كل القيادات من احداث التغيير الايجابي المطلوب من توحيد الصفوف ، القضاء على الأمراض الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع المقدسي، ان تقوم بدور التوعية للمواطن المقدسي حتى يعلم ما يجرى من حوله.

 ورغم كل ما تقدم فإن الأمل بالتغيير قائم في العام القادم، فنحن لا تهبط العزائم عندنا بقدر ما نقرأ الواقع من أجل التغيير الإيجابي ، وكما يقول لي دائما الحكيم الذي ساهم باحداث التغيير الايجابي في طريقة  تفكير الكثيرين العام الماضي وقبله وطيلة حياته  الاستاذ "ارشد هورموزلو" بانه يجب ان ننظر دائما الى نصف الكاس المليان وأن نعظم الإيجابيات من أجل  تعديل السلبيات ،  وبهذه الحكمة نستقبل العام الجديد بمحاولة النظر الى الإيجابيات وتسليط الضوء عليها  من أجل القدس والأقصى والمقدسيين 

 وكل عام وانت بألف خير

 وللحديث بقية