• 27 تموز 2022
  • من اسطنبول

 

 اسطنبول - أخبار البلد -  كتب أحمد هيمت : اختفى عن الساحة الأدبية والثقافية التركية اخر الرجال السبعة الطيبون بوفاة الشاعر والكاتب راسم اوزدان اوران في انقرة بداية الأسبوع الحالي عن عمر يناهز الثانية والثمانين عاما ، في احدى مستشفيات العاصمة التركية وبهذا فقد أسدل الستار على تلك مجموعة الأدباء والشعراء والكتاب المميزة والذين كانوا صوت آخر في الساحة الثقافية التركية ، فلقد ودّعت الأوساط الثقافية التركية الكاتب المعروف راسم أوزدان أوران الذي شُيّع جثمانه في انقرة بحضور شخصيات سياسية وثقافية تركية بارزة. وجاءت وفاته بعد أشهر من فقدان تركيا مفكرها وشاعرها العظيم سيزاي كاراكوتش والذي توفي في شهر نوفمبر تشرين ثاني الماضي  الماضي.

وأصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برقية تعزية بوفاة "أوزدان أوران" قال فيها: "علمت ببالغ الأسى بوفاة راسم أوزدان أوران، أحد أعظم أساتذة أدبنا، الحائز على الجائزة الرئاسية الكبرى للثقافة والفنون". ووصف أردوغان الراحل بـ"الرجل الذي يغرس الورود"، 

ولد الشاعر والكاتب راسم اوزدان اوران في مدينة كهرمان مرعش والتي كانت هي المدينة التي جمعت الطيبون السبعة ، وهو الأخ التوأم للشاعر علاء الدين أوزدان أوران. درس الصحافة ثم الحقوق في "جامعة اسطنبول " وتخرّج منها عام 1967.

 ونشر الكاتب والمترجم "أحمد زكريا" مقالة في صحيفة "العربي الجديد" جاء فيها: ان الكاتب راسم  اوزدان اوران بدأ بكتابة القصص منذ المرحلة الثانوية، وتناول فيها أثر التغيّرات الثقافية على المجتمع التركي في مرحلة الجمهورية. وقد أثّر تعرُّفه على الشاعر التركي المعروف، في بداية الستينيات، سيزاي كراكوتش على مسار حياته الفكرية والأدبية. 

بدأ أوزدان أوران بنشر قصصه منذ منتصف الستّينيات في العديد من المجلّات الأدبية التركية، ووصفه كثير من الأدباء الأتراك آنذاك بأنه صاحب لغة خاصة في القصّة التركية، وقد نجح في مجموعته القصصية الأُولى التي صدرت عام 1967 بعنوان "المرضى والأنوار" في رصد تحوّلات المجتمع التركي  وصراعات الهوية، بشكل جديد.

مع صدور مجموعته القصصية الثانية عام 1972 بعنوان "انحلال" التي تناول فيها أثر التغريب على انحلال قيم الأسرة التركية، احتلّ أوزدان أوران مكانة مهمّة في خريطة الأدب التركي، وقد تحوّلت المجموعة إلى فيلم تلفزيوني. من أعماله: المرضى والأنوار (1967)، الحل (1973)، الموت الصاخب (1974)، تحطم (1977)، الباب إلى البحر (1983)، حسناً (1999)، الصدأ (2000)، المغادرة المفاجئة (2000)، الغبار (2002).

 ومن المعروف أن الكاتب  راسم كان معروف  كما هو حال البقية الطيبة بدفاعه عن الهوية الإسلامية لتركيا ، وتوالت مجموعاته القصصية في هذا الاتجاه بعد ذلك، كما تحوّلت مجموعته "موت الصاخب"، الصادرة عام 1974، إلى فيلم تلفزيوني أيضاً، وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام التلفزيونية ببراغ عام 1978.

وفي بداية حياته، ترجم بعض الأعمال عن الإنكليزية، مثل رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل عام 1964، وكتاب "نظام الحياة في الإسلام" لأبي الأعلى المودودي عام 1967.

تنوّعت أعمال الراحل بين القصّة والكتب الفكرية، حيث صدر له أكثر من ثلاثين كتاباً، كما صدرت له رواية واحدة بعنوان "الرجل الذي يربّي الورد" عام 1979، وهي العمل الوحيد الذي تُرجم إلى العربية (صدرت عن دار ورد الأردنية هذا العام، بترجمة محمد صديق يلدريم)، وتتناول حياة شخص شارك في حرب الاستقلال وفقد الكثير من أصدقائه ثم وجد أن المجتمع فقد القيم التي حارب من أجلها، فأغلق بيته على نفسه لمدّة خمسين عاماً، وانشغل بتربية الورد. وينتقد أوزدان أوران في هذه الرواية مرحلة الحزب الواحد في تركيا.

وإلى جانب كتاباته الأدبية، عمل راسم أوزدان أوران في الصحافة، حيث ساهم في تأسيس مجلّتي "الأدب" عام 1969، وأسس مجلة "مافيرا" مع جاهد ظريف أوغلو، ومحمد عاكف إنان، وإردم بايزيد، وعلاء الدين أوزدان أوران في نهاية عام 1976، كما رأس تحرير مجلّة "الهجاء" الأدبية منذ عام 2014، واستمرّ في كتابة عمود صحافي لأكثر من أربعين عاماً في صحيفتي "يني ديفير" و"يني شفق"، حول أمور الفكر والسياسة.

كما ألّف الراحل العديد من الكتب في الفكر الإسلامي، أبرزها: "مقالات في الفكر الإسلامي" (1985)، و"الإيمان مرّة أخرى" (1987)، و"أن تعيش كمسلم" (1988)، وقد حصل على العديد من الجوائز الأدبية والفكرية، مثل جائزة "مؤسسة الثقافة الوطنية"، فرع الفكر، عن كتابه "عَالَمان" عام 1978، وجائزة "حكواتي العام" من "اتحاد الكتاب التركي" عام 1984، عن كتاب "باب مفتوح على البحر"، و"جائزة الشاعر نجيب فاضل" عام 2018، و"جائزة الرئاسة الكبرى" عام 2015.

بقى القول ان راسم أوزان أوران كان ضمن ما يُعرف في الأوساط الثقافية التركية بجماعة "السبعة الطيبون" الأدبية، والذين تحولت حكاية في كهرمان مرعش  إلى مسلسل تلفزيوني يعرف بنفس الاسم  وهم: الشعراء جاهد ظريف أوغلو (1940 - 1987)، وعلاء الدين أوزان أوران (1940 - 2003)، ونوري باكديل (1934 - 2019)، ومحمد عاكف إينان (1940 - 2000)، وأردم بيازيد (1939 - 2008)، وسيزاي كراكوتش (1933 - 2021).