• 19 حزيران 2021
  • حكايات مقدسية

بقلم : الباحث الشيخ  مازن اهرام

 

البناء الحالي لباب العامود يعود للعهد العثماني، وتحديدا لعهد السلطان سليمان القانوني الذي أمر في القرن السادس عشر الميلادي بإعادة بناء سور القدس، وترميم الأجزاء المهدمة منه

لم يعد باب العامود مجرد رمزا تاريخيا لمدينة القدس، أو مجرد معلم معماري يميز بلدتها القديمة فحسب، بل أضحى أيقونة ثورة المقدسيين على الاحتلال الإسرائيلي، ومركزاً لتجمعهم في أوقات احتجاجهم وانتفاضتهم ضد ممارساته. خلال السنوات القليلة الماضية، حولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منطقة باب العامود إلى ثكنة عسكرية، وبنت فيها ثلاثة أبراج تتمركز فيها قواتها، في محاولة لتشويه هوية المكان وإضافة صبغة احتلالية ساعية لفرض السيادة الإسرائيلية بالقوة. لكن المقدسيين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، رفضوا هذا العام أن يفرض الاحتلال نفسه على حيزهم ووجودهم، وأعلنوا باب العامود رمزاً للثورة، فقاوموا وهم عُزّل، بالحناجر والحجارة والزجاجات الفارغة.

"باب العامود"، أصبح حيزاً حيوياً للمقدسيين؛ يجتمعون في ساحته، ويقيمون على أعتابه أنشطتهم السياسية والاجتماعية، بما يشبه الدور الذي تؤديه مراكز المدن، أو ما يسمى بالدارجة "وسط البلد". وقد سطع اسم "باب العامود" خلال شهر كانون أول/ ديسمبر من عام 2017، في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسمياً اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

‫يقع الباب في الجزء الشمالي للبلدة القديمة ويعتبر البوابة الرئيسية لدخولها ومن أفخمها وأكثرها زخرفة وارتفاعاً إذ يبلغ ارتفاعه 8 أمتار، ويعود شكله الحالي للحقبة العثمانية. قيل قديماً "إن الغزاة يدخلون الى القدس من باب الخليل، أما المحررون فيدخلون اليها من باب العامود"

باب العامود أو باب دمشق ويقال له أيضا باب نابلس وهو من أهم وأجمل  أبواب مدينة القدس المحتلة في فلسطين. ويكتسب الأهمية كونه المدخل الرئيسي للـمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، ومنه نلج إلى سوق تجاري يسمى سوق باب خان الزيت ومنه نتفرع إلى أسواق عدة منها سوق العطارين وسوق اللحامين وسوق القطانين وسوق الصاغة وسوق الحصر ويمكن عبره الوصول إلى الحي المسيحي والمسمى حارة النصارى من الجهة اليمنى والحي الإسلامي إلى اليسار والأمام. ومن بين الأسواق المذكورة يعتبر سوق باب خان الزيت الشارع الرئيسي الذي يقطع البلدة القديمة ومن وسطها تقريبا من الشمال ويتجه نحو الجنوب، وبه نشاط تجاري مزدهر كبير ويفتح على المناطق الشمالية من المدينة.

باللغة العربية يسمى: "باب العامود"، نسبة إلى عمود من الرخام الأسود ارتفاعه أربعة عشر مترا، وضع في الساحة الداخلية للباب في الفترة الرومانية والبيزنطية، ويظهر العامود في خريطة الفسيفساء التي عثر عليها في الكنيسة البيزنطية في مادبا، عن طريق هذا العمود كان يتم قياس بعد المسافات عن القدس، بواسطة حجارة ميل التي وضعت على طول الطرق وقد بقي هذا العامود حتى الفتح الإسلامي.

"باب دمشق" نسبة إلى وجهة المسافرين من خلاله باتجاه دمشق، كما سُمي "باب نابلس" لأنه يتجه نحو نابلس. وكان الباب قبل الحصار على القدس أوائل التسعينيات المكان الذي تنطلق منه وتصل إليه الحافلات من جميع أنحاء الضفة والقطاع..

عندما تقترب من باب العامود يلفت نظرك باب صغير بالقرب من باب العامود اسفله من الجهة الشرقية حيث تشير الحفريات الأثرية ان هذا الباب هو الباب الأصلي من الزمن الروماني ، حيث حاولت تلك الحفريات ايجاد  آثار العمود الروماني الذي سميت البوابة على اسمه سابقاً، والذي رفعه الامبراطور الروماني ادريانوس ووضع فوقه نصباً له وكان العمود من الغرانيت الأسود بطول 14 متراً يتوسط مدخل المدينة، واعتبر من معالمها لدرجة أنه موجود على خريطة الفسيفساء التي اكتشفت في الكنيسة البيزنطية في قرية مادبا الأردنية

يقع ذلك الباب الروماني على عمق نحو خمسة أمتار، ويُدخل إليه عبر باب قوس نصر رومانيّ، ,كان يفضي إلى شارع "الكاردو" الروماني الذي يصل بين شمال المدينة وجنوبها وفي القرن السابع حتى العاشر الميلادي سُد قسم من مداخل الباب وتحول البرجان إلى معصرتي زيت، كما تحولت غرف السلالم إلى صهاريج ماء، وفي الفترة الصليبية سُد الباب بأكمله وشيّد باب جديد على مستوى أعلى وشيّدت منازل على الساحة الداخلية واستعمل قسم منها فقط شارعا، ورممت هذه المنازل في العهد المملوكي

وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني شيّد الباب الحالي حيث كان الجزء الأعلى من المدخل المركزي، واستعمل البرجان الرومانيان أساسات للبرجين الجديدين وشيدت جدران سميكة داخل الغرف الصليبية المملوكية وأصبحت أساسا للباب العثماني الذي صمّد بحلته حتى اليوم

وفي القرن العشرين أجريت حفريات في منطقة الباب، حيث أقيم جسر فوق البقايا القديمة وقامت بلدية الاحتلال بإنشاء مدخل جديد في واجهة الباب على شكل مدرج، ويحوي المدخل مجموعة سلالم للدخول إلى البلدة القديمة والخروج منها. 

وفي العودة إلى الباب السفليّ الأيمن والمتحف الروماني داخله، إنه وأثناء سد مداخل الباب استعمل أهل القدس المساحة داخله كمخازن، ومعاصر حجرية للزيت يراها الزائر حتى اليوم، بالإضافة إلى قنوات فخارية مائية من الفترتين الرومانية والعثمانية لرفد المدينة بالماء

يضم المتحف قاعة متصلة بالباب الشرقي الآخر استعملت كغرفة حراسة للجنود الرومانيين، بالإضافة إلى درج يصعد إلى أعلى السور، حيث نقاط وأبراج المراقبة قديما، والتي تستخدم اليوم كمسار سياحي للتجوال حول السور، الذي تسيطر عليه بلدية الاحتلال أيضا وتفرض شراء التذاكر على مرتادي المتحف والسور.

يزخر المكان بآثار رومانية وبيزنطية ومملوكية، كلعبة رومانية محفورة في الأرض على شكل مربعات صغيرة وحجارة كتب عليها باللغة اللاتينية المستخدمة آنذاك، بالإضافة إلى بئر رومانية وبقايا "كوّة"  من العهد البيزنطي، ونسخة فسيفسائية من خريطة "مادبا" التي تعد أقدم خريطة للقدس

تتناثر في المتحف أيضا بقايا قواعد أعمدة الحوانيت القديمة، وتظهر جليّا القناطر المملوكية التي أقيمت لإسناد المحلات الحديثة فوق الطبقة الرومانية القدس

يُرجعك الحيّز هذا إلى آلاف السنين حيث كان باب العامود ممرا رئيسا لجميع القوافل التجارية والأفواج السياحية التي قصدت القدس، بسبب اتساع مساحته وقربه من الأسواق الحيوية والأماكن الدينية وطريقه الممهد اليسير، تنهي سفرك عبر الزمن هذا، وتخرج من قوس النصر لتصعد نحو المستوى الحالي من باب العامود، لتشهد على الماضي والحاضر في آن واحد

ومن مدخل بوابة دمشق،المراقب للساحة الخارجية  والمتأمل لها بعناية يكتشف أن الدرج  المؤدي لباب العامود تم تصميمه على شكل الشمعدان السباعي  لغاية في نفس يعقوب

 تُشاهد ساحة سياحية بامتياز، تتضمن مدرجات وممرات ترشد الى الآثار الرومانية المكتشفة. لكن لا يخفى على الأهالي فهم يعرفون الحجارة والبوابة الحديدية،

ومن أهم المعالم حارة باب العامود :

 الزاوية اللؤلؤية

المسجد أﺛﺮي ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ‪ 120ﻣﺘﺮا ﻣﺮﺑﻌﺎ ‫وﻟﻪ ﺣﺪﻳﻘﺔ على يسار الداخل  من باب العامود  من الجهة الشرقية وجاء في الأنس الجليل لمجيرالدين أنه  أوقفها  بدر الدين  لؤلؤ  غازي سنة(775هـ/1373م)   وكانت بها  وظيفة التصوف للفقراء  القاطين  بالقدس 

مصبنة  سويقة  باب العامود

وقد جاء في كتاب الدكتور( محمد غوشه)حارة السعدية  الذي أبدع في الكشف عن مكنونات القدس  قال:

كانت هذه المصبنة  تقع في الصف  الشرقي  لسويقة  باب العامود  وشكلت في أواخر  العهد العثماني  إلى دكاكين  مختلفة  وأصبحت أجزاؤها  تُشكل  قهوة  زعترة وقهوة صيام  وحلويات  الجنيني  وتمتد  هذه المصبنة  أسفل  طريق السويقة  لتتصل  بالصف الغربي  من السويقة  حيث  كان بوجد  مصبنة  تعود  جذورها إلى  أواخر  العصر  المملوكي  تُعرف  بالخواجة  زاهد وذكر الدكتور محمد أن  المصبنة  عُرفت  بأسماء  عَدة منها مصبنة سويقة  باب العامود  ومصبنة  ابن بزَور   والمصبنة  الباشوية  نسبةً لمحمد  باش  محافظ القدس  ومصبنة  عبد الصمد ومصبنة حسن الحسيني  لوقفه بضع قراربط  فيها  ومصبنة  مصطفى  أبوالسعود

مسجد مُصعب بن عُمير

وقد جاء في سجلات مؤسسة إحياء التراث الإسلامي:أن الأراضي  الممتدة  من مدخل  باب العامود  على جهة اليمين  تملكها  عائلة  الحسيني  وهي وقف  ذري  وعائلة  عزام    , وكان  سابقا  يشغل  هذه الأراضي  أل النصراوي  بائع دواجن  وطيور   ثم  ورشة  حدادة  تعود  إلى الشيخ  أبو الضبعات  ويليها  جنوبا  عائلة  طقش وعائلة قليبو  وبعض  من الحوانيت  الممتدة  على قارعة  الطريق  إلى خان الزيت