• 31 تشرين أول 2022
  • حكايات مقدسية

 

 

بقلم : الباحث الشيخ مازن اهرام 

  

  نخوض بحر الحياة لنصل إلى شاطئ الأمان، وقيل الغرقان يتعلق بقشة لشاطئ السلامة فطرة يمارسها الناس في حياتهم اليومية، عندما يحيون عليها، والعيش والتأقلم الأخلاقي والديني والاجتماعي والإنساني مع الآخرين، والظهور بشكل يناسب شخصياتنا ضمن الجماعة فالاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، 

الإنسان منذ أول الخليقة أُعتبر كيانـاً متكامـلاً، فهو روحُ وعقل، جسمُ ونفس. فمن خـلال هذه الطبيعة نظر الإسلام للإنسـان ولم تكن نظرته أحاديـة الجانب، ويظهر ذلك في أنـه اقر له برغباته المادية كلها وأباحها له دون أن يحرمها وإن كـان قد وضع لها إطارا تتحرك فيه وضوابط تنظمها وتحميها من الانهيار والفناء.

فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

المعتقدات الشعبية هي موروثات فكرية وسلوكية احتلت عقول الناس وملكت قلوبهم فأمست مسلمات لا يمكن أن يرقى إليها الشك، بصرف النظر عن صحتها وخطئها، وأمسى الخضوع لحكمها بديهياً   فقد أخذت سبيلها إلى قلوب الناس ونفوسهم، عامتهم وخاصتهم ورسخت في الوعي الشعبي، وأضحت جزءا هامًا من الوجدان الشعبي، ودخلت في عداد المأثور الشعبي، وأصبحت هاجساً يشغل بال الناس فيشعرهم بالتفاؤل والفرح أحيانا والخوف والتشاؤم احياناً أخرى

وتدور موضوعات المعتقدات الشعبية عموما حول الكائنات فوق الطبيعية والطب الشعبي والأحلام والجسم الإنساني والحيوان والنبات والأحجار والمعادن، وأخرى تدور حول الأماكن وأوائل الأشياء وأواخرها والاتجاهات والألوان والأعداد والنظرة إلى العالم وغيرها.

 غدت هذه المعتقدات جزءًا من ثقافة المجتمع يصعب القضاء عليها في وقت قصير لكن بعد انتشار التعليم وازدياد الوعي وانتشار وسائل الإعلام كالفضائيات والاتصالات، تلاشى الكثير منها.

قسم كبير من المجتمع المقدسي تسيطر عليه ثقافة الاعتقاد بالدجل والشعوذة، وتمتد هذه الثقافة لتختلط بالسياسة والفن والاقتصاد، وتشمل كل نواحي الحياة. ولا يقتصر مَن يعتقدون بهذه الأمور على البسطاء فقط، بل تشمل الفنانين ورجال الدين والسياسيين أيضاً.

ومن خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يظهر بين الحين والآخر وخاصة نساء منهن يمارسون مهنة البصارة والدجل ويستخفون من عقول الناس بنبوءات عارية عن الصحة استخفافا بالعقول أو مقابل أجراً مالياً ,أو من باب حُب الظهور والشهرة الخداعة ,أو تعبئة أعمدة الصحف او المجلات الصفراء عُرفت من الأساطير الخاصة بالدجل والشعوذة والتي أعطت مكانة كبيرة للعرافين والسحرة، ومن بين الحوادث السردية التي تُمارس وفاة بعض الرؤساء في العالم أو الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وحروب تعصف هنا وهناك وأحداث ما انزل الله لها من سلطان وهل من المعقول لهذا وصل بنا الحد ؟

إن الأعاصير والزلازل والفيضانات وغيرها من الكوارث، هي تغييرات طبيعية تتأثر بالمناخ وظروف طبيعية وجغرافية متعددة، وهي ربما تكون فعلاً رسائل إلهية للبشر لأجل زيادة الحرص والانتباه على حفظ نعمة الحياة على الأرض، وربما ليست كذلك، وإنما تحدث وفقاً لسنن وقوانين التغيير على هذه الأرض..  خلاصة ما أريد الوصول إليه، هو ألا تكون نظرتنا الى الأحداث والوقائع ضيقة محدودة، بل نريدها واسعة وشاملة، نفسرها بشكل منطقي سليم ومقبول، ولا نقوم بتفسيرها بحسب أمزجة وأهواء بشرية، ونقوم في سبيل ذلك بلوي أعناق الآيات والأحاديث قسراً لتتوافق مع ما نريد من تفسيرات لوقائع وأحداث تقع في حياتنا بشكل يومي سائلاً الله عـز وجل أن يحفظنا بحفظه ويرعانا برعايته..  

ظاهرة التنجيم ظاهرة شعبية قديمة لازمت كل التجمعات البشرية   وحبكت الأساطير المتنوعة حولها معها وضدها رفضها العلم أحيانا” والدين إجمالا” فالتنجيم من الموروثات التي ما زالت تثير التساؤلات والجدل   وكأنها مفاتيح من خلالها يستطيع الإنسان فك الألغاز والأسرار وحل المشكلات والهموم   

ولله در الإمام الشافعي 

نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا            وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا

وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ          وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا 

وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ       وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا

كذب المنجمون ولو صدقوا

كذب المنجمون ولو صدقوا. تنتشر هذه المقولة بين الناس ويظن البعض أنها حديث نبوي، وعلم الغيب اختص الله تعالى به، قال جل شأنه: 

«قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» [النمل:65]، فالغيب عنده سبحانه هو الذي يعلمه جل وعلا، وليس عند المنجمين والسحرة والكهنة ونحوهم علم الغيب.

الفتاحة، البصارة، الشباحة، التجازة، الشيخ، الولي، العارف، كلها أسماء لرجال ونساء يمارسون السحر والشعوذة في البلدان العربية.

العرافة هي ممارسة للتنبؤ بالمستقبل، وعادةً ما تمارس بشكل فردي باستخدام وسائل خفية أو خارقة للطبيعة، والغرض من وراء ذلك هو الكسب التجاري في الغالب، وكثيراً ما يتم الخلط بينها وبين الممارسة الدينية التي تعرف بالكهانة وهو الذي يدعي معرفة الشيء المسروق والضالة ونحوها وقالوا «كذب المنجمون ولو صدفوا» أي جاء تنبؤهم صدفة معهم وليس صدقوا،

الأدهى والأمرَ نرى ونشاهد على شاشات التلفاز كلمات وجمل متنوعة نسمعها ونشاهدها في الإعلام والمسلسلات المحلية كما تحتل مساحة زمنية في بعض برامج الإعلام دعايات وأرقام هواتف للتواصل ببصارة وبراجة وقارئة الفنجان وكاشفة الأسرار والخفايا عارفة بالمستقبل تفك السحر والمربوط وتحضر الحبيب وتعيد الزوج والغائب… 

باتت الشاشات العربية المرئية والمسموعة  تغرق بالإسفاف على كسب أكبر كم من المشاهدين والمستمعين  بحيث أصبح الجمهور ضحية سهلة لهذا التنافس المحموم, وما تقدمه القنوات من أعمال زائفة وفي طليعتها التبصير البعيدة عن احترام مبادئ التواصل الاجتماعي وبأن برامج التبصير, والشعوذة تقدمت على شاشات العديد من الفضائيات العربية والمهزلة الكبرى أنهم يدعون أن لأفكارهم أُسساً” علمية  فيطيب لمعظم المشاهدين سماع أولئك الذين قيل أنهم كذبوا ولو صدقوا  وبهذا الصدد بأن “ما تقوم به وسائل الإعلام بهذا الجانب يؤدي إلى تلوث الأفكار بحيث يمكن أن يضاف إلى لائحة التلوث البيئي”.

عالَمُ الغيب ما يكون غائباً عن المخلوقات، وهناك نوعان من الغيب، وهما: الغيب المُطلق، والغيب النسبي، وبيان كلّ نوعٍ فيما يأتي:

الغيب المُطلق: وهو الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله، ولم يطّلع عليه أحدٌ من خلقه، وقد دلّت آياتٌ كثيرةٌ على هذا النوع، كقوله -تعالى-:

 «قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ»، 

وهذا الغيب لا يعلمه إلّا الله؛ لقوله -تعالى-: 

«وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ».

وبيّن الله تعالى هذه المفاتيح، بقوله -تعالى-: 

«إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».

 الغيب النسبي: وهو الغيب الذي يكون معلوماً لبعض الخلق، ولا يكون معلوماً لآخرين، فيكون غيباً بالنسبة للشخص الجاهل به، وهذا النوع من الغيب يمكن معرفته من خلال الوحي في الشريعة الإسلامية. 

وذهب بعض العُلماء إلى تقسيم أنواع الغيب بصورةٍ أخرى؛ فالقسم الأول: لم يدركه كلّ البشر، وإنّما البعض منهم؛ كقصة نبي الله يوسف، فلم يشاهدها أو يدركها كلّ البشر بحواسهم، ولكنّ يوسف وإخوته قد عاشوها وأدركوها، والقسم الثاني: ما لم يدركه البشر، وإن كان من الممكن بالعقل إدراكها لو وُجدوا حين وقوعها؛ كالأخبار التي حدثت قبل وجود البشر على الأرض، والقسم الثالث: ما لا يُمكن للحواس إدراكه، ولا للعقل الحُكم عليه أو الإحاطة به؛ كصفات الله، وأحوال يوم القيامة.

أما قوله -تعالى-:

 «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا*إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ»

 فهو كقوله -سبحانه-: 

«وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ»،

 فهو غيبٌ أراد الله -تعالى- تبليغه ممّا يتعلّق بأمور الدنيا أو الآخرة، فأطْلع عليه الأنبياء لأداء الرسالة.

منذ القدم وللكهانة مكانتها التاريخية في نفوس البشر.. فلا يوجد شعب من الشعوب إلا وظهرت فيه ظاهرة الكهانة والتنجيم والتبصير، وقراءة الكف، وهذه الظاهرة ليست مرتبطة بالأمم المتخلفة، التي تتمتع شعوبها بقدر كبير من الأمية، والجهل الذي غلف عقول أبنائها، وختم عليها برصاص الجمود والتحجر.. كلا فحتى الشعوب المتحضرة، تسري في أوساطها أيضاً هذه الظاهرة إلى درجة قد لا تصدق.. فكثيرون من زعماء العالم قد يتأثرون أو يستأنسون بها في أقل الأحوال... فأخبار هؤلاء الزعماء وحكاياتهم تكشف عن ارتباط بعضهم بمنجمين وسحرة، ومشعوذين وقارئي الحظ، والمستقبل فتخيلوا أن زعماء دول عظيمة متقدمة، يفترض فيهم الثبات، واليقين، والصلابة والقوة، وهم الذين يقودون دولهم نحو مصائر مختلفة، مصائر، اقتصادية، ومعرفية، وسياسية وربما أحيانا حربية تخيلوا هؤلاء وهم يضعفون إلى درجة أن أحدهم يستعين بكاهن، أو مشعوذ أو ببصارة، لقراءة مستقبله، ومستقبل مشاريعه، وطموحاته السياسية

الخرافة هي الاعتقاد أو الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة. وترتبط الخرافات بفلكلور الشعوب، حيث أن الخرافة عادة ما تمثل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال. الخرافة: هي المعتقد الذي ليس له أساس علمي أو ديني.

خرافة: رجل من بني عذرة، غاب عن قبيلته زمناً ثم عاد فزعم أنَّ الجن استهوته وأنه رأى أعاجيب جعل يقصها عليهم، فأكثر، فقالوا في الحديث المكذوب (حديث خرافة) وقالوا فيه (أكذب من خرافة) حتى سمى الحريري الكذب خرافة، فقال في المقامة الرابعة: (فأعجبوا بخرافته وتعوذوا من آفته). كما ورد ذلك في العباب الزاخر وغيرها من المعاجم. لسان العرب

«والخُرافةُ الحديثُ الـمُسْتَمْلَحُ من الكذِبِ. وقالوا:

جاء رسول الله  صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم  يدعو الناس إلى استخدام عقولهم، والتخلص من هذه الخرافات.

لذلك تركز آيات القرآن الكريم على استثارة العقل، واستخدام الفكر، مثل قوله تعالى: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ﴿لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾، ﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾، ﴿لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

ويؤكد القرآن الكريم على مرجعية العلم في كل ما يتبناه الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾

قراءة الكف هي ممارسة تزعم التنبؤ بالمستقبل الموجودة في الثقافة الشعبية لدى بعض الشعوب. تفترض هذه الطريقة معرفة صفات ومستقبل شخص ما من خلال النظر مليا إلى الخطوط والتعرجات الموجودة على كف الإنسان وبحسب هذه الطريقة فإن يد الإنسان مقسمة لمناطق تشمل خطوط تدل على صفات معينة 

ولعل في بعض المدن الفلسطينية بعض النسوة امتهن وأقمن في بيوتهن قراءة فنجان القهوة لزبائهن مقابل أجر مائة دولار وبموعد مُسبقاً لكثرة الوافدين عليها!!! رزق الهبل عالمجانين ورزق المجانين على الله.

وأما لقراءة الفنجان فـ لشاعر دمشق والياسمين نزار قباني رأيه في (قارئة الفنجان) حيث يقول:

جَلَسَت والخوفُ بعينيها      تتأمَّلُ فنجاني المقلوب

قالت يا ولدي.. لا تَحزَن    فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب

يا ولدي..                الحب عليك هو المكتوب.... 

ونحن بدورنا نتمنى أن يكون الحب على الجميع هو المكتوب.

تعدّ قصيدة قارئة الفنجان إحدى القصائد التي نظمها الشاعر السوري المعروف نزار قباني، الذي وُلِد عام 1923م في دمشق

يُشار إلى أنّ قصيدة قارئة الفنجان للشاعر نزار قباني من القصائد التي تحمل بُعدًا رمزيًا، يطرح فيها قضية الأمم والشعوب العربية، تحديدًا قضية الشعب الفلسطيني، مُستخدمًا عدة رموز وإيحاءات دلالية.

نظم نزار قباني قصيدته قارئة الفنجان على بحر المتدارك، وهو بحر يُعطي إيقاعًا جميلًا قريبًا من النّفس يتغلغل إلى أعماق القلب