- 20 حزيران 2024
- حكايات مقدسية
القدس - أخبار البلد ـ قال الشاب احمد سعيد منتصر ٢٨ عاما من حي شعفاط شمال القدس بأنه سعيد لتمكنه هذا العام من شراء أضحية من راتبه لأول مرة في حياته حيث يأمل تقديم هذه الاضحية للفقراء والمحتاجين في القدس وفي الضفة الغربية قدر استطاعته ، وهذا أقل ما يمكن القيام به تجاه المدينة التي يعيش فيها وله فيها إرث عائلي قديم يعود لمئات السنين ويجب الحفاظ عليه .
ولكن المشكلة التي تواجهه أنه لا يمكنه شراء وذبح هذه الأضحية في القدس وبالتحديد في حدود بلدية القدس أي داخل جدار الفصل العنصري، لأن البلدية قد تعاقبه بمخالفة مالية كبيرة لا يقدر عليها، ولهذا قرر التوجه الى مدينة بيت لحم التي باتت الأقرب إلى القدس رغم أن رام الله الاقرب الى شمال القدس ولكن الحواجز جعلت الوصول إليها شبه مستحيل.
وبعد أن قام احمد بشراء الأضحية وفق المواصفات الدينية أي أن تكون بدون امراض وان تكون فوق الخمسين كيلو غرام ، وبعد الاتفاق مع الجزار بذبحها تقطيعها وان يقوم اللحام ذاته بأخذ عدد من الحصص لتوزيعها على المحتاجين والفقراء في منطقته فهو يعرف المحتاجين عن قرب ، بل إن هؤلاء المحتاجين تجمعوا بالقرب من حانوت هذا اللحام لأخذ حصة من اللحمة التي تعتبر من أغلى السلع الغذائية ولا يمكن للعائلات المستوردة الحصول عليها طيلة أيام العام فسعر كيلو الخروف يزيد العشرين دولارا في الضفة الغربية ويصل إلى أكثر من ثلاثين دولار في القدس وهذا ما قاله الجزار عمران من بيت لحم والذي اضاف انه يطلب من الكثيرين الذين يضحون عنده أن يتركوا بعضا من أكياس اللحمة لتوزيعها على فقراء المدينة فالاوضاع بالغة الصعوبة
" صدقني أن الحياة باتت صعبة للغاية على غالبية الشعب الفلسطيني حتى الموظفين يعانون ايضا فهناك العديد من العائلات في المنطقة التي اسكن فيها رب الأسرة موظف في القطاع العام ، واعرف انه تمر على هذه العائلات اياما بدون طعام وبدون حتى الخبز ،لهذا فان فترة عيد الاضحى تعتبر فترة ممتازة لتلك العائلات للحصول على اللحم المفقود عندهم طيلة العام "
أما الشاب أحمد منتصر فلقد كان سعيدا بعد أن حصل على ما تبقى من أضحيته بعد توزيعها ولكن هذه السعادة منقوصة لأن عليه التغلب على معضلة خطيرة ألا وهي كيف سينقل اللحم الى القدس لأن الحواجز المنتشرة حول بيت لحم باتجاه القدس قد تقوم بتفتيش السيارة خاصة وانه شاب ، وهذا ما عادة يكون عرضة للتفتيش في كل مكان، وان اكتشفوا انه يحمل لحما فإن عقابه سيكون شديد قد يصل الى السجن ومصادرة سيارته وغرامة أكثر من ١٥ ألف دولار، ( ٥٠ الف شيكل) بغض النظر عن كمية اللحم .
لهذا سارع الشاب المقدسي إلى لف اكياس اللحم باكياس اخرى ووضعها في حقائب تحمل اسم شبكة تسويق إسرائيلية معروفة ودس اللحم في عمق صندوق السيارة ووضع أمامها بعضا من الخضار وأكياس الحلوى لأطفاله ، على امل ان يمر هذا الامتحان الخطير الذي يعتمد على تقدير الله وحده ومدى رغبة الجندي أو الجندية بالتنكيل بالعرب.
وقبل أن يصل دوره في الحاجز شاهد عدد من السيارات العربية وقد أوقفها الجنود وفتحوا صندوق السيارة للتفتيش فوقع قلبه بين رجليه وارتفاع ضغط دمه وارتعب بشكل كبير وأخذ يقرأ بعضا من القرآن الكريم ، على أمل أن يساعده ذلك بتجاوز الحاجز بهدوء.
وما ان اقتربت سيارته من نقطة التفتيش حتى نظر الجندي اليه مباشرة وأمره بالاستمرار بالسير ، عندها قال الحمد لله وتنفس الصعداء لأنه هذه المرة كان من المحظوظين على عكس بعض أصحاب السيارات العربية التي اوقفها الجنود على جانب الحاجز بعد اكتشاف بعض من المواد الممنوعة والخطير الا وهي اللحمة هناك .
وهكذا انتهت مغامرة عيد الاضحى المبارك بالنسبة للشاب احمد سعيد منتصر الذي قال انه سيفكر أكثر من مرة في العام القادم قبل أن يقرر تقديم الاضحية في العيد .