• 1 تشرين الثاني 2020
  • إقتصاد وحياة

 

عمّان –  أخبار البلد -  قدّم د. بشير الزعبي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، و د. عبدالرزاق بني هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، محاضرة  في منتدى الفكر العربي بعنوان: "السبيل إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني "الدفعة الكبيرة". وأدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام للمنتدى د.محمد أبوحمور،وبمشاركة كل من : د. محمد الحلايقة، نائب رئيس الوزراء الأسبق، و د. خالد الوزني رئيس هيئة الاستثمار الأردنية، والسيدة ريم بدران، النائب سابقاً ورئيسة بنك تمويل المشاريع الصغيرة، و د. ماهر المحروق مدير عام جمعية البنوك في الأردن.

تناول د. عبدالرزاق بني هاني و د. بشير الزعبي في محاضرتهما تصوّرات المحللين الاقتصاديين للوضع الاقتصادي الراهن وما سيترتب عليه من آثار في المستقبل. وأشارا إلى أنّ التصور المتوقع حول الاقتصاد الوطني هو إما تصور متشائم أو آخر أقل تشاؤماً، وذلك بفعل تراجع الناتج المحلي الإجمالي الوطني متأثراً بالإغلاقات وتوابعها في ظل جائحة كورونا، إضافة إلى معاناة الاقتصاد الوطني قبل الجائحة حالة من الركود التضخمي، أي تضخم الأسعار وتباطؤ الإنتاج.

وبيّنت المحاضرة أنه من غير الممكن حل المشكلة الاقتصادية الوطنية الراهنة على الأمد القصير لا بالاعتماد على المساعدات والقروض، ولا على أمل أن يستفيد اقتصادنا الوطني من إعادة إعمار دول الاقليم، لأن لذلك ثمن سياسي. ما يعني بأنه علينا أن نفكر للأمدين المتوسط والطويل، اللذين قد يستغرقا فترة زمنية تمتد من ثلاثة إلى عشرة أعوام من الجهد والعمل الجاد المستمر في مجال البنية التحتية الاجتماعية، وأن نتذكر بأن الاستثمارات المتقطعة لن تعود على الاقتصاد الوطني إلا بالمزيد من الخسارة وضياع الفرص.

وأكّد المحاضران أن مشاريع البنية التحتية الاجتماعية هي الحد الفاصل بين التنمية وعدمها، و منها: الطرق السريعة في جميع الاتجاهات، واستصلاح الأراضي الزراعية شرق الخط المطري من أجل تحقيق الأمن الغذائي، والاستمطار الهوائي لتوفير المياه، والحصاد الشمسي لإنتاج الطاقة، وغيرها. وعلى الرغم من بطء العائد من هذه المشاريع، إلا أن آثارها مفيدة جداً على الأمد الطويل، ويجب أن تتوافر بنوعية عالية جداً، لتكون أرضية مناسبة للمشاريع الاستثمارية الأخرى.

وأوضح المحاضران أن الخطوة الأولى في مشروعنا الاقتصادي (الدفعة الكبيرة Big Push) هي ترويج الحكومة من خلال حملة إعلامية وطنية لما يسمى سندات التنمية بكفالة الحكومة، وهي أداة من أدوات الدخل الثابت، تصدر بقيم إسمية متفاوتة، أقلها دينار ولا سقف لحدها الأقصى. ثم تُباع السندات في السوق المحلي، ثم العربي، وأخيراً في السوق الدولي. وتكون المشاريع باعتبارها شركات مساهمة عامة، وتُطرح أسهمها للاكتتاب. أما الخطوة الثانية فهي تشريع التجنيد الإجباري المدني تحت إشراف الجيش. وتتمثل هذه الخطوة في توظيف العاطلين عن العمل من خلال التجنيد الإجباري المدني مقابل أجور الكفاف في مشاريع وطنية، مع مشاركتهم بجزء من الإدارة، والتنسيق، والتصميم، والعائد المتوقع في الأمد الطويل، ما يعني بأن العاملين هم شركاء في الإنتاج. وفي حال تنفيذ المشاريع المشار إليها كما ينبغي، يمكننا تحقيق جزء كبير من مفهموم التنمية المستدامة، لكن من غير ذلك ينبغي ألا نتأمل بأي شكل من أشكال التنمية.

وبيّن وزير المالية الأسبق والأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمور في كلمته التقديمية أنه في ضوء تداعيات جائحة كورونا على العالم وما يترتب عليها وعلى استمرارها من انكماش اقتصادي، ينبغي علينا العمل بسرعة وتهيئة الخطط البديلة في معالجة الأوضاع الاقتصادية أمام المتغيرات المتسارعة للتأثيرات ودرجات انتشار الوباء، في الوقت الذي يجب فيه أيضاً الاستفادة من التجارب الناجحة للآخرين في العالم من حولنا، وكذلك أخذ العبرة من أسباب الفشل الاقتصادي والتنموي في تجارب التعامل مع الظروف المتغيّرة لجائحة كورونا هنا وهناك.

وأضاف د. أبوحمّور: من الأهمية بمكان إعادة توفير الظروف الملائمة لنمو وازدهار القطاعات الإنتاجية والخدمية، والتكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية. إضافة إلى إزالة المعيقات عن تقدم الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وزيادة الشفافية والوضوح في تنفيذ المشاريع ضمن سلسلة تنموية تحقق العدالة وخدمة المواطنين وتحسين معيشتهم. وخفض معدل البطالة ما أمكن، حيث وصل معدلها إلى نسبة غير مسبوقة 23%، والاحتياط من ترحيلها أو تأجيلها. وذلك عبر مشاريع نخرج فيها من صندوق التفكير التقليدي إلى التفكير الإبداعي خارج هذا الصندوق.

ومن جهته أشار د. محمد الحلايقة، نائب رئيس الوزراء الأسبق، إلى أهمية تحقيق استدامة منتِجة عائدة على الاقتصاد، خلال برنامج ذاتي وطني لمدة 15 سنة، يشتمل على عدة مشاريع. واقترح د. الحلايقة بعضاً منها، مثل: إنشاء صندوق استثماري يساهم فيه المواطن بمبلغ بسيط، ومساهمة أصحاب الودائع في البنوك بنسبة 10% من ودائعهم، مقابل فائدة على هذا الاستثمار لتحقيق مبدأ الشراكة الاقتصادية، وبإمكان من لديه الرغبة من المغتربين المشاركة كذلك في هذا الصندوق.

وقال د. الحلايقة أنه يمكن توظيف مبدأ الشراكة الاقتصادية كذلك في مشاريع زراعية نستغل فيها أراضي الحَرّة، وهي أراضٍ بركانية خصبة جداً، وإنشاء سكة حديد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ليكون تنقّل الأفراد والبضائع أكثر سهولة وأماناً.

بيّن د. خالد الوزني، رئيس هيئة الاستثمار الأردنية، الحاجة الماسة إلى تحريك عجلة الاقتصاد من أجل مضاعفة الاستهلاك والإنتاج، وبالتالي تحقيق نمو اقتصادي حقيقي. ويمكن ضخ الأموال من خلال تشغيل أكبر قدر ممكن من الطاقة العاملة المعطلة في الموارد الطبيعية المتاحة، حتى توجد عمليات إنتاجية تؤدي إلى الإكتفاء الذاتي والنفاذ إلى بعض الأسواق التي يمكن الوصول إليها في ظل الظروف الراهنة. وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق عوائد خارجية داعمة للاستقرار النقدي وللعملة المحلية في الدولة.

وأشار د. الوزني إلى عاملين يجب التعامل معهما عند الاستثمار الداخلي والخارجي على حد سواء، ألا وهما كلفة الإنتاج ووقت الإنتاج. حيث أن نجاح الاستثمارات، التي تعتمد عليه الحركة الاقتصادية، يتطلب كلفة إنتاج مناسبة ووقتاً ليس بطويل عند الحصول على الموافقات وتراخيص العمل.

قالت السيدة ريم بدران، النائب سابقاً ورئيسة بنك تمويل المشاريع الصغيرة: إن بعض المشاريع متوسطة وطويلة المدى تعثرت بسبب سوء الإدارة، ولذلك علينا الرجوع إلى خطة الخمس سنوات التي لطالما ارتكز الأردن عليها، ومراجعتها باستمرار، إضافة إلى مراجعة ميزانية عام 2020 بسبب التغيرات الكبيرة التي طرأت وجعلت منها غير واقعية البتة.

وتطرقت السيدة بدران إلى أهمية التشارك مع القطاع الخاص في المشاريع الاقتصادية من أجل تحقيق التنمية، خاصة في القطاع الزراعي وكل ما يتعلق بالموارد الطبيعة والمواد الخام الوطنية. ولو توفرت المزيد من السيولة لدى القطاع الخاص لكان الأقدر في تفعيل الحركة الاقتصادية، عوضاً عن تجميد الحكومة للمبالغ التي توفرها الجبايات والضرائب والجمارك، أو عدم تخفيضها.  

وتحدث د. ماهر المحروق، مدير عام جمعية البنوك في الأردن، عن عدم امتلاكنا لترف الوقت وانتظار نتائج مشاريع متوسطة وطويلة المدى، وأننا بحاجة إلى حلول على المدى القصير، وذلك عبر تفعيل الصادرات الأردنية، ولو بنسب قليلة بسبب الظروف الراهنة، وذلك من أجل تجاوز بعض معطيات هذه الأزمة بشكل مباشر.

وأشار د. المحروق إلى حاجة وضع تصور واضح فيما يتعلق بصناديق الاستثمار والشراكة الاقتصادية، والترويج لهذا الفكر، بل وتبسيط بعض مفاهيمه، وتوضيح قابلية تطبيق هذه الأفكار، إضافة إلى آثار ذلك على الاقتصاد الوطني والمواطن، من أجل بناء الثقة لديه في هذه المشاريع والأفكار غير التقليدية.