• 26 آذار 2022
  • إقتصاد وحياة

 

بقلم : المهندس  مازن توفيق سنقرط *     

 

إن الأزمة العميقة التي خلفتها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كان لها بالغ الضرر على الإقتصاد العالمي وبالأخص على إقتصادات المجتمعات الفقيرة ومنها المجتمع الفلسطيني، هذا المجتمع الصغير الذي يعتمد إعتمادا كبيرا وأساسيا على دولة الإحتلال.

لقد إنعكست آثار العملية العسكرية على إرتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والطحين والأعلاف، وكذلك على أسعار النفط ومشتقاته، حيث أن طرفي الحرب (روسيا وأوكرانيا) هما المصدرين الرئيسيين لهذه المواد الأساسية، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار مواد البناء وتكاليف الشحن والتوريد، مما أدى

إلى إرتفاع أسعار العقارات والمستلزمات الأسرية والمجتمعية بشكل عام.

هذا، وفي ظل عدم توفر البنية التحتية للمخزون الغذائي من صوامع ومخازن مجهزة، وفي ظل ضعف الاقتصاد الفلسطيني الذي لم يتعافى بعد من آثار جائحة "كورونا"، وفي ظل تراجع وفتور الدعم المالي الدولي وبالأخص الأوروبي للشعب الفلسطيني، ومن حقيقة أن الأسرة الفلسطينية تنفق حوالي 50% من دخلها على الغذاء والطاقة، فإن هذه الأمور مجتمعة تمثل تهديدات جدية وواقعية لقدرة السلطة الفلسطينية للتعامل والتعايش

مع هذا الحدث الكبير، وبالتالي على تخفيف آثاره الضارة على المجتمع والفقراء بصفة خاصة.

إلا أن هذه التهديدات يمكن أن تتحول على المدى القصير لفرص في حال تم العمل على الإستثمار في الفقراء من خلال مجموعة من التدابير، مثل إنشاء موازنة تقشفية لسنة 2022 تكون الغاية منها توفير شبكة آمان إجتماعي بمبلغ تقديري يعادل 300 مليون دولار أمريكي، تمول من كل من السلطة الفلسطينية والدول المانحة والقطاع الخاص القادر، وتستخدم لتقديم الدعم المباشر للمواد الغذائية الأساسية وأشكال الطاقة المختلفة، ودعم رسوم الشحن والتوريد والفوائد البنكية على مستوردات المواد الغذائية والأعلاف. هذا، إلى جانب سعي السلطة الفلسطينية إلى تخفيض النفقات للحد الأدنى، وإطلاق العنان للقطاع الخاص للبحث عن البدائل في الأسواق

الإقليمية والعالمية لتوفير الإحتياجات الأساسية للمجتمع الفلسطيني.

على المدى المتوسط والبعيد، يجب البدء من الآن بالعمل على إنشاء البنية التحتية اللازمة للأمن الغذائي من خلال توفير الصوامع والمخازن المجهزة للسلع الأساسية من غذاء وأعلاف، كما يجب العمل على الاستثمار الزراعي في المناطق المصنفة (ج) بمساعدة المجتمع الدولي في الضغط على الجانب الإسرائيلي لتحقيق هذا الأمر.

  • وزير الاقتصاد الوطني الأسبق والمدير الإقليمي لاتحاد الصناعات الغذائية العربية