• 16 كانون الثاني 2022
  • حارات مقدسية

 

 

بقلم : الشيخ الباحث مازن اهرام 

 

حارتنا اليو م بلون آخر تختلف إختلافاً كبيراً عما درجناه من الحارات  المقدسية  لنرجع إلى الماضي  ونلقي الضوء على حكاية حارات  الحمامات  في البلدة القديمة من القدس الشريف  الحمامات التي كانت تزخر بقصص وحكايا ولها دور في الموروث الثقافي الشعبي  وقد إنتشرت  تلك الحمامات في  أزقة  وحواري  القدس العتيقة ومن تلك الحمامات 

حمام الشفا 

هو حمام أثري يعود تاريخه إلى العصر المملوكي في فلسطين. يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في سوق القطانين من الجهة الشرقية بالحي الإسلامي. أنشأه الأمير سيف الدين تنكز الناصري في سنة 1336، في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون

يتكون من ثلاثة اقسام : مشلح و وسطاني وجواني. ويدخل اليه  عبر مدخل يؤدي إلى غرفة المشلح شبه المربعة، حيث يتوسطها حوض ماء رخامي ثماني الشكل، ويمتد على جوانبها الشرقيه والغربية والجنوبيه مصاطب لجلوس المستحمين. أما سقفها فيغطي بقبو مروحي يعتليه فتحة دائرية الشكل. ويلي غرفة المشلح ممر ثاني ضيق يقودنا إلى غرفة الوسطاني التي تقوم عليها قبة ضحلة تتخللها فتحات فخارية يغطيها الزجاج، كي تسمح بإدخال الضوء ولا تسمح بإخراج الحرارة. ويحيط جوانب الغرفة مصاطب حجرية يجلس عليها المستحمون أثناء تهيئة أجسامهم لتحمل الحرارة في الجواني. ويصل المستحم لغايته في القسم الثالث من الحمام (الجواني/بيت النار). وهو مقسم إلى ثلاث أقسام؛ الأول؛ حوض لتجميع الماء الساخن للمستحمين، والثاني؛ لغرف الإستحمام الثلاث، والثالث، للمغطس. ويقوم  الحمام على نظام الغرف والمغطس وقباب ضحلة تتخللها فتحات فخارية مغطاة بالزجاج، ويأتي بيت النار اللازم لتسخين الماء (الموقد) ويُطلق عليه (الأميم ) تمتلئ سجلات محكمة القدس الشرعية ودفاتر الطابو العثمانية  بالوثائق التي تتناول شؤون هذا المعلم التاريخي الهام وشؤون أوقافة والعاملين فيه. وقد جاوزت وارداته في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي (4000) أقجة (العملة السائدة في العهد العثماني) أما اليوم فهو للأسف غير مستعمل. كما تحفل وثائق إحياء التراث والبحوث الإسلامية، بالوثائق التي تبين دور المجلس الإسلامي الأعلى في رعاية هذا الحمام وتعميره وتنظيم عقود إجارته خلال القرون السالفة. وهو ملك للأوقاف الاسلامية 

 

حمام العين

حمام العين سميت نسبة إلى عين ماء تسمى عين  العروب و يتشابه حمام العين في تخطيطه وبنائه مع حمام الشفا, مع ملاحظة انخفاض سطحه عن مستوى الشارع، وتوجد فيه  غرفة ألحقت ببيت نار الحمام لتجميع المواد التي كانت تستخدم في الحرق لتسخين الماء، وتزويده بالمياه عن عين العروب عبر القناة السبيل. أما في حال انقطاع القناة أو العين، أذن بتزويده بمياه آبار المسجد الأقصى حسبما تفيد إحدى الحجج الشرعية التي تتناول كثيراً من الشؤون الإدارية والمالية وشؤون العاملين فيه، كما تفيد أنه كان مخصصاً على النساء. ينسب الحمام الى واقف ومنشئ حمام الشفا وهو الأمير سيف الدين تنكز الناصري, والذي وقف حمام العين مناصفة على المدرسة التنكزية وقبة الصخرة المشرفة. وبني في سنة 1337، في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، في العهد المملوكي. ومما يجدر ذكره أنه قد بلغت وأردات أوقافه حوالي منتصف القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي نحو (16,000) أقجة، وزعت مناصفة بين الجهتين المستفيدتين منها المدرسة التنكزية وقبة الصخرة المشرفة. وقد  أتت توسعة مطهرة المسجد الأقصى  الأخير على الجزء الأكبر من هذا الحمام التاريخي العريق. أنشئ كجزء من مجمع سوق القطانين و بقي يستعمل منذ العصر المملوكي، لكنه هجر قبل 40 عاماً، و هو ملك لعائلة نسيبة المقدسية وتجري الآن أعمال ترميم ليستخدم كجزء من جامعة القدس للنشاطات الثقافية شُيّد حمام العين في عام 1336 تقريبا، ولكنه راح في غياهب النسيان في منتصف القرن العشرين. 

 

 

حمام السيدة مريم

 ويسمى أيضاً حمام باب الأسباط يعتقد أن الحمّام الذي نُسجت حوله ميثولوجيا محلية، تتعلق باستحمام السيدة مرّيم العذراء فيه، بالقرب من كنيسة القديسة حنه، والدة العذراء. في بداية درب الآلام فصارت النساء اللواتي لا ينجبن الأطفال يأتين إليه طلباً للذرية ببركة السيدة مريم كما يعتقدون وينذرن للحمام شموعاً وزيتاً ووروداً و أشياء أخرى، وهذا الكلام لا دليل على صحته و هو من الروايات الشعبية. يقع في أول طريق اللقلق على الجانب الشمالي لطريق المجاهدين أو طريق 

العهد العثماني في القرن 10ه/16م  

تعود  ملكيته  إلى الأوقاف الإسلامية  التي قامت بتحكيره  إلى كنيسة  الروم  الأرثوذوكسية 

ووفقا لمؤرخ القدس والخليل، مجير الدين الحنبلي، فان بلقيس، ملكة اليمن الأسطورية، استحمت في هذا الحمّام، وأزالت شعرها الكثيف عن رجليها وفخذيها، الذي ورثته عن أُمها، من أجل الملك سليمان. الذي قيل له، بأنّه لا يعيب هذه الملكة اليمنية، إِلَّا ان رجليها كحافر الحمار، ومشعرة الساقين، وعندما سأل الإنس كيف يمكن إزالة هذا الشعر، قالوا: الحل بالموسى، فرفض لأنّها تجرح، فسأل الجن، فقالوا: لا نعرف، فتوجه للشياطين وسألهم، فقالوا: لدينا حيلة تجعلها كسبيكة الفضة، ولجأوا إلى النورة، وهي حجر الكلس وربما بسبب هذه الاسطورة، اعتبر هذا الحمّام، بأنّه أوّل حمّام يُبنى على وجه الأرضّ، من أجل بلقيس، التي تزوجها الملك سليمان، بعد إزالة شعرها، طبعا، وأحبها حبًا عظيمًاعمل الحمّام، قبل اغلاقه، مثل باقي حمّامات بلدة القدس القديمة، كحمامي العين والشفاء في سوق القطانين،

وحمّام البطرك، على فترتين للنساء والرجال. ولعب دورا في الحياة الاجتماعية لأهالي القدس، فالحمّام كان ملتقى للناس، وفيه يتم تناول القهوة والمشروبات الباردة، ويتداول فيه الرجال أحاديث السياسة، وأخبار الناس المختلفة، وتختار الأمهات، الزوجات المستقبليات لابنائهن. 

و يوجد فوق النقش بلاطة كُتب عليها 

(سلام على روح النبي المطهر أصابعه أجرت مياهها ككوثر)

وهو أحد الأسبلة التي بناها السلطان سليمان القانوني يقع الحمام بالحوض رقم6 57 في قِطعة 

حمام وبركة البطرك

حمام البطرك، وسمي نسبة إلى البطريرك اللاتيني الذي كان خلال الإحتلال الصليبي على مدينة القدس، وقام  بوقفه  صلاح الدين الأيوبي، حيث يعود تاريخ بناء الحمام إلى العهد الأيوبي، بحسب ما جاءت به الوثائق، أي في تاريخ 545 هجري/ 1189م. إن أغلب من كانوا من زوار الحمام باستمرار هم النصارى فاشتهر بوجود النصارى فيه. ويوجد في جوار الحمام بركة كبيرة، البركة موجودة حتى اليوم في حارة النصارى بالقدس، أوقف الحمام صلاح الدين على الخانقاه الصلاحية هو والبركة التي بجانبه، كما أعيد إعماره في القرن 10 هجري. وجاء ذكر بركة الحمام في كتاب الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي باسم حمام البترك، وذكر بأنها “بحارة النصارى لجمع الماء المتحصل لحمام البترك وقف الخانقاه الصلاحية” في القرن الخامس عشر ميلادي،

 

حمام باب العامود 

وهو أحد حمامات القدس القديمة السبعة، ويقع في منطقة باب العمود،بحارة الجبشة  ولا زالت آثاره موجودة حتى اليوم تؤكد حُججٌ  عدَة في سجلات  المحكمة أن حمام  باب العامود  كان جارياً  في وقف المسجد الأقصى  

حمام السكرية 

بالصف الغربي  بمحلة  باب العامود  عثر الأستاذ  بشير بركات  على حجة  ورد فيها  ذكرُ دار  في حارة بني مُرَة  الكائنة  بين  حارة  باب العامود  وحارة النصارى  (بأعلى  عقبة  حمام  باب العامود  بالقرب  من البدَ(معصرة الزيتون)  المعروف  بابن  عبد العال ثم تبين للأستاذ بشير بركات  أنه يقع  في بداية  طريق  الجبشة  التي  كانت تُسمى (عقبة حمام باب العامود ) حيث ما يزال يشغل  مساحة  واسعة  في الطابق الأرضي  من أحد المباني  , وما زالت  معظم معالمه   موجودة  رغم  تراكم  الأتربة  فيه جرَاء إهماله  منذ زمن بعيد  , وقد  ورد  تم تحويل  أحد غرفه  المُطلة  على الطريق  إلى دُكان 

 وبقي قَميمُه  موجوداً في جهته الشمالية  حتى العهد الأردني  حيث تم تحويل  مبنى القمَيم  إلى دكاكين  تقع في الصف الجنوبي  من بداية  طريق حارة  الجبشة  , وهو جار  حالياً في وقف عائلة  عبد اللطيف  المقدسية)

ومن العادات في مدينة  القدس ينشغل المقدسين   باجراءات يوم الزفاف، ففي الصباح تبدأ عملية اعداد وليمة العرس بذبح الذبائح وإعداد اللحم وطبخ الطعام.وإقامة السرادقات

ومن المراسيم حمام العريس 

وكان غالبيه الزبائن لهذه الحمامات من الفقراء و من الطبقة المتوسطة وكان للأشخاص الأثرياء حمامات مخصصه لهم كما تعتبر زياره الحمام هي جزء اساسي من خطوات الزفاف والفرح وتخرج الزفة  من حمامات القدس  الذي يقوم اصدقاء العريس مرافقته إلى تلك الحمامات وبمشاركته بزفه  من الحمام ويحضر الحلاق، بعد أن يكون الحلاق قد قام بواجبه على أكمل وجه. وتحضر الليفة الجديدة والصابون المعطرة، و من تكييس وتلييف و مساج بصابون غار وتجهز الملابس الجديدة، والتي كانت تتكون من القنباز والعباءة والحطة والعقال والملابس الداخلية، والحذاء. ثم يقوم الشباب بتغسيل العريس وفي الوقت الذي يستحم فيه العريس يجتمع الشباب خارج الحمام وهم يرددون بعض الأغاني. ثم يلبسون العريس ثيابه ويعطرونه بالورود و رشة بالعطور ، و عند خروج العريس من مكان الاستحمام يستقبله جمهور الشبان الذين ينتظرون تلك اللحظة في الخارج مازجين بصوت رجولي حماسي 

طلع الزين من الحمام

 الله واسم الله عليه ورشوا لي العطر عليه
عريسنا زين الشباب زين الشباب عريسنا
ومن الأغاني التي كانت تردد على إيقاع رقصة السحجة
ع اللام لاموني أصحابي في حبه حكوا عليه
ع الميم ميلي يا نفسي وفراقه يصعب عليه
ع النون نهوني أهلي في حبه وغضبوا عليه
ع الهاء هالت دموعي وفي حبه زادت عليه
ع الواو ودعت أحبابي وتصعب الفرقة عليه
ع الياء يا ربي صلي ع محمد زين البرية

المراجع:

الآقچة كانت العملة السائدة في الدولة العثمانية، وهي تساوي ثلث البارة

ضربت لأول مرة سنة 729ه‍/ 1327م في عهد السلطان أورخان. وكانت النقود العثمانية تحمل على وجهها الأول كلمة الشهادة، وعلى الوجه الثاني اسم الأمير باللغة الدارجة «أورخان» وهي عبارة يقصد بها الدعاء له «خلد الله ملكه» دون الإشارة إلى الأب ولا زمان الضرب ومكانه، مما أدى إلى ازدهار الحركة التجارية الخارجية

 قناة العروب وسميت أيضاً بالقناة السفلى ، حيث تصل مياهها إلى الأقصى الشريف ، وتزود سبيل الكأس الشهير وسط الحرم  ​​

الملكة بلقيس المصادر العربية الأساسية في قصة هذه الملكة فتذكرها بالاسم بلقيس خاصة كتاب( التيجان) لابن هشام وكتاب( الإكليل) للهمداني و(القصيدة الحميرية) لنشوان الحميري يقول نشوان:

أم أينَ بلقيسُ المعظَّمُ عرشُهُا        أوصرحُهُا العالي على الأضراحِ

زارتْ سليمانَ النبيَّ بتدمرٍ           مِنْ ماربٍ ديناً بلا استنكـاحِ

المصدر : (الموسوعة اليمنية، مؤسسة العفيف الثقافية) (1 / 542)

رائف يوسف نجم وآخرون، كنوز القدس، عمان: مؤسسة آل البيت، 1983، ط1، 

تاريخ مصادر المياه واستخداماتها في بيت المقدس / تأليف الأستاذبشير عبد الغني بركات

 تاريخ الحرم القدسي/90. قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك /217

الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل ج2

((حمام العامود))عام (941هـ/1535م)(س.ش 4/549,4061,16رجب (941هـ, من آثارنا في بيت المقدس ,ص211. وحمام باب العامود (944هـ/1537م)(س.ش.6/690 , 2231,

حمام السكرية بالصف الغربي  بمحلة  باب العامود  عام (1100هـ/1689م)(س.ش.191/227)(10 شوال 1100هـ)

لم يتمكن  الدكتور كامل العسلي  من تحديد موقع حمام السكرية  ( من أثارنا  في بيت المقدس  ص211)

الأستاذ بشير بركات عام (947هـ/1540م)(س.ش.12/786/787’’شوال 1100هـ

عام (1100هـ/ 1689م)(س.ش. 191 /227/(10 شوال 1100هـ)تم تحويله  الى دكان المصدر الأستاذ بشير بركات  

ويعتقد الأستاذ بشير  بركات  أنه  آل  إليها  عندما  وقف جدُ العائلة  عبد اللطيف بن سلامة  زحيمان  وقفه ( عام 1206هـ/1791م)(س.ش. 273/36-37)أواسط جمادي  الأولى  1206هـ

اصدار هيئة أشراف بيت المقدس