• 18 تشرين أول 2022
  • حارات مقدسية

 

بات سوق القطانين هدفا واضحا للجماعات اليهودية المتطرفة والتي تعمل على تهويده بمساعدة الشرطة الاسرائيلية التي تامر اصحاب المحال التجارية باغلاق محالهم من اجل السماح لليهود المتطرفين بالقيام بطقوسهم التلمودية على مدخل المسجد الاقصى ، ولكن ما هي حكاية سوق القطانين:


 بقلم : الباحث الشيخ مازن اهرام 

 

باب القطانين أو الباب الجديد   باب القيسارية -تعني السوق - والمقصود سوق القطانين ويُطلق على السوق أيضا اسم سوق العتم بسبب إضاءته الضعيفة إذ تدخله أشعة الشمس عبر ست فتحات (فضّايات) في السقف المكون من أقواس عالية وضخمة فيها متعة بصرية لناظريها إضافة إلى تخصيص فتحة أو أكثر لكل دكان لتهويتها وإضاءتها. السوق نفسه فهو قديم العهد، وهو إحدى أبواب المسجد الأقصى المفتوحة ويقع في الجهة الغربية لساحة المسجد الأقصى ويعد من الأبواب الرئيسية الهامة والجميلة المؤدية للمسجد ويؤدي هذا الباب إلى سوق القطانين ومنه جاءت تسميته وقد جدد هذا الباب في عهد السلطان محمد قلاوون على يد الأمير سيف الدين تنكز عام 1336م، العصر المملوكي وهذا واضح من خلال نقش يوجد في أعلى المدخل من الجهة الشرقية المطلة على ساحة الحرم القدسي وقد أزيلت على يد المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1922م

تنسب "سوق القطانيـن" إلى منشئها (الأمير سيف الدين تنكز الناصري نائب الشام)، الذي أنشأها في سنة (737هـ- 1336م)، وهو أحد كبار الدولة المملوكية، وأشهر نوابها وأكثرهم عمرانًا، وخاصة في سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون (741- 709هـ/ 1309-1340م).  وتم ترميم هذه السوق عام 1929على يد المجلس الإسلامي الأعلى

استغرق بناء سوق القطانين سبعة أعوام، وقد أشرف السلطان الناصر بنفسه على بناء المدخل الشرقي منه هو المدخل المؤدي لساحات المسجد الأقصى المبارك مباشرة أرّخ المبنى استناداً إلى ثلاثة نقوش كتابية تأسيسية خاصة به، واستناداً إلى كتابات المؤرِّخ مجير الدين الحنبلي (توفي عام 928 / 1521)

يوجد نقش كُتب بخط النسخ المملوكي، ونصّه راعي المبنى

السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون (حكم ثلاث مرات في الأعوام 693 – 694 / 1294 – 1295، و698 – 708 / 1299 – 1309، و709 – 741 / 1309 – 1340)، والأمير تنكز الناصري (توفي عام 741 / 1340) الذي كان نائب السلطان في الشام في الفترة 712 – 740 / 1312 – 1340

والواجهة الشمالية للباب مكونة من قوصرة مدخل تنخفض عن مستوى الساحة بتسع درجات تحيط بها من ثلاث جهات، وهذه القوصرة واسعة حيث يبلغ عرضها 7 أمتار تقريباً وارتفاعها 13 متر وهي مغطاة بنصف قبة من الحجر. وأما المفتاح فهو أسود اللون ونصف القبة مقامة على خمسة صفوف من المقرنصات، وفتحة الباب مستطيلة بارتفاع 4 أمتار وعرض 2,5 متر ويعلو الباب عتب حجري مستقيم وهو مكون من ثلاث قطع خارجية. تقع "سوق القطانيـن" إلى الغرب من جدار الحرم الشريف؛ حيث تمتد بين بابي "المطهرة" و"الحديد" بوابتها مقابلة لقبة الصخرة المشرفة وتنبع أهمية موقعها من قربها من الحرم الشريف، ولانفتاحها.

وسوق القطانيـن عبارة عن شارع طويل له مدخلان 

الأول من طريق الواد من جهة الغرب 

والثاني، من الحرم الشريف، من جهة الشرق. وكانت بوابتها الشرقية تعرف بـبوابة تجار القطن وتشتمل على عدد كبير من الدكاكين المتشابهة والمتقابلة في صفين يفصل بينهما ممر مسقوف على شكل قبو نصف برميلي محمول على ثلاثين عقدًا مدببة تتخللها فتحات تسمح بالإضاءة والتهوية ويلاحظ أن الممر الملاصق للباب المؤدي إلى الحرم الشريف مباشرة، مسقوف بطريقة الأقبية المتقاطعة كما يلاحظ تزيين بعض فتحات سقف الممر بالحنيات المجوفة والمقببة التي تتدلى خلال تتابعها المتناسق فيما عرف معماريًا بـالمقرنصات 

كانت على عهد المماليك من أحسن أسواق المدينة وأكثرها ازدحاما وأتقنها بناءً وارتفاعاً، في وسطها حمام يسمى حمام الشفا وهو خاص بالرجال، وعند منتهاها الغربي حمام آخر يعرف بحمام العين يرتاده الرجال والنساء في أوقات مختلفة، وأمامها من الناحية الغربية شارع مواصل إلى دار الأيتام الإسلامية  

وتحفل سجلات محكمة القدس الشرعية ووثائق "مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية" بإشارات إلى هذه السوق ووقفها على قبة الصخرة المشرفة والمدرسة التنكزية، ومعاملات تلك الأوقاف.  كما تحفل بإشارات حول ترميمها وإدارتها وتحديدها وتأمين أبوابها بالحراسة ليلاً إضافة إلى الاشارة إلى نشاط هذه السوق واختصاصها بالبضائع القطنية والحريرية والاتجار بها داخلياً وخارجياً

يقول علماء آثار مقدسيون إنه قد عثر على قواعد صليبية في المدخل الغربي للسوق، لكن بناءه الحالي يعود لعام 1329م، وأمر ببنائه أمير نيابة دمشق في حينه تنكز الناصري في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون وقد أشرف السلطان الناصر بنفسه على بناء المدخل الشرقي منه هو المدخل المؤدي لساحات المسجد الأقصى المبارك مباشرة. يعد باب سوق القطانين الشرقي من أجمل أبواب مدينة القدس قاطبة، ويبلغ ارتفاعه نحو ستة أمتار وتعلوه زخارف مملوكية فريدة، كالمقرنصات والأقواس ونظام الأبلق سمي سوق القطانين بهذا الاسم في الفترة العثمانية، لأن حوانيته اختصت بتجارة القطن القادم من مصر، فقد كان يصنع في القدس ويصدر للعالم. ويتكون السوق من طابقين، ويحتوي على خمسين حانوتا يتصل كل منها بغرفة علوية سكنها جزء كبير من رجال الأوقاف على مر السنين، ولا تزال هذه الغرف تتبع للأوقاف الإسلامية وتسكن بها عائلات مقدسية.

إضافة للحوانيت يحتوي السوق على خان وحمامين؛ هما حمام الشفا وحمام العين، وقد اتخذ الخان محطة استراحة لاستقبال التجار القادمين من دمشق ومصر للقدس، وأطلق عليه اسم خان تنكز، وهو حاليا مقر لمركز دراسات القدس التابع لجامعة القدس واستخدم الطابق الأول من الخان قديما لتخزين البضائع ومخازن أخرى وضع بها التجار دوابهم أثناء مكوثهم بالمدينة، بينما انهار الطابق الثاني بسبب هزة أرضية في القرن الخامس عشر الميلادي ولم يعد مستخدما.

المعالم التي تجاور الباب

-المدرسة أو التربة الخاتونية إلى الشمال من هذا الباب

-الرباط الزمني إلى الجنوب من باب القطانين.

- خان تنكز عبارة عن مجمع معماري ضخم خان تنكز المعروف بخان أوتوزبير، بناه الأمير سيف الدين تنكر الناصر، في سنة 737هـ/ 1336-1337م ويماثل بناء هذا الخان تخطيط الخانات المملوكية وتصميمها إلى حد كبير وقد روعي في تخطيطه وهندسته، توفير المرافق المتوخاة للاستعمال لحجرات للمبيت والإقامة، وأماكن لتخزين البضائع، وأخرى للدواب والعلف

ويقع هذا الخان في سوق القطانين. ويتم الوصول إليه عبر باب يقع في الجهة الشمالية من الخان، ويؤدي إلى ممر مستطيل الشكل، وتقوم في أحد جانبيه غرف ذات سقف برميلي، وفي الجانب الآخر قاعة واسعة للدواب(اسطبل) يغطيها قبو برميلي أيضاً. ثم يؤدي الممر المستطيل إلى ساحة مكشوفة  وفي الجهة الشرقية منها عدد من الغرف تستعمل أماكن لعلف الدواب  وأما الغرف في الطابق الثاني، فقد كانت تستعمل للمبيت والإقامة  وقد تهدم بعض هذه الغرف، وخرب بعضها الآخر الآن تبلغ مساحته (22,60×32) م²   روعي في تخطيطه وهندسته توفير المرافق اللازمة لأداء وظيفته التجارية، وما يرتبط بها من شؤون العاملين في هذا المجال الحيوي، وما يتعلق بوسائل نقلهم وسلعهم وتأمين ما يلزمهم من خدمات وهو يتألف من طبقتين، ويتوصل إليه عبر باب يقع في الجهة الشمالية من الخان، يؤدي إلى ممر مستطيل الشكل يقوم على أحد جانبيه، وفي الجانب المقابل إسطبل واسع للدواب، ويغطي الغرف والإسطبل سقف برميلي ثم يؤدي الممر المستطيل إلى ساحة مكشوفة، في الجهة الشرقية فيها عدد من الغرف كانت تستعمل لعلف الدواب   أما الطابق الثاني فيتألف من مجموعة من الغرف التي كانت تستعمل لمبيت وإقامة العاملين في الشأن. وتحفل الحجج الشرعية بالكثير من المعلومات المتعلقة في هذا الخان ودوره الرائد وإرادته ووجوه استغلاله وتعميره. ومن ذلك، اثنتان وثلاثون دكاناً في سوق القطانين تتبع هذا الخان، وترميمه ترميماً شاملاً في سنة (978هـ/1570م)، إثر تدمير الزلازل جزءاً منه، ووقف السلطان المملوكي، الملك المؤيد شهاب الدين أحمد بت اينال، لهذا الخان على الصدقات الحكمية في سنة (865هـ/1460م)، واستغلاله بالإجارة بعد المزايدة العلنية

تغلغل الاستيطان في سوق القطانين كما معظم أسواق البلدة القديمة، ووضعت الجمعيات الاستيطانية يدها على ثلاث غرف من الجهة الشمالية للسوق إضافة إلى الاستيلاء على منازل تقع في الجهة الجنوبية كانت تسكنها عائلة الزربا المقدسية  تفاجأ التجّار وأصحاب المحلات التجارية في سوق "القطّانين" بالبلدة القديمة المحتلة والمُفضي الى المسجد الأقصى المبارك،  بقيام بلدية الاحتلال برسم حدود باللون الأصفر أمام مصالحهم التجارية وإنذارهم بعدم اجتيازها وفرض غرامات مالية تصل   لكل من يخالف القوانين .وأثارت هذه الخطوة استياء وغضب أصحاب المصالح التجارية، ووصفوها بالعنصرية الأمر الذي دفعهم إلى الاشتباك الكلامي مع عناصر البلدية والذي كاد ان يصل الى حد المواجهات بين الطرفين. ووصف التجّار المقدسيين هذه الخطوة بالمسمار الأخير الذي تدقه بلدية الاحتلال في نعش الحركة التجارية في البلدة القديمة ومدينة القدس المحتلتيّن   قام يهود يؤدّون صلواتهم التلمودية طقوسا غريبة عند باب القطانين أحد أبواب المسجد الأقصى أثناء اقتحامهم للمسجد الاقصى ويُذكر أن اليهود المتطرفين تعمدوا تنظيم مسيرات استفزازية تحت حراب شرطة الاحتلال منعت التجار أصحاب الحوانيت كذلك الصحافيين من دخول سوق القطانين لالتقاط الصور وهددت بتحطيم كاميراتهم. وخلاصة القول إلى متى يستمر توغل هؤلاء من تصرفات تؤجج الصراع وتنذر بإشعال المنطقة بحروب ودمار وسفك لدماء الفلسطينيين وتزوير للتاريخ      ؟؟؟؟

المراجع

  الدكتور يوسف النتشة، مدير مركز دراسات القدس في جامعة القدس مدير السياحة والآثار في المسجد الأقصى

سيف الدين أبو سعيد تنكز الأشرفي الناصري، الأمير المملوكي، ونائب السلطنة المملوكية في دمشق، وصفه صلاح الدين الصفدي بأنّه: «الأمير الكبير المهيب العادل الفريد». بدأ حياته عبدًا مملوكًا في مصر، ما لبث أن تدرّج في لمناصب والوظائف المملوكية حتى أصبح أعلى وأقوى شخصيّة إدارية وعسكرية في بلاد الشام في عهد السلطان محمد بن قلاوون، وقد زوّج أولاده من بنات السلطان. وبقي تنكز في منصبه حتى عُزل سنة 740 

الملك ناصر الدين أبو المعالي محمد بن قلاوون أو الناصر محمد اختصاراً، (ولد بالقاهرة في 684 هـ / 1285 - توفي بالقاهرة في 741 هـ / 1341). تاسع سلاطين الدولة المملوكية البحرية. لقب بـأبو المعالي وأبو الفتح. عاش في عهد الخلفاء العباسيين الحاكم بأمر الله الأول والخليفة سليمان المستكفي بالله والخليفة إبراهيم الواثق بالله، وحكم في عرش السلطنة المملوكية ثلاث مرات في الفترات من 693 هـ / 1293 إلى 694 هـ / 1294، ومن 698 هـ / 1299 إلى 708 هـ / 1309م، ومن 709 هـ / 1309 م وحتى وفاته في عام 741 هـ / 1341. من أبرز سلاطين الأسرة القلاوونية والدولة المملوكية. خاض حروباً ضد الصليبيين والمغول، وحروباً إصلاحية في الداخل ضد الفساد. شهدت مصر في فترة حكمه الثالثة نهضة حضارية وعمرانية لم تشهدها في عهد أي سلطانٍ آخر من سلاطين الدولة المملوكية.

المصدر: دليل مدينة القدس (منارات مقدسية)

المفصل في تاريخ القدس /204. تاريخ الحرم القدسي /90. قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك /217. بلادنا فلسطين- في بيت المقدس 1/270.

رائف يوسف نجم وآخرون، كنوز القدس، عمان: مؤسسة آل البيت، 1983، ط1،  

المجلس الإسلامي الأعلى مجلس شرعي إسلامي كان يتولى شؤون اوقاف المسلمين ومؤسساتهم الدينية والتعليمية في فلسطين ايام الانتداب البريطاني. تأسس المجلس عام 1922 بعد جهود متواصلة قامت بها اللجنة التنفيذية التي انبثقت عن المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث انعقد في حيفا في كانون الثاني - يناير 1920. لعب المجلس الإسلامي الأعلى دوراً وطنياً في الدفاع عن القضية الفلسطينية بوجه الحركة «الصهيونية» وسلطات الانتداب البريطاني. دافع المجلس عن حق المسلمين في البراق الشريف بعد الخلافات حوله

اصدار هيئة اشراف بيت المقدس