• 11 آيار 2021
  • أقلام مقدسية

بقلم : القاضي فواز ابراهيم نزار عطية

 

 

مما لا ريب فيه أن آراء ومقالات وتقارير واستقصاءات عديدة وُجهت بعناية من المختصين والباحثين، حول الحدث الأبرز في مدينة القدس في هذه الايام، ألا وهو موضوع سكان محلة الشيخ جراح المهددين بالاخلاء القسري، وتبعات ذلك الحدث أدى إلى تحريك  ضمير الرأي العالمي من حيث لا تدري ولا تحتسب سلطة الاحتلال، إذ كشفت تلك الاحداث وما تبعها من بطش واعتداءات على أهالي القدس في منطقة باب العامود "باب دمشق" وداخل المسجد الاقصى، عن زيف ادعاءاتها بأنها دولة ديمقراطية، وكشف عبث بعض مسؤولي دوائرها في القانون، وتجييره لصالح الباطل على الحق، ونسي هؤلاء "إن الباطل كان زهوقا".

  ومما لا شك فيه كذلك، أن تاريخ محلة الشيخ جرّاح وسبب تسمية تلك المنطقة فُصل في كثير من المقالات التي نشرت في الصحف وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وكانت من ابرز تلك المقالات ما نشره الباحث الشيخ مازن أهرام على شبكة أخبار البلد " الإلكترونية "، التي ساهمت بشكل منقطع النظير في التعريف عن المنطقة وتاريخها الحقيقي، المدعمة بالمستندات والحقيقة التاريخية بعيدا كل البعد عن التزييف والتضليل والتلفيق واختلاق القصص والرويات.

لذلك لن ادخل في  مسالك وطرق التاريخ، التي اصبحت محل علم ودراية للغالبية العظمى من أهالي القدس، ومحل توضيح للعالم أجمع.

ومن هذا المنطلق، يستدعي للولوج إلى عنوان المقالة تعريف الفرق بين الحق والحقيقة، لنصل جميعا إلى الإضاءات القانونية على واقع سكان محلة الشيخ جراح المهددون بتخليتهم من منازلهم، حيث للأسف أُخليت بعض العائلات ظلما، والباقي مهدد بالإخلاء القسري خلال أيام، وهم على وجه التحديد 28 عائلة من مجموع باقي سكان الحي، الذي يمتد ذلك الحي من الاراضي المجاورة لفندق دارنا المملوك لعائلة نسيبة حتى أراضي لفتا، والمقام عليه عدد من المشفيات والقنصليات الأجنبية الأوروبية وبعض الفنادق.

لقد فرّق علماء اللغة العربية بين لفظي الحق والحقيقة،  إذعرّف الأول على أنه ما وُضع موضعه من الحكمة فلا يكون إلا في الأمر الحسن المستحب، بينما عرّفت الحقيقة بأنها ما وُضع من القول موضعه في أصل اللغة حسنا كان أو قبيحا، بمعنى أن الحق لا يدل إلا على الجانب الإيجابي من الكلام، فالحق لا يكون إلا عدلا وإنصافا، بينما الحقيقة قد تكون مريحة في مواضع، بينما قد تكون قاسية في مواضع أخرى ولكنها تبقى الحقيقة، فالحق أن يحصل كل فرد في المجتمع المقدسي على فرص متكافئة في الحياة والاستفادة من خيرات الوطن، بينما الحقيقة قد تكون قاسية وصادمة، فالاحتلال موجود وسيطرته على كل شيئ واضحة وبطشه وظلمه ومعاناة الناس حقيقة، وخير مثال على ذلك عنوان المقالة.

لذلك، إن من أكثر الاشخاص الذين يتقنون التفريق بين الحق والحقيقة هم رجال القانون، حيث عمل بعض من هؤلاء على صياغة دساتير الدول المتحضرة ايمانا منهم بحقوق الانسان، فكانت دساتيرها مجموعة من قواعد الاخلاق ضمن الشروط الأساسية للحياة الاجتماعية للفرد، والتي لا يمكن التنازل عنها أو العيش دونها، وتعتبر هذه الحقوق مهمة جدا لصحة وصلاح الفرد وصحة وصلاح المجتمع، فعندما يحصل الفرد على حقوقه ويتمتع بها كاملة، يصبح قادرا على تطوير مجتمعه والمساهمة في خدمته، لأنها اساس التنمية المستدامة، وبما أنه لا حقوق دون واجبات، فالعلاقة التكاملية أساس الحفاظ على الأمن والأمان والسلامة في المجتمع.

فالحق ليس شعارا سياسيا يُسوق بين الدول المتحضرة دون تطبيق على أرض الواقع، وانما يحتاج تنفيذه على جميع أوجه الدقة والشفافية دون محاباة بين الأفراد بسبب الاختلاف في الدين أو الجنس أو العرق أو اللون.

ومن هذا المنطلق، الأشياء الطبيعية التي من حولنا والتي نعيش فيها تختلف حقيقتها من انسان لآخر، فعلى سبيل المثال يمكن أن يتم وصف جمال الحديقة بدقة متناهية، من شخص يرى الاشجار وخضرتها وثمارها وألوانها  وهذه حقيقة ثابتة لجميع الاشخاص الذين يتمتعون بنعمة البصر، ولكن تكمن المشكلة بوجود شخص مصاب بالعمى، ومن هنا تنشأ المشكلة ويختلف مفهوم الحقيقة من شخص لآخر، فالشخص الأعمى لا يستطيع تخيل الحديقة كما يراها المبصرون، الامر الذي يجعل لديه تصورات تختلف عن الآخرين، نتيجة التصورات التي بناها على عامل اللمس باعتباره من عوامل الحواس، وتلك الحقيقة تغيرت بين عدة اشخاص لتغيير الظروف المحيطة بالشخص سواء أكانت نتيجة علّة أصابته أو نتيجة تغيير المفهوم والمعتقد.

وعودا على بدء، ولما كانت الحكومة الاردنية صاحبة السيادة على الأراضي الفلسطينية بعد نكبة سنة 1948 حتى سنة 1967 وهي سنة النكسة، فقد حافظت وحرصت على سن التشريعات القانونية بمختلف نواحي الحياة، ومن ضمنها التشريعات القانونية المتعلقة بالأموال غير المنقولة (العقارات والاراضي)، ضمن المفهوم العام لحقوق الملكية ومشتقاتها  وأنواعها ، وبيان وأوجه التصرف  والانتفاع والاستعمال والاستغلال لكل نوع من الاراضي، وسارت على خطى متوازية ومتوازنة في تطوير واصلاح الاراضي وتشجيع الاستثمار فيها، بما لايؤثر على واقع ما هو مثبت من حقوق وردت في سجلات المحكمة الشرعية في القدس الشريف إبان الدولة العثمانية التي امتد حكمها لفلسطين على مدار أربعة قرون، و التي أنبأت صحف تلك السجلات على العقارات الموقوفة وقفا ذريا ووقفا خيريا وما أوقفه السلاطين، كما وأنبأت على الملكيات الخاصة للافراد.

ومن خلال التعمق في قراءة وتحليل النصوص الواردة في اتفاقية وحدات السكن لمحلة الشيخ جرّاح، بحيث سأتخذ من احدى الاتفاقيات التي احتصلت عليها من احد احفاد عائلة عطية المستفيد من تلك الوحدة نموذجا في موضوع هذه المقالة، مع العلم أن جميع الاتفاقيات الخاصة ب 28 عائلة تضمنت ذات الشروط.

فالمرحوم حربي محمد موسى عطية كان قد ابرم اتفاقا بصفته مستأجرا بتاريخ 15/11/1956مع وزير الانشاء والتعمير بصفته مؤجرا وحدة سكنية في محلة الشيخ جراح بالقدس بمساحة العقار الاجمالي المؤلف من البيت والارض المحيطة به ب366 متر مربع المثبت العقار في الخارطة ، ولمدة 3 سنوات تنتهي في 15/11/1959 لقاء اجر سنوي قدره 50 فلسا، مع كافة توابع العقار من أرض ومنافع ومجاري مياه الموصوف وصفا تاما في الجداول والخرائط، وتضمن ذلك العقد شروطا عامة يجب على المستأجر القيام بها منها دفع الاجرة وعدم احداث ابنية اضافية خلال فترة العقد وأن يكون لغايات السكن للمستأجر وعائلته وورثته الشرعيين، وكان هذا العقد قد تضمن شرطين اضافيين أساسيين، سيركزان على وجه هذه المقالة بتسليط الاضاءات القانونية على طبيعة العقد وحقوق المتعاقدين.

أهم ما ورد في البند 7 من العقد المذكور أن يتنازل المستأجر حربي محمد عطية عن بطاقة المؤن الصادرة عن وكالة الغوث واللاجئين" UNRWA"، مما يدلل على أن حربي المذكور كان يعيش حالة لجوء بعد عام 1948، وبحسب معرفتي بالمرحوم كان يعيش قبل عام 1948 في بيت والده المرحوم محمد الذي كان يملك بيتا ومخبزا في البقعة من الشطر الغربي للقدس الغربية، وكما هو معلوم بأن بطاقة المؤمن كانت تحقق ميزتين لكل من يحملها، الاولى الحصول على الحصة المحددة من وكالة الغوث واللاجئين من الطعام الذي يتم توزيعه شهريا على اصحاب البطاقات، والثانية الحصول على الخدمات الصحية الشاملة مجانا.

وبالتالي التنازل عن بطاقة المؤمن يعني حكما التنازل عن حقين كانا يقومان في تخفيف الاعباء المادية عن حاملها، ويعني ذلك أن افراد اسرته انقطع عنهم المؤونة الشهرية من الطعام وكذلك الخدمة الصحية الشاملة، ومن الطبيعي أن في ذلك التنازل، يعد من الناحية القانونية بدل الخلو أو بدل المفتاحية للوحدة السكنية التي انتفع بها المرحوم حربي المذكور وباقي المستأجرين.

وما تجدر الاشار إليه، أن الاتفاقية قد تضمنت شرطا لصالح المستأجرين في البند 12 منها بأن تلك الاتفاقية"  لا تؤثر بأي شكل من الاشكال على حقوق المستأجر في عودته إلى وطنه الاصلي فلسطين وفي أي تعويض عن ممتلكاته فيها أو على أية حقوق سياسية أو اقتصادية وغيرها من الحقوق التي يعتبرها المستأجر حقا له ويرغب في ممارستها في أي وقت شاء"، الامر الذي تؤكد تلك الاتفاقية على عدم تنازل المستأجر عن حق العودة، لأن هذا الحق قد تم تقريره ضمن قرارات الامم المتحدة.

وما يهمني في هذه المقالة للتركيز عليه هو البند 11 من الاتفاقية التي تكذب رواية السلطة المحتلة" اسرائيل"، بل تكذب أي مستند صدر عن أي دائرة من دوائره، حيث ورد في ذلك البند النص التالي: بعد أن يكون المستأجر قد قام بجميع شروط هذا الاتفاق وقنع المؤجر بأن المستأجر ساعد في بناء مجتمع الوحدة تفوض ملكية الوحدة إلى المستأجر مجانا".

لتحليل ذلك النص، لابد من الوقوف على كل كلمة فيه، وبالنتيجة إن حقق المستأجر الشروط يتم تفويض ملكية الوحدة للمستأجر، الشروط الواجب تحقيقها: دفع الاجرة التي تعتبر مساهمة في بناء الوحدة خلال مدة العقد، وعدم احداث ابنية اضافية خلال فترة العقد والتنازل عن بطاقة المؤمن، تلك أهم ميزات تحقيق شروط العقد، واعتقد من باب الجزم أن جميع المستأجرين أوفوا بتلك الشروط، مما أصبح التفويض بملكية الوحدة محققا بالمجان.

وهنا يكمن حل اللغز في تلك الاتفاقية من خلال كلمة تفويض، فالتفويض يرد فقط على الأراضي الاميرية التي تعرف وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الأراضي العثماني المطبق في أراضي السلطة االفلسطينية ومازال مطبقا في دولة الاحتلال، على أنھا:" ما كان عائداً لبیت المال من المزارع والمراعي والمسارح والمشاتي والمحاطب وأمثال ذلك من الأراضي التي یحصل التصرف بھا مقدماً عند وقوع الفراغ والحلولات بإذن وتفویض أصحاب التیمار والزاعمة الذین كانوا یعتبرون أصحاب الأراضي وبعض الأحیان بالإذن  والتفویض من الملتزمین والمحصلین، فأصبح یجري بھا التصرف على ھذا الحال باذن وتفویض الذات المأمورة بهذا الخصوص من طرف الدولة العلیة ویعطى لید الذین یتصرفون بھا سندات طابو متوجة بالطغراي".

 كما أن المادة 8 من القانون المذكور حددت صورة التصرف بالاراضــي الأميرية بأنه:" لا يمكن أن تحال وتتفوض كامل اراضي القرية أو القصبة إلى هيئة مجموع اهاليها قلما واحدا ولا إلى شخص واحد أو اثنين أو ثلاثة ينتخبون منهم بل تحال الاراضي لكل شخص من الاهالي على حدته وتعطى سندات الطابو لايديهم ببيان كيفية تصرفهم".

لذلك وجدت الحكومة الاردنية باعتبارها صاحبة السيادة على القدس وقت ابرام الاتفاقية، وللتخفيف من معاناة اللاجئين الفلسطينين الذين هُجروا من بيوتهم، لا سيما وأن معظم المستفيدين من تلك الوحدات كانوا يملكون بيوتا في القدس الغربية قبل عام 1948، الامر الذي اعتبرت الحكومة الاردنية وبعد التنسيق مع هيئة الامم المتحدة من خلال وكالة الغوث واللاجئين، أن إبرام اتفاقية اجارة مع اللاجئين لتتحول إلى تفويض بملكية بعد انتهاء مدة الاجارة، تلك الملكية محصورة بحق المنفعة فقط وليس الرقبة، وهذا الامر ساهم إلى حد ما في التقليل من آثار تلك المعاناة الانسانية نتيجة التهجير القسري.

ومن هذا المنطلق، فإن التفويض لا يتم إلا في املاك الدولة أي في الاموال غير المنقولة التي تتصرف بها الدولة أو تمتلكها بموجب القوانين المرعية، كما وأن المقصود بالتفويض المجاني أن يتم تسجيل الوحدة السكنية مع مرفقاتها دون مقابل ودون دفع رسوم للدولة.

وبناء على ما تقدم، فإنه من الوضوح بمكان أن الارض التي أُنشأت عليها 28 وحدة سكنية في محلة الشيخ جراح، تعتبر اراض اميرية تعود ملكيتها للدولة، فكيف أصبحت ملكية خاصة لجمعيتين استيطانيتين ادعتا بأنها المالكتين للارض منذ عام 1875 ابان الدولة العثمانية؟ وكيف لدائرة تسجيل الاراضي التابعة للاحتلال، أن تقوم بعملية تسجيل جديد دون اتباع الاجراءات القانونية المتعارف عليها من حيث: المعاينة والوقوف على رقبة العقار واجراء المسح الميداني للاراضي والمنازل المقامة عليها، والنشر في الصحف المحلية وتعليق الادعاء على مكان بارز في الحي ليتمكن اصحاب الحقوق الاعتراض، وأين توقيع المجاورين؟ ولماذا لم يُسمح لأصحاب الحقوق الإطلاع على حيثيات واجراءات التسجيل في الطابو الإسرائيلي؟ وهل أُخذ بعين الاعتبار مدة تصرف المستأجرين في العقارات، وكيف تم التوفيق بين مدة تصرف الاهالي للعقارات مدة مرور الزمن، وبين وتاريخ تسجيل الجمعيتين لدى مسجل الجمعيات اللتين تم تسجيلهما بعد الاحتلال بنحو عشرين عاما؟

وكيف تم التحقق من ملكية الارض كما تدعي الجهات الاستيطانية، وهل هناك أصل لتلك الملكية في سجلات المحكمة الشرعية؟

بحكم المؤكد أن أسهل حل للقضاء الاسرائيلي أن يحكم برد جميع تلك التساؤلات للتقادم، دون أن يبحث في عدالة القضية، ودون أن يتحقق من مسألة انعدام اجراءات التسجيل التي تمت في ظلمات الليل، فكيف يتم تسجيل عقار في الطابو من خلال اجراءات التسجيل الجديد، الذي يعتبر هذا النظام تسوية للحقوق لكن بصورة مصغرة   يتولاها الافراد، إلا أنها تخضع للإجراءات سالفة الوصف.

سمعنا بعض الحلول من الجانب القانوني للمعتدين، بأن يتم الاعتراف بملكية الجمعيتين من قبل المستأجرين وعلى أن يبقوا في العقارات ضمن نظام الحماية، وهو ملعوب خطير يستدعي من أهالي الشيخ جراح رفضه جملة وتفصيلا، لا سيما وأن الحماية محددة في القانون الاسرائيلي بثلاثة أجيال فقط ، وبمقتضى الحالة التي اتخذتها نموذجا في هذه المقالة، فقد توفي حربي عطية وابنه جمال لرحمة الله تعالى، أي انتهى الجيل الأول والثاني، فتبقى الأحفاد وهو الجيل الثالث، مما يعني أن الحماية تسقط  حكما بموت الجيل الثالث، ويعد ذلك نقضا للاتفاقية المبرمة مع الحكومة الاردنية، التي اعطت المستأجرين حق التفويض بتملك المنفعة مجانا.

لكن اخطر ما في الموضوع أن الجمعيتين قامتا بتحويل حقوقهما لشركة أمريكية صهيونية للتخطيط في بناء 600 وحدة سكنية للمستوطنين، وهذا التصرف يقصد منه الاستيلاء التدريجي على كامل حي الشيخ جراح ضمن مراحل مخطط لها وأُعد لها من السابق وبسرية تامة، لتكون تلك المحلة المعروفة بلغة أهل البلد :" بربلد"، أي أنها تتصل بالبلدة القديمة من خلال السير إليها على الاقدام دون الحاجة لركوب المواصلات أو حتى الدواب.

وهذا المخطط سيبتلع كل المنازل والمنشآت القائمة في تلك المنطقة، بما يمهد لتغيير معالم القدس ضمن التخطيط الجديد، حيث شرعت بلدية الاحتلال قبل اشهر بإعلان تغيير الخارطة الهيكلية لعدد من مناطق القدس العربية، من ضمنها باب العمود وحي المصرارة وشارع السلطان سليمان وشارع صلاح الدين وصولا إلى الاحياء المجاورة حتى واد الجوز.

إن المعادلة الصعبة في كل ما يجري في القدس هذه الايام، هي أن الغالبية العظمى من قناصل وسفراء الدول العربية والاسلامية والمطبعين مع الكيان المحتل، لم يزوروا أهالي الشيخ جراح ولم يستمعوا لهم ولم يؤازروهم بمحنتهم، ولم يجلسوا معهم على طاولة الافطار للتخفيف عن آلام وجراحات مستمرة يعاني منها سكان تلك المنطقة منذ العام 1972، كما وأن البيانات التي صدرت من بعض حكوماتهم كانت بيانات شجب على استحياء، فلم نرى ممثلي حكوماتهم اقلعوا بطائراتهم للتضامن مع قتلى جريدة شارلي ابدو، ولم نشاهد مزاحماتهم في الميكرو للوصول إلى مكان الحدث في تلك الجريدة، فالتهجير القسري قتل يومي مستمر واعظم أثرا من ازهاق روح انسان فقد روحه.

واخيرا وفي ضوء ما سيق أعلاه، استطاع جميع أهل الشيخ جراح الجمع بين الحق والحقيقة، فهل المحكمة العليا الاسرائيلية في حيثيات قرارها الذي سيصدر عاجلا أم آجلا، سيؤكد على ذلك النورين أم أنها ستغطيهما بغربال انعدام اجراءات التسجيل التي دبرت بليل؟ وهل ستعطي تلك المحكمة الحق لحفيد المرحوم حربي عطية أن يعود لبيت جده في حي البقعة غربي القدس المقام عليه اليوم كافتيريا ومسبح؟