• 17 آيار 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم: د. مشهور الحبازي

 

 

على الرّغم من شيوع مصطلح الإرهاب في عالم السياسة، إلّا أنّ السياسيين لم يتّفقوا على وضع تعريف واضح، وقاطع له، يستطيع الإنسان البناء، والإدّعاء عليه، وهم في نظري لم يتّفقوا، ولن يتّفقوا في ظلّ موازين القوى الدّولية الحاضرة؛ لأنّهم ببساطة لا يريدون الاتفاق لكي يتمكّنوا من استخدامه خدمة لمصالحهم، ومصالح أصدقائهم وحلفائهم، ومُعاقبة أعدائهم، أو معارضيهم، واستعبادهم، ونهب ثرواتهم البشريّة، والطبيعيّة.

ومن هنا نجد الغرب المسيحيّ وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكيّة يستخدمونه فقط لمحاربة العرب والمسلمين، ونهب ثرواتهم، واستعبادهم، ومنعهم من تحقيق حقّهم في الحريّة، والوحدة، وحماية مواطنيهم، ومقدّساتهم، وثرواتهم، واختيار النّظام السياسيّ، والثّقافيّ، والتّعليميّ، والاقتصاديّ الّذي يُناسبهم، ويوافق دينهم. وكذلك الحال بالنسبة لروسيا، والصّين فهما تستخدماه للغاية نفسها.

إن ما سبق يظهر واضحًا من خلال استعراض سريع لقرارات ما يُسمّى مجلس الأمن الدّوليّ، فهو لم يأخذ، ولن يأخذ-في طلّ الوضع القائم- أي قرار لصالح العرب والمسلمين، بينما اتّخذ باستمرار قرارات لمعاقبتهم، وشنّ الحروب عليهم، وفرض حظر على هذه الدّولة أوتلك، أو هذه الجماعة، والحزب أو ذاك، وإن فشل لسبب من الأسباب الّتي -غالبًا -ما تكون بسبب اختلاف مصالح الغرب مع الصين وروسيا-كما هو الحال بشأن إيران، وسوريا، واليمن-فإنّ الطرفين يتّخذان ما يريدان من قرارات ضد العرب والمسلمين، ويُنفذان تلك القرارات بما يمتلكان من قوّة، وبسبب عمالة هذا النظام العربيّ، أو ذاك مع هذا الطّرف أو ذاك.

إنّ ما يحدث في فلسطين منذ السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك أكبر دليل على ظلم هذا العالم للعرب والمسلمين، وإرهابهم بكلّ الوسائل، لا بل تحميلهم مسؤولية الإرهاب الصهيونيّ المدعوم من الغرب والشّرق، الواقع عليه، فالصّهاينة، دنّسوا مقدّسات المسلمين، ومنعوهم من حرية العبادة فيها، ودمّروا مساكنهم وممتلكاتهم، وقطعوا أشجارهم، وأحرقوها، ونهبوا ثرواتهم، وارتكبوا المجازر فيهم؛ شيخوًا، وأطفالًا، ونساء بكل ما يمتلكون من أسلحة فتّاكة، ومُحرّمة دوليًّا، لكنّها حلال ضد العرب والمسلمين بعامّة، والفلسطينيين بخاصّة، وهم إنّما يفعلون ذلك ممارسة لحقّهم المقدّس في الدّفاع عن النّفس كما يدّعي الغرب والشّرق، الّذين زرعوا الكيان الصّهيونيّ بالقوّة في أرض فلسطين منذ ثلاثة وسبعين عامًا، وما زالوا يرعونه، ويمدّونه بكلّ أسباب القوّة والإرهاب.

بناء على ما سبق، فإنَّ من حقّ شعبنا الفلسطينيّ، وشعوب العرب والمسلمين، أن تُعرّف الإرهاب بناء على مصالحها، مواطنين وبلادًا، وأن يكون هذا التعريف جليًّا واضحًا، يستطيع العربيّ والمسلم العمل به، وهو: إنَّ الإرهاب هو: كلُّ ما يمسُّ بالعرب والمسلمين، وأرضهم بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، وعليه يحقُّ لهم الدّفاع عن أنفسهم، وبلادهم بما يُناسب ذلك التّعريف، وعلى مبدأ السّن بالسّنّ، والبادىءُ أظلم.

إنّ هذا التعريف هو وحده الكفيل بقلب السّحر على السّاحر، وبجعل هذا المصطلح قابلًا للتحديد وفق معايير واضحة تحترم حقوق البشر، كلّ البشر في كلّ زمان ومكان.