• 6 تموز 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : احمد صيام

 

في الانظمة الديموقراطية ، تعد المعارضة أحد أركان الدولة الاساسية والدرع الواقي والرادع المساند للحكومة في العودة عن سلوكياتها الخاطئة ، خاصة اذا تمحور عملها في إطار المصلحة الوطنية العليا واعتمدت الوسائل المشروعة في معارضة سياسة الحكومة .

 وكانت تستظل بالمظلة الوطنية وغير خاضعة لرغبات وتوجيهات جهات خارجية هدفها نشر الفوضى وخلق الفتن عبر ممارسة سلوكيات خارجة عن الاطار الوطني والتربص بالمصالح العليا للشعب ..

في تركيا مثلا ، هناك نموذج حضاري وطني سلكته المعارضة بالرغم من الخلاف مع الرئيس اردوغان تجسد في اصطفافها الى جانب خيار الشعب التركي الديموقراطي الذي انتخب اردوغان رئيسا للبلاد معتبرة دعوة الرئيس الامريكي جو بايدن حين وصف الزعيم التركي "بالمستبد" داعيا المعارضة الى العمل على اسقاطه ، بالمخطط الدنيء ، رافضة اي تدخل خارجي بالشأن الداخلي التركي ..

أما في الحالة الفلسطينية ، ربما الامر مختلف قليلا ، ولكن من دون شك هناك الكثير من الاخطاء التي ارتكبتها الحكومة وما زالت خاصة في مجال الحريات ، فما شهدته الساحة مؤخرا من احتجاجات في اعقاب حادثة وفاة المرحوم نزار بنات والرد عليها بوسائل غير حضارية ، كان مؤلما جدا ، فقد جرى تحميل أخطاء فوق اخطاء من كلا الجانبين ، (الحكومة والحراك الذي يقود اعمال الاحتجاج) .. والاخطر من ذلك زج حركة فتح في خضم الامر، ما انعكس سلبا على جماهيرية الحركة ودورها المحوري في عملية التحرر والاستقلال وبناء الدولة .. دورالمعارضة يجب ان يكون وطنيا ، بناءا ، ناضجا ذو رؤى عميقة ومدركا لحجم الساعين في الساحة الداخلية الى شخصنة الامور لتحقيق مصالح ذاتية بحتة ، في مضمونها عدواني مشبوه بصرف النظر من يقف خلفه سواء اطراف رسمية او تنظيمية او حتى شعبية أو أطراف خارجية ، في مجملها بعيدة عن المصلحة الوطنية العليا للشعب ، معارضة تمتلك ادوات وطنية سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية قادرة على وضع برامج تسهم في تصويب الخلل وايجاد بدائل ناجعة لتصويبه بعيدا عن احتجاجات ذات مستويات وشعارات وهتافات متدنية ، بدائل ترتقي الى الصدقية والفاعلية تعكس دورا ايجابيا على الوطن والمواطن .

 وفي المقابل على الحكومة واجهزتها المختلفة تثمين دور معارضة كهذه واخذ ايجابيات ما تطرحه على محمل الجد من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العليا والتفافا على المتربصين الذين لا يعنيهم الخير لابناء الشعب الفلسطيني . لذا المطلوب فورا ومن اجل المصلحة الوطنية العليا ولعدم حرف البوصلة عن الهدف الاسمى الذي ناضل لاجله الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة ولا زال ، ان توقف السلطة ملاحقاتها للناشطين المتظاهرين والشروع بعملية حوار تجتمع فيه كافة الاطر السياسية والتنظيمية والمدنية وتصويب الاخطاء وصون الحريات بما يخدم الوطن والمواطن على مبدأ الشراكة الايجابية في الحكم .

ومن جانب آخر مطلوب من حركة فتح على وجه الخصوص كحاضنة للمشروع الوطني الفلسطيني الابتعاد عن حملات التجييش التي لا تخدم القضية انما تنعكس سلبا على اهداف الحركة الاساسية التي انطلقت لاجلها واجراء مصالحة ذاتية وكافة كوادرها دون استثناء ونفض الغبار عنها وطرد المتسلقين فيها والتموضع في الخندق الشعبي الرافض لسياسة قمع الحريات والتركيز على مقاومة سياسات الاحتلال والحفاظ على السلم الاهلي .