• 18 تموز 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : الشيخ مازن اهرام

 

طاف بالسلام طائف السلام         يوقظ النيام
عهده الوثيق واحة النجاة             أول الطريق هو منتهاه
والمنى قطوف   فى السما تطوف    فى السما تطوف    انقروا الدفوف

طاف هدهد بيت المقدس شرقاً وغرباً يبحث عن مُغيث يكسر قيد الاحتلال ويتنفس الخلاص  وينعم   بالحرية كأسراب  الطيور

يبدأ المشهد الأول في مشهد العرض العسكري العام لنبي الله سليمان عليه السلام وجنوده، بعدما أتوا على وادي النمل، وبعد مقولة النملة، توجه نبي الله سليمان إلي المولي عز وجل بالشكر والدعاء والإنابة، ثم تفقد الطير، كما قال تعالى: 

"وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ " (النمل21و20) فكان نبي الله سليمان في موكبه الضخم المهيب إذ يتفقد الطير فلا يجد الهدهد، وهنا ندرك أن افتقاد سليمان لهذا الهدهد سمة شخصية:

 سمة اليقظة والدقة والحزم، فهو لم يغفل عن غيبة الجندي من هذا الحشد الضخم من الجن والإنس والطير، وهو يسأل عنه

"مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ" ويتضح أنه غائب،

غاب  السواد  الأعظم   و تخلوا   عن القدس  كأن الأمر لا يعنيهم وقد علموا أن مشربهم وقبلتهم ليست القبلة الأولى, وأن معبودهم درهمهم وفرجهم  ولم تلامس مسامعهم  نخوة المعتصم وعندما استغاثت المرأة المسلمة قائلة: "وامعتصماه!"؛  صرخة تحركت لها الجيوش ,سخر منها جندي من جند الروم قائلًا: "ليأتينَّك المعتصم على حصان أبلق!"

 (أي حصان أصيل، بني اللون أبيض القوائم). حمل رجل مسلم تلك الصرخة ومضى بها إلى سامرَّاء عاصمة المعتصم، وتحقق النصر من على حصان أبلق

 عندما يسقط الأخ يصرخ بكلمة أخ ...   ولكن   لم  تصل   لمسامعهم  والأدهى والأمرْ شارك أولئك  بنحر أهل بيت المقدس عدة طعنات في الظهر  في ليلة ظلماء انكشف الغطاء فأضحى عدو الأمس حبيب اليوم  سقطت ورقة التوت  فظهرت عوراتهم  ولكن للبيت رب يحميه ونحن أصحاب الأبل

وقد اقتبست من الأستاذ حلمي الأسمر كلماته حين يطقّ عرق الحياء قائلا

كانت «فلسطين» حاضرة بقوة في «الخطاب» العربي والأجنبي، وكانت عربيا: القضية الأولى للعرب، أعني للرسميين العرب، أو للنظام العربي الرسمي تحديدا، وكان أي عمل ترتكبه دولة العدوان والإجرام، يستفز الناطقين العرب، فيشبعونها إدانة وقدحا وذما، اليوم اختفى كل هذا، وهنا تحديدا مصدر سعادتي، والسبب باختصار: سقوط الأقنعة، وانتهاء عهد الكذب والتدليس، ففلسطين التي كانت «حاضرة» بقوة في «خطاب» العرب والعجم، كانت غائبة بالكامل على الأرض، بل كانت ملقاة في أحضان يهود، وكان ثمة من يحرس حفلة «اغتصابها» ويستمع بشغف واستمتاع لصوتها وهي تتلوى ألما وقهرا، يعني، كله كان ضحكا على الذقون، فلا ممانعون ولا مقاومون ولا خطوط مواجهة ولا دول طوق ولا قومية ولا وطنية، كله «خرط» كوسا، وكان البسطاء من عامة الشعب الفلسطيني والعربي، يفركون أكفهم فرحا بالحناجر الهادرة، وربما يلهبونها تصفيقا، ويعودون آخر الليل لنسائهم وأولادهم يبشرونهم بالتحرير الوشيك

يا أبناء هذا الشعب، ويا أبناء هذه الأمة، فقد رأيتم أخيرا وجوها كالحة بلا أقنعة، وجوها تدعو لتعميم اتفاقات «السلام» الهجينة على بقية البلدان التي وإن كانت لم توقع بعد، إلا أن لها أحيانا علاقات أكثر «حميمية» ممن وقعوا
سقطت   الأقنعة   ولم يعد ثمة ما تنتظرونه من نظام عربي متهتك، مزق حجاب الحياء أخيرا، كبنت الهوى حين «يطق عرق حيائها» وتدعو جهارا نهارا للفاحشة، بل ربما تفتخر أنها تأكل من عرق «شرفها!» وتستمتع بممارسة الرذيلة، وتدعو بقية من بقي لديها شيء من الشرف للعمل صراحة بالدعارة.

هرولوا  للتطبيع   وساءت  وجوههم  فهم الأعراب هم سكان البوادي والبراري، الذين يتتبعون مساقط الغيث ومنابت الكلاء بخلاف أهل الحضر في القرى والأمصار وأخذوا يتطاولون في البنيان تباهي الناس بالعمارات العالية والزخرفة داخل بيوتهم، وذلك بعد أن كانوا حفاة الأقدام وعراةً يرعون الغنم. وذلك بعد فتوحات المسلمين، وكثرة الخيرات والأموال، وشيوع التنافس على الدنيا والوهن الذي أصابهم
والمقصود أن رعاة الغنم من سكان البادية يتركون هذا، ويتجهون من أجل التطاول المباني والعمارات والتنافس على وجه الكبر والفخر والخيلاء في هذه المباني والأبراج، فكلٌ يبني ويريدُ أن يكون ارتفاع بنائه أكبر وأعلى من ارتفاع الآخرِ. والتطاولُ في البنيانِ اليوم عامٌ عند كل العرب وغير العرب، حتى بدأت الدول تتنافس في بناء الأبراج العالية والتطاول والتفاخر والتباهي بها   وقليل  منهم  فضْل الله عليهم نعمة الإسلام وأما اليوم نذكر حديث عائشة ام المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وآله  وصحبه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تعبد في أمتي الأوثان)

وكَمَا فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ: «فَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى يَعْبُدَ فِئَامٌ مِنْ أُمَّتِي الأَوْثَانَ)

بنوا مقام البوذا ودشنوه باحتفال مهيب  وأقاموا  دينا سموه آبراهام خلطوا عملاً صالحاَ وعملاً طالحا 

قال الله عز وجل في سورة التوبة: "الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ على رَسُولِهِ ۗ   وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ  (التوبة -97 )"

ولسان حال هدهد القدس يتلوا

"أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ" بعد هذه المفاجأة أخذا في تفصيل النبأ  اليقين الذي جاء به من "سبأ تبدأ القصة، وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ" أي سرير ملك فخم وضخم، وهذا يدل علي الغني والترف وارتقاء الصناعة، وذكر أنه وجد الملكة وقومها "يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ" (النمل24) وهنا: يعلل ضلال القوم بأن الشيطان زين لهم أعمالهم فأضلهم، فهم لا يهتدون إلي عبادة الله العليم الخبير"

إن أكثر شعوب العالم  تُذبح  كالخراف  ولا تهتز لهم قصبة أموات غير أحياء وكم من مكلوم أصابته ويلات الحروب كم من طفل قضى وكم أمرأه ترملت  وكم من عائلة فقدت مُعيلها  وكم  بيوت تهدمت على رؤوس ساكنيها

يرجع  هدهد   القدس  ليحط على  صخرة  بيت المقدس خاوي الوفاض ليستنجد من   على مآذنها و محراب  صلاح الدين قُم يا صلاح الدين فإن القوم من بعدك غيروا وبدلوا وباعوا وسمسروا  وطبعوا و........

ومع الأسف الشديد فقد أشرع أقوام سهامهم في وجه أهل بيت المقدس فعمدوا إلى  تشويه  صورتهم  وتسويد صحائفهم ، واتهامهم بالنفاق والخيانة ، والردة والتبديل مستدلين بأحاديث أساؤوا فهمها ، وحرفوها عن مواضعها ليتوصلوا من خلالها إلى ما يريدون ، فادعوا أن فلسطين  بيعت بثمن بخس قد بدلوا وغيروا وارتدوا على أدبارهم  

 دعونا نتحدث عن ثقافة هدهد القدس

أخاف ما أخاف على أمتة أضحت غائبةً وتناست  ونُذكْرهم بالقائل

 (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض)  اللهم لا شماتة ولكن فذكر إن نفعت الذكرى فهل من مُجيب 

لك الله يا قدس

 

لكَ اللهُ يا قدسَ العروبةِ حاميَا              وإني بحُكم الله أقبلُ راضيَا   

أخوضُ المنايا فهْيَ أكرمُ منزلاً                وأرحمُ مِن عِرس الذَّليل عَزائيا  

هي القدسُ والأقصى الفؤادُ               ونبضُه فإن يغصِبوها من يردُّ فؤاديا؟ 

أيَرضى كريمُ الأصل هدمَ عروبتي        ويسكُت عنهم مَن يرومُ المَعاليا؟   

فهُبُّوا إليها أنقِذوا شرفَ الأُلى              روَوْها دماءً، هل تضيع دِمائيا؟ 

إلامَ سكوتُ المسلمين على الخنا         وقد لطَّخ الإثمُ الصريحُ النَّواصيا 

إلى الله أشكو ما ألمَّ بقُدسِنا               ومن يَعدمُ الحسنى يعدُّ المخازيا   

لحا اللهُ أعدائي وبدَّدَ شملَهم              كما بدَّدوا شملي وشدُّوا وَثاقيا   

رماني زَماني باليهودِ ومَكرِهم               ومَن ذاق ألوانَ العذابِ خلا بيا  

ولو كان مكرًا طارئًا لَمحوتُه                ولكنَّه حقدُ القرونِ الخواليا  

محَوني بتوطينٍ وسلبٍ وخسَّة            وكادوا فما أبقَوا عليَّ ولا ليا  

وراحوا بأهلي ينكَؤون جِراحَهم            وقد كثُرَت حولَ الجراحِ الدواهيا   

بني يَعرُبٍ صار الأعزُّ أذلَّهم                  يُصانع جبَّارًا خبيثًا مُداجيا

عشقتُ الليالي السُّودَ حتى                 وجدْتُني أليفَ دياجيها أصوغُ مراثيا  

وسلَّمتُ أمري للسِّياسة آملاً                سلامَ أمانٍ لا سلامَ أمانيا  

جنحتُ إلى السِّلم المهين لعلَّني           أروِّض آسادًا خُلقن ضواريا

وقالوا: حبال السِّلم توثِقُ غدرَهم        وما عَلِموا. كانَ اليهودُ أفاعيا 

فلا الأرضُ عادت بالسَّلام لأهلها          ولا اجتمع الشملُ الممزَّق ثانيا  

وهذي جبال القدس تَزرع غرقدًا          كأنْ لم تكن بالأمسِ تحضُن غاليا 

منِ اعتزَّ بالأعداء ذلَّ                      مذلةً يظلُّ لهم عبدًا من العزِّ عاريا 

  لكَ اللهُ يا قدسَ العروبةِ حاميَا             وإني بحُكم الله أقبلُ راضيَا 

هي القدسُ والأقصى الفؤادُ ونبضُه       فإن يغصِبوها من يردُّ فؤاديا؟ 

أيَرضى كريمُ الأصل هدمَ عروبتي         ويسكُت عنهم مَن يرومُ المَعاليا؟ 

فهُبُّوا إليها أنقِذوا شرفَ الأُلى              روَوْها دماءً، هل تضيع دِمائيا؟ 

إلامَ سكوتُ المسلمين على الخنا        إلى الله أشكو ما ألمَّ بقُدسِنا     

وسلَّمتُ أمري للسِّياسة آملاً               سلامَ أمانٍ لا سلامَ أمانيا

المراجع:

1) قصيدة رابعة العدوية

2) حديث  عائشة  لا تقوم الساعة حتى تعبد في أمتي الأوثان

3) حَدِيثِ ثَوْبَانَ: «فَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى يَعْبُدَ فِئَامٌ مِنْ أُمَّتِي الأَوْثَانَ

4) سورة  (النمل21و20)

5) الاستاذ  حلمي الأسمر /  جريدة الدستور

6) سورة(التوبة -97 )

7) قصيدة  الشاعر عيسى النتشة