• 7 أيلول 2021
  • أقلام مقدسية

بقلم :  الشيخ مازن اهرام

 

لقد إرتوت أرض بيت المقدس  وفلسطين بدماء الشهداء  الفلسطينيون والأردنيون  ومن مختلف البلاد العربية والأسلامية   وإحقاقاً للحق فإن الجيش الأردني بتميزه  وإنتمائه  لون آخر .

واليوم نشهد مراسم  عسكرية  لدفن  رفات  الشهيد الأردني والذي استشهد  في القدس عام 1967م   وقد أُقيمت  صلاة الجنازة  على الشهيد في المسجد الأقصى المبارك  ومن ثم  مواراة  رفاته  الثرى  في مقبرة  الشهداء  وتم تشيع  رفاة  الشهيد  في جنازة  عسكرية  بحضور  مجموعة  من كبار  ضباط  الجيش الأردني  المصطفوي  وبحضور عدد من القامات المقدسية  وعدد من أهالي بيت المقدس  والذي تم العثور  عليه  في موقع  تلة الذخيرة  على مقربة  من حي الشيخ جراح  في مدينة القدس .

 ومن سفوح  تلال القدس  من الجهة الغربية  تقع تلة الذخيرة في حي الشيخ جراح  كتيبة الحسين الثانية  والتي أطلق عليها المغفور له الملك حسين ب (أُم الشهداء ) والتي إستبسل على ترابها كوكبة من الجنود الأردنيون  خلال حرب عام 1967م  تروي حكايات  وبطولات لأمجاد سبعة وتسعون شهيداً  إرتقوا  بأرواحهم تلك المعركة وعلى تلة الذخيرة أبطال الجيش الأردني ألمصطفوي الأسود  إرتأوا أن تكون خنادقهم في الصف الأول دفاعاً عن القدس  وأن إيمانهم بالله   ورباطهم في القدس  وصبرهم خلال يومين  من المجابهة   والمدافعة  صمدت تلك الفئة المؤمنة

( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(البقرة 249)

لقد واجه المحتل  بجنوده وطائراته ومدافعه  ودبابته  وقذائفه  مُعتقداً أن يحارب  رتلاً من الجنود مُعتقداً  أنه يواجه  عدة كتائب من الجيش  ورغم تفوقه العسكري  وحصوله على أعتى الأسلحة  شرقاً وغرباً .

إلا الصمود الذي سطره الجيش المصطفوي  فاق كل تصور أولاً إيمانه بالله وعقيدته  ثم إيمانه  بقضيته

 وقد ورد  عن الكاتب  الباكستاني  سيد علي العروس  مؤلف كتاب  (الجيش العربي الهاشمي )قال  نقلاً عن  وزير الدفاع موشى ديان  عام 1967م :

كانت معركة تل الذخيرة  من أعنف  المعارك  التي خاضتها  أفضل  القوات الإسرائيلة  ضد القوات الأردنية  المدافعة  فقد وجد الإسرائيليون  أنفسهم  بعد أن اخترقوا  جدار  الأسلاك  الشائكة  وحقول الألغام  يخوضون  معركة  ضد عدو مصمم  على الدفاع  لآخر طلقة  وآخر رجل  وقد التحم  الطرفان  في قتال  بالقنابل  اليدوية  والحراب ( السلاح الأبيض)  والأيدي  وخسرت  ثواتنا  واحد وعشرون  قتيلاً  وجرح  أكثر من  نصف القوات  المهاجمة من  الضباط والجنود . 

وخير شهادة ما شهدت به الأعداء

ومن مذكرات  العقيد مردخاي  غور  قائد لواء المظليين  الإسرائيلي

( عليً أن أقول  بأنه  على الرغم  من أنني  اشتركت  في عدة معارك  في حياتي  العسكرية  إلا  أن ما شاهدته  في هذه  المنطقة  وما سمعته من القادة  خلال تجوالي  عليهم  من موقع الى موقع  كان أمراً لايصدق  وكما قال لي أحد القادة ( عندما سرت  باتجاه  مفترق  الطرق كان معي  أربعة  جنود  فقط  ممن بقوا  أحياء  من سريتي ) وهناك سرية  أخرى  كانت قد احتلت  هضبة السلاح  من الناحية الجنوبية  ولم يبق  منها  بعد انتهاء  العملية  سوى سبعة جنود )

الارض وحدها  شاهد عيان

من القصص التي تأبى مغادرة ذاكرة المسنين المقدسيين رغم دفن أبطالها منذ عقود، هي شجاعة واستبسال الجنود الأردنيين في دفاعهم عن الأرض في حربي عام 1948 و1967 رغم تلقيهم الأوامر بالانسحاب

قصص الاستبسال التي تلاها استشهاد 364 جنديا أردنيا في حرب عام 1948، و587 في حرب عام 1967 تركت أثرا خاصا في نفوس من شارك في البحث عن جثث الجنود وبادر في مواراتهم الثرى

في عام 1975، تم افتتاح موقع النصب التذكاري والمتحف على التلة، محافظة على جزء من الموقع القديم وفتح متحف في الملجأ. وبالإضافة إلى ذلك، تم زرع 182 شجرة زيتون على التلة، إحياءً لذكرى الجنود الإسرائيليين الـ 182 الذين سقطوا خلال حرب 1967. وفي عام 1987، أُعلن الموقع موقعًا للنصب التذكاري الوطني وقد كُتب على  النصب التذكاري لجيش الإحتلال أنه يوم أسود

ولقبور الجنود الأردنيين في أحراش عمواس قصة مع الموثق والباحث المقدسي طارق البكري،

 الذي كان يسير فيها فوجد شاهد قبر لجندي استشهد في حرب عام 1948، فتابع البحث حتى وجد ثمانية شواهد غمر التراب بعضها، واضطر للحفر حتى يتمكن من قراءة معلومات الشهيد كاملة

كان شرقي القدس قبل احتلاله عام 1967 يخضع للحكم الأردني، وخاض الجيش الأردني نحو 39 معركة لحمايته إلى جانب الفلسطينيين والعرب من جنسيات مختلفة، وتظهر آثار ثكنات جيشه حتى اليوم في مناطق مختلفة من القدس.

 ويذكر المقدسي محمد جاد الله "أبو نهاد" (100 عام) العديد من الجنود الأردنيين الذين قاتل إلى جانبهم على سور القدس وساحات المسجد الأقصى وباب الجديد والخليل والنبي داود وصور باهر وبيت صفافا

اضرحة شهداء الجيش العربي الاردني في فلسطين

بدأ مشروع توثيق اضرحة شهداء الجيش العربي الاردني وكذلك ميادين المعارك في فلسطين منذ عام 2011 وبدعم من قواتنا المسلحة الاردنية ، وقمت خلال هذه السنوات وما قبلها باكثر من 15 زيارة ميدانية شملت كل انحاء فلسطين بما فيها الاراضي المحتلة ،ورصدت خلالها اكثر من 35 موقعا فيها شهداء جيشنا الاردني اما بقبر منفرد او مقبرة كاملة تضم مثلا خمسة اضرحة كما هي في طوباس او 13 ضريحا كما هي في بلدة الكفير او اكثر من 30 شهيدا كما هي في مقبرة البيرة في رام الله ، او ثمانية شهداء كما هي في اليامون في جنين او مقبرة جماعية تضم اكثر من 120 شهيدا كما هو الامر في مقبرة الرحمة في القدس العربية.
وهناك مواقع كثيرة متفرقة من بيت لقيا الى بيت عور التحتا الى منطقة العبيدية ودار صلاح وعمواس وبيت نوبا ويالو وبيت عوا وصوريف والزبابدة وطريق الجامعة الامريكية وجينسافوط ويعبد وبلعا ونابلس ومخيم عين الما وبيت ايبا والنبي صموئيل وقشطة وبدو ورافات ووادي الباذان نابلس وغيرها الكثير والتي تشرفت بزيارتها
وشمل التوثيق اعداد خارطة شاملة عليها تم توضيع وفق الاحداثيات موقع كل قبر وبتنفيذ من المركز الجغرافي الاردني ،وتم اصدار موسوعة الشهداء في جزئها الاول عن قيادة الجيش العربي الاردني والعمل مستمر في التوثيق والدراسة لاضرحة الشهداء الاردنيين
ولكن علينا ان ننظر بعين التقدير لكل من يتحدث عن هذه الاضرحة باية وسيلة كانت انصافا لدور الجيش العربي الاردني وتقديرا لتضحيات هؤلاء الشهداء الاردنيين

ولقد كرم جلالة الملك  عبدالله الثاني  عدد من المقدسيين الذين حافظو وشاركوا ووثقوا مآثر  الجيش الأردني  في عاصمة الأردن  في مناسبات عديدة و لتبقى وحدة الدم والمصير  بين الشعبيين  خالدة  تروي الحكايات وتاريخ الأمجاد  وتسطر لها تاريخ العز والفخار

(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا(الأحزاب 23)


المراجع:

1) سورة البقرة أية 249

2) الكاتب  الباكستاني  سيد علي العروس  مؤلف كتاب  (الجيش العربي الهاشمي )

3)موشى ديان  ولد في 20 مايو 1915 في كيبوتس دغانيا – توفي في تل ابيب في 16 أكتوبر 1981)، هو عسكري وسياسي إسرائيلي. يُترجم اسمه بالعبرية "القاضي موسى تولّى مناصب رئاسة أركان الجيش الاسرائيلي ووزارة الزراعة والدفاع والخارجية. لعب أدوار أساسية في حروب إسرائيل الأولى، اعتبر بطل النصر في إسرائيل في حرب 1967، وتم تحميله مسؤولية الفشل في حرب أكتوبر 1973، ضمن منصبه كوزير للخارجية ساهم في بلورة اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر. تعتبر شخصية دايان من أكثر الشخصيات الإسرائيلية تنوعًا وتركيبًا وإثارة للجدل، فإلى جانب دهائه وقدرته العسكرية والسياسية والعملية الهائلة التي جعلته محط الأنظار، تميّز بنمط الحياة المتطرف، الفضائح الشخصية والعاطفية، شغفه باقتناء وسرقة الآثار القديمة من

4) مذكرات  العقيد مردخاي  غور  قائد لواء المظليين  الإسرائيلي الذي كاد ان يفقد  صوابه  من مقاومة  جنود الكتيبة  التي ابيدت عن  بكرة أبيها

5) د.بكر خازر المجالي