• 16 أيلول 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

 

اثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل  قنصلية سعودية في تركيا , ازدادت حدة الانتقادات السياسية في الولايات المتحدة لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب , و علاقات إدارته  الحميمة مع المملكة  السعودية , فالصحفي الخاشقجي , كان له وجود مهم , و مقالات في كبريات الصحف الأمريكية , و معروف بتأييده للسياسات الأمريكية و خاصة الديمقراطية منها وشارك في التنظير الأمريكي – الغربي للربيع الزائف  , بالطبع كان للطريقة الدموية التي قيل انه قتل بها و قطع اربأ , أمر من الصعب إن لم يكن من المستحيل الدفاع عنه .

لم تلق إدارة ترامب بالا لهذه الانتقادات , و جاء الرد في أكثر من خطاب جماهيري للرئيس ترامب , في تلك الخطابات , لم يتطرق ترامب   للجريمة , و إنما تعامل معها بإهمال , و لكنه شدد على أن السعوديين شركاء و زبائن أسخياء في الدفع , فلقد اشتروا من الولايات المتحدة بضائع بقيمة 450 مليار دولار , وزاد على ذلك إذ انه ذكر متبجحا انه أجرى مكالمة هاتفية مع الملك سلمان خاطبه بها على النحو الذي ذكره لجمهوره في أكثر من خطاب : اسمع أيها الملك , نحن من يدافع عنكم , إنكم لن تستطيعوا البقاء لأكثر من أسبوعين دون دعم الجيش الأمريكي , أنت ربما لن تستطيع الاحتفاظ بطائرتك , أنت تملك أمولا كثيرة , و لذلك عليك أن تدفع , و هكذا أخذت منهم بمكالمة هاتفية قصيرة  500,000000000 مليار دولار , و أكمل ترامب بأن الملك السعودي بدا مرتبكا و مستهجنا هذا الأسلوب غير السياسي – الدبلوماسي , مؤكدا أن أحدا من الرؤساء الأمريكيين لم يتحدث معهم في مثل هذا الأسلوب , فأجابه ترامب : لأنهم كانوا أغبياء . فهل الرئيس الأمريكي الحالي و إدارته من الأغبياء حسب وصف ترامب ؟ أم أنهم يفوقون ترامب ذكاء و دهاء , لدرجة تجعلهم  قادرين على استلاب ما هو أكثر و لكن بأسلوب مختلف ؟

قبيل عشرينية أحداث برجي التجارة في نيويورك , في الحادي عشر من أيلول 2001 , لم يكن الرئيس بايدن في وضع مريح , وذلك بسبب ما حدث في أفغانستان , و السرعة التي نفذت بها حركة طالبان و أحكمت سيطرتها على كامل البلاد و على العاصمة كابول , و بوقت قصير لم يحسب له الأمريكان حسابا دقيقا , إذ كانوا يأملون – أو متفقين مع طالبان على خروج مريح و متمهل , و حافظ لماء وجههم , و قد وصل الإرباك في البيت الأبيض لدرجه اضطرت بايدن لتأجيل مواعيد هامة  كانت مقررة منذ وقت سابق , و من هذه المواعيد , لقاؤه مع رئيس الوزراء ( ألإسرائيلي ) نفتالي بينت ,  لقد كان للتداعيات الأفغانية , أثر شعبي في غير صالح إدارة بايدن مع اقتراب الانتخابات النصفية للمجالس التشريعية , و كذلك فقد مس الحدث الأفغاني من  هيبة الولايات المتحدة عالميا , مما خلق حاجه ملحة عند الإدارة الأمريكية للتغطية عليها , و ذلك بالإعلان عن ضرورة كشف ما جرى في الحادي عشر من أيلول, و حق المواطن الأمريكي بمعرفة الحقيقة , و المتورطين بها بناء على التحقيقات  التي أجرتها مجموعة من المؤسسات الأمريكية , و ذلك دون ألتغطيه او التمويه على الأسماء المتورطة بهذا العمل – هكذا قالوا - .

قبل نشر التقرير , كان العالم يعرف و منذ سنوات طويلة , كيف و لماذا تأسست القاعدة , و عن تمويلها و توظيفها و استخداماتها , فالأساس في صناعة هذا التنظيم , كان التحالف غير المتكافئ , بين الولايات المتحدة ممثلة لا في مخابراتها المركزية فحسب و إنما في كامل مؤسساتها السياسية و المالية و العسكرية , مع الدولة السعودية , بما فيها جهاز استخباراتها و رئيسه في حينه الأمير تركي الفيصل , و رجاله وأهمهم عبد الله عزام و أسامة بن لادن , الذين استثمروا بالمال و الفقه في صناعه أرواح مسمومة و نفوس مريضه , مسلحة بالنار و الكراهية , رافضه للآخر , ذات أفق واحد ضيق , و ذلك بهدف مصارعه الاتحاد السوفيتي , اثر دخوله أفغانستان عام 1979 , مما أرهق السوفييت , و أذلهم و ساهم لاحقا في انهيار و تفكك الاتحاد السوفيتي و من ثم حلف وارسو و سائر المنظومة الاشتراكية .

نشر التحقيقات و إعلانها سيكون من أهم التداعيات الأفغانية , فالنشر يفضح الدور السعودي , أفرادا و عرشا و مؤسسات و قنصليات و سفارات , الذي استمر بالعلاقة مع هؤلاء لاعتبارات وهابية , و لكن دون القدرة على السيطرة عليها , ستذكر التحقيقات و لا بد أسماء , من استمر بدعم و تمويل القاعدة و رعايتهم , و رعى المؤسسات الأصولية المتشددة التي تحمل أفكار التطرف و العنف , التي لم تتوقف السعودية عن تمويلها بعد انتهاء وظيفتها , امتدت في تأثيرها على المراكز الإسلامية و المساجد التي تمولها السعودية , دولة أو أمراء أو مؤسسات ,  هذه المؤسسات و تشعباتها قد استمرأت لعبة الحرب و وجدت بها مهنة و جهادا مقدسا , وصل إرهابها إلى الحد الذي جرى في الحادي عشر من أيلول 2001 .

لا بد من إنعاش الذاكرة قليلا لفهم ما سيجرى في هذا الملف ,  و ذلك في العودة إلى قضية الطائرة الأمريكية التي سقطت على منازل قرية لو كيربي الاسكتلندية عام 1988, وقد كان على متنها 270 راكبا , اتهمت الولايات المتحدة في حينه  النظام الليبي بإسقاط الطائرة و بان عملاء تابعين له هم من وضع المواد المتفجرة بالطائرة , و مع أن القرائن التي دبجتها الإدارة الأمريكية للقذافي و ليبيا كانت ضعيفة , و غير مقنعه , إلا أنها قادت إلى حصار ليبيا , ثم إلى تدمير مشاريعها الصناعية و التسليحيه و النووية , سواء أكانت جديه أم فقاعات دعائية , و في إجبار النظام على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها بالغالب , و أدت إلى خسارة مئات المليارات , إن بسبب ما ألحقه الحصار من خسائر و إن بشكل رشا دفعها القذافي لوسطاء , و إن ما تم دفعه لذوي الضحايا , المائتين و سبعين , في النهاية , أصبح نظام القذافي بعد نزع أسلحته و إذلال قيادته , من الهشاشة و الضعف بحث سقط بشكل مهين .

لما كان ذلك كذلك , و عند الإعلان عن هذه التحقيقات و نشرها , فان قرابة ثلاثة آلاف من ذوي قتلى برجي التجارة , و أضعافهم من الجرحى و المصابين و المتضررين , سيتوجهون إلى القضاء الأمريكي للشكوى على السعودية , و من اجل الحصول على تعويضات سخية , و هي فرصة بايدن لابتزاز السعودية بما يفوق رقم نصف تريليون دولار التي تبجح بها الرئيس السابق دونالد ترامب , بايدن الديمقراطي الرقيق , سيبدو بمظهر المدافع عن حقوق المواطن الأمريكي , و عن القتلى الأبرياء , و المتضررين , و عدوا للشرير المجرم , ثم ان هناك  فرصة للحصول على مبالغ إضافية , عن طريق التدخل لشطب اسم و للتمويه على معلومة , من شانها أن تطيح بكوفيات معتدة بنفسها , و الزج بعباءات أنيقة بالسجون , سواء من العائلة السعودية المالكة , أو من كبار و صغار موظفيها , بهذا تصرف السعودية في زمن الرئيس الديمقراطي , كل ما في الجيب , و معظم ما في الغيب , من أموال و عائدات كان يجب أن تكون من نصيب أجيال سعودية لم تولد بعد .