• 30 تشرين أول 2022
  • أقلام مقدسية

 

  بقلم : أحمد صيام

 

ليس بالضرورة ان يكون الصمت بلا صوت ، فقد يتبلور عنه اصوات بشكل مختلف عما هو معهود تدوي في ارجاء المعمورة بل تكاد تقض مضاجع القاصي والداني .. فمن دون شك ان اعمال المقاومة الجارية الحالية في الضفة الغربية والتي تتباناها مجموعة من الشباب الفلسطيني في ارجاء الضفة الغربية حيث هناك " عرين الاسود في نابلس وكتيبة جنين في جنين وأسد الحق في الخليل "  وربما هناك ما هو قادم في المستقبل ، مجموعة او ثلة التي استلهمت تجربتها من اجيال سبقتها في النضال وخاضت كل الوسائل السلمية المسلحة والتفاوضية مع الاحتلال الاسرائيلي بحثا عن الانعتاق من العبودية والسير نحو الحرية والاستقلال ولكن دون نتائج تذكر خاصة في الحلول السلمية  ، بل بالعكس وربما الافراط في الميل للحلول السلمية دفع بالاحتلال الى تصعيد ممارساته التعسفية بحق الشعب الفلسطيني وخاصة تلك التي يقوم بها المستوطنين المتطرفين بحق البشر والحجر والشجر، ولعل ما تعرضت له نابلس من عدوان بربري وما زالت والذي يريقى لمستوى جرائم الحرب ، واغتيال البعض من هذه المجموعة اقرب مثال على كرة الثلج المتدحرجة في الضفة الغربية والتي قد تمتد لتغطي الضفة الغربية برمتها . 

فمن هم هؤلاء المجموعات الاخذة بالتمدد الافقي في الضفة الغربية ؟ هم ثلة من الشباب الثائر خرجوا من رحم المعاناة والجرائم الاسرائيلية بحق ابناء شعبهم وتمردوا على الواقع السائد الذي تميز بانسداد افق الحلول السلمية ، شباب آمنوا بربهم اولا وبحق العيش بكرامة وحرية اسوة بباقي الشعوب فاختاروا التضحية بارواحهم ليرووا بدمائهم الزكية تراب وطنهم لتنير درب الاجيال القادمة يكملوا مسيرة الشهداء الاكرم منا جميعا . 

شباب اضحوا صوت صمت الموقف الداخلي المختلف مع نفسه بشكل يعاكس طريق الوحدة الوطنية ولا يعير اي اهمية للمصلحة الوطنية العليا ويؤثر المصالح الفئوية او الذاتية عليها الى درجة وصلت لاستخدام وسائل غير شرعية لتحقيق مآرب ذاتية محضة !! شباب نجحوا في تحقيق الوحدة الوطنية بالميدان لذلك كانوا صوت صمت شرفاء الشعب الفلسطيني المهمشين وسط قيادة فشلت اكثر من مرة في تحقيق الوحدة الوطنية !! شباب يرون كل يوم مقدساتهم الاسلامية والمسيحية تستباح على مرأى ومسمع العالم فاضحوا صوت الصمت الحزين للاقصى يصدح بالتكبيرات وصوت صمت القيامة واجراسها تدق ترانيم الحرية .. شباب اضحوا صوت صمت شرفاء الامة العربية ، فيما زعمائها تهرول نحو التطبيع مع طرف ليتخذوا منه حليفا يستقون به على شعوبهم اولا ولو وصل الامر لارتكاب مجازر بحقها كي لا يخسروا كرسي السلطة !! شباب اضحوا صوت يعكس صمت الموقف الدولي المتخاذل والذي يكيل بمكيالين حين يقف الامر عند الحق الفلسطيني الشرعي !! 

هذه الثلة اختارت المقاومة وسيلة لتحقيق الاهداف التي ينشدها كل فلسطيني ، في وقت تخلى عنها الاقربون ويمكن القول ان هذه الثلة وما تقوم به من فعل مقاوم ، خارجة عن ارادة المستوى السياسي والامني الرسمي الفلسطيني والعربي ، ولكنها نجحت في استقطاب التأييد الشعبي بكل اطيافه .. تأييد يؤكد حقيقة شعب عانى بما فيه الكفاية من ويلات الاحتلال وتبعات عملية اطلق عليها "سلمية" لكنها في واقع الامركانت فخا سقطت فيه الثورة الفلسطينية وعبدت بشلال من الدم الفلسطيني ومؤامرة شارك فيها خاط خيوطها العجم وشارك فيها العرب ، شعب اعلن للملىء وبصوت مدوي من خلال صوت هذه الثلة  رفضه لحياة الذل والهوان .. تأييد يعتبر شكلا من اشكال الحاضنة الشعبية كان حتى اللحظة احد اهم اسباب صمود هذه الثلة بوجه اعتى الة عسكرية في المنطقة ، وهو ما يقلق الاحتلال واعوانه ، وبالرغم من نجاح الاحتلال في اصطياد بعض من عناصر هذه الثلة الا انها تمكنت من تحقيق شكل من اشكال الاستنزاف لدولة الاحتلال الاسرائيلي والتي لم تعشها بعد حرب الاستنزاف مع مصر اوائل عقد السبعينات ، ومن هنا طال التحريض الاسرائيلي الاعلامي الرسمي عموم الشعب الفلسطيني ووصل التحريض الى القيادة الفلسطينية بحجة دعمها  او غضها الطرف عن هذه المجموعة !! لانه يخشى اندلاع انتفاضة تختلف عن سابقاتها قد توقع خسائر نوعية غير متوقعة ، فالاحتلال يدرك انه بات امام شكل اخر من النضال الفلسطيني ، امام مجموعات قد تكون قليلة الخبرات الامنية والعسكرية الا انها بعيدة عن طريقة تفكير الفصائل الفلسطينية ، ومن هنا أتى حصار محافظة نابلس الجائر لاستنزاف المواطنين وقد يتبعه حصار اخر على مناطق عدة في الضفة الغربية ، وبالتالي اللعب على خلخلة التعاطف الشعبي وضرب الحاضنة الشعبية لهذه الثلة ، والتي تحمل في ثناياها رسالة واضحة المعالم اول اسطرها رفع الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بشتى الوسائل المتاحة حتى لو ادى الامر الى التضحية بالارواح في سبيل ذلك ، ما يعني ان حالة الوعي الشعبي الرافض للواقع  في ازدياد،  ومن هنا يظهر جليا الاحتضان الشعبي للمقاومين في نابلس وجنين والخليل مرورا بمخيم شعفاط الذي احتضن الشهيد عدي التميمي وهي حالة توازي في أثرها الفعل المقاوم نفسه ، هذه الحاضنة من دون شك بحاجة الى شكل من اشكال التحصين النوعي من قمة الهرم وذوي الشأن الكفاحي والسياسي للحد من تبعات استهداف الاحتلال واجراءاته التعسفية بحق الارض والانسان الفلسطيني ، خاصة وان هذه الثلة اخذت على عاتقها قيادة معركة الوجود الفلسطيني  متجاوزة القيادات السياسية والامنية بعد نحو ثلاثين عاما من مفاوضات سلمية باتت عبثية وسط التعنت الاسرائيلي الرافض لقرارات الشرعية الدولية والرافض لاحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية . 

الايام القادمة حبلى وستكشف ان كانت هذه الثلة بداية لمرحلة جديد من نضال الشعب الفلسطيني  بقيادة جيل عنيد ليس لديه ما يخسره مستعينا بخبرات اجيال سابقة ومستمد قوته من الخلل الظاهر في الجبهة الداخلية الفلسطينية أعقبها طعنات من بعض العرب في الخاصرة الفلسطينية  وسياسة دولية حلزونية لا تضع معاناة الشعب الفلسطيني ضمن اولوياتها .